(5/1) السّرطان الحقيقيّ: الحركة المَسكونيّة - الجزء الأول

نقطة انطلاق الحركة المسكونيّة ومُعارضة الآباء في الجبل المقدَّس

الفئة:مسكونيات

 السّرطان الحقيقيّ: الحركة المَسكونيّة - الجزء الأول (5/1)

نقطة انطلاق الحركة المسكونيّة ومُعارضة الآباء في الجبل المقدَّس

إعداد وتعريب: إدي بطرس

 

المُقدِّمة

«كلا، لا يُمكِنُنا الذَّهاب، لأنَّ البابويَّة والبابا لَيْسا مُستَعِدَّيْن. لديهما الكثير مِن الأنانيَّة. إنَّهما لا يرغبان في إخضاعِنا لأنفُسِهِما فحسب، لكنَّهُما أيضًا لا يؤمِنان بِأنَّنا نَملِكُ الحقيقة. لا حاجةَ لنا بِالذَّهاب، يُمكِنُنا المساعَدة بِشَكلٍ أفضلَ بِصَلواتِنا»1.

لقد صَدرَت هذه الإجابةُ عن القدّيس باييسيوس الآثوسيّ والقدّيس بورفيريوس، دون أيّ تواصُلٍ بينهما، لأنُّهما كانا مُرشَدان مِن الرّوح ومِن الله. كان هذا الرَّدُّ على "البابا" في ذلك الوقت، الذي، بَعد أن أُبلِغَ عن وُجودِ هؤلاء الشُّيوخ القدّيسين وعن تأثيرِهِم على الشَّعبِ الأرثوذكسيّ، رَغِبَ في مُقابَلَتِهم. أَرسَلَ بَعضَ النّاس ليَفحَصوا الوضعَ ومَعرفة ما إذا كانوا يَرغبون بِالفِعلِ في مُقابَلَتِه. بِالتَّأكيد، كان هذا الاجتماع مُستَحِيلًا2. إنَّ هذه الممارسة المسكونيَّة هي نموذجيٌّة لِأعمال رأسِ البابويَّة.

لِتَعريفِ الحركةِ المسْكونيَّة بإيجازٍ، يُمكِنُ أنْ يَكونَ ما يلي كافِيًا: «إنَّها حركةٌ تُعلِنُ أن هَدفَها هو تَوحيد العالم المسيحيّ المنقَسِم (الأرثوذكسيَّة والبابويَّة والبروتستانتيَّة، إلخ). إنَّ فِكرةَ التَّوحيدِ هذه تُحرِّكُ كلَّ روحٍ مَسيحيَّة حَسّاسَة وتُرَدِّدُ صَدى رَغباتِها العَميقَة. هذه هي بِالضَّبط الفِكرة التي اسْتَحوَذَت عليها الحركَة المسْكونيَّة أيضًا. لكنَّ هذه الرّؤية الموَحِّدَة - وهي رؤيةٌ روحيَّة بامتياز - تَعتَمِدُ بِشَكلٍ أساسِيٍّ على الجُهودِ البَشَرِيَّة وليس على قوة الرّوح القُدُس»3.

على كُلِّ حال، «إنَّنا نَعلَمُ جيّدًا مِن التّاريخ ومِن خِبرتنا الحاليَّة أنَّ البابا لا يَرغَبُ في اتِّحادٍ حقيقيٍّ لِلكَنائس على أساسِ الحقيقةِ الإلهيَّة، بل بِإخضاعِ الأرثوذكسيَّة لأوَّلويَّتِه. هذه كانت رَغبته التي لا تُشبَع في كلِّ الأزمنة. لَطالما رأى الاتِّحاد على أنَّه قُبولٌ مِن جانِبنا لأوَّلِيَّتِه»4. «تهدف الحركة المسكونيَّة بِالمفهوم الكاثوليكيّ إلى تَوْحيدِ بَقِيَّة المسيحيّين تحت قِيادة البابا كَرئيسٍ لِجَميعِ الهيئات المسيحيَّة»5. هذا السَّرطان، أي المسكونيَّة، ليس مُنتَشِرًا فقط بين الهراطِقَة ولكنْ أيضًا داخلَ كنيستنا الأرثوذكسيَّة.
 

نُقطة انطلاق الحَركَة المَسكونِيَّة ومُعارَضَة الآباء في الجَبل المُقدَّس

يُعتبَر بَطرِيَرك القِسْطَنطينيَّة أثيناغوراس الأوَّل قائد الحركة المسكونيَّة وقد تحقَّق ذلك عام 19636. في كُلِّ الأحوال، «لم تكُن هذه بِداية الحركة المسكونيَّة. تعود بِدايَة المشاركة النّاشِطَة لِلكَنيسة الأرثوذكسيَّة في هذه الحركة إلى عام 1924. في ذلك العام، أدخل بطريرك القِسطَنطينيَّة ميليتوس ميتاخاكيس التَّقويم الغريغوريَّ البابويَّ أو ’الجديد‘ إلى كنيسة القِسطَنطينيَّة ومِن خلالِ دَهائه أدخلَها أيضًا إلى كنيسة اليونان. كان هذا ابتكارًا ذا دوافع سِياسِيَّة»7. بِالعَودةِ إلى أثيناغوراس، أدَّت تصرُّفاتُه إلى إيقافِ ذِكر رِئاسَتِه في الذَّبيحةِ الإلهيَّة في الجبل المقدَّس. «كان الرّأي السّائد هنا كما هو الحال في أيِّ مَكانٍ آخرَ في الجبل، هو أنَّ البطريركَ قد أثبت بِوضوحٍ مِن خلال أقواله وأفعاله أنّه لم يَعُد مَسيحيًّا أرثوذكسيًّا، وبالتّالي لا ينبغي ذِكر رئاسته في الذَّبيحةِ الإلهيَّة»8. عندما سُئلَ عن البطريرك، أجاب الأب فيساريون الذي مِن دير غريغوريو: «إنَّني لا أوافق على هذا أبدًا، وكتبت له مُلتمِسًا أنْ يتوقَّفَ عَن أعمالِه لأنّها تشمُلُ ما يتعارَض مع قوانين كنيستِنا المقدَّسة وتشمُلُ أيضًا الإدلاء بِتَصريحاتٍ تَدُلُّ على إرتدادٍ عن الإيمان الأرثوذكسيّ. كتبَ آخرون في الجبل المقدس رسائلَ مُماثِلة لكنَّه لم يُجِب على أيٍّ مِنها. نحن مِن جانبنا قد تَوقَّفْنا عن ذِكر رِئاسَتِه في القُدّاس الإلهيّ»9.

في عَدَدِ عام 1967 مِن المجلَّة الدَّورِيَّة لِلدَّير، يقول الأب فيساريون: «إنَّ الجبلَ المقدَّس اليوم في حالةِ عذابٍ واضطرابٍ بِجُملَتِه نَتيجةَ تَجاوُزاتِ البَطرِيَرك المتهَوِّرَة. نعني تصريحاته بِ’أنَّ لا شَيء يَفصِلُنا عن اللاتين‘ ، وأنَّ ’العقائد سَتُوضَعُ في المخزن‘ ، وأنَّ ’الوِحدة ستتحقَّق وليُواصِل اللاهوتِيّون حِواراتِهِم‘ ، وأنَّ ’اللاهوت يساوي المحبَّة‘؛ والأمر الأكثر إثارة لِلصَّدمة هو أنَّه كان يُشارِكُ في الصَّلواتِ والطُّقوسِ مع غيرِ الأرثوذكسيّين ويَسمحُ لَهُم بِمُباركَةِ المؤمنينَ الأرثوذكسيّين كما لو كانوا (أي غير الأرثوذكسيّين) مِن الإكليروس الأرثوذكس، وبِالتّالي يَدوسونَ على القوانين المقدَّسة»10.صرَّحَ الأرشمندريت جبرائيل الذي مِن دير ذيونيسيو في المَجَلَّة الدَّوريَّة «المكتبة الآثوسيّة» بِبَيانٍ بِعنوان «تصريحات الآباء الآثوسيّين لِلشَّعب اليونانيّ الأرثوذكسيّ» ويقول ما يلي: «بعد أنْ عَلِمَ الآباء الآثوسيّون – رؤساء الأديرة والرُّهبان الكَهنة والرُّهبان – بالمكائد الأخيرة ضِدَّ إيماننا الأرثوذكسيّ الّتي سبَّبها التَّمَرُّد البابويّ والشِّعارات الوِحدوِيَّة لِلبطريرك المسكونيّ ومُعاوِنيه، نُعلِنُ بِصَوتٍ رَعدِيّ أنَّنا نَدينُ مِثل هذه الشِّعارات والميول الوِحدوِيَّة ونَلتزِمُ راسِخينَ وغيرَ مُتزعزعين بِإيمانِنا الأرثوذكسيّ، مُتَّبِعينَ ما تَنبَّأ بِه الأنبياء الملهَمون مِن الله والذي عَلَّمَهُ الرُّسُل وسَحابة الآباء الحاملين الإله والمجامع المسكونيَّة السَّبعة والمجامِع المحَلِيَّة، مُنتَمينَ لرأسنا يسوع المسيح حَجَر الزّاوية، إلهنا، وبِكَلمةٍ واحدةٍ مُلتَزِمينَ بِكُلِّ ما يُعَلِّمُه إيمانُنا الأرثوذكسيّ، إمّا مِن خِلالِ ما هو مَكتوبٌ أو بِالتَّقليد، ورافِضين الوِحدةَ كما سمّوها الوِحدَوِيّون مؤخَّرًا. إذا أرادَ الكاثوليك وغيرهم مِن غير الأرثوذكسيّين العودةَ إلى الأرثوذكسيَّة، فليأتوا بِأنفُسِهم تائبينَ وطالِبينَ الرَّحمة، مُعتَنِقينَ كلَّ العقائدِ وتقليد إيماننا الأرثوذكسيّ غير الْمَلوم. لا يَليقُ بِنا نحنُ الأرثوذكسيّين أنْ نَهرعَ إليهم. إنَّنا نُناشِدُ البَطريرك المسكونيّ أنْ يوقِفَ نَشاطاتِه الوِحدَويَّة، لأنَّه إذا استَمرَّ بِذلك فإنَّنا سَنتَبرّأ مِنه»11.


 

1 Μ. ΜΙΧΑΗΛ, Τό μεγάλο μυστικό τοῦ Γέροντα Παϊσίου, Κύπρος 1997, p. 115.

2 Cf. “A Letter to Pope Francis Concerning His Past, the Abysmal State of Papism, and a Plea to Return to Holy Orthodoxy”, p. 86.

3 Holy Monastery of Paraclete, Ecumenism, 1.

4 Cf. Ορθόδοξος Τύπος, No. 972 (10 April 1992), No. 973 (17 April 1992), No. 974 (24 April 1992); Cf. Professor Andreas Theodorou, Which Union of Churches are you talking about, Mr. Emmanuel Gikas? III.

5 Constantine Cavarnos, Ecumenism Examined, First Edition, 1996, p. 28.

6 Ibid., pp. 28-29.

7 Ibid., p. 31.

8 Constantine Cavarnos, The Holy Mountain, p. 124.

9 Ibid., p. 113.

10 Ibid.

11 Ibid., pp. 116-117.



آخر المواضيع

هدف المسكونيّين هو تضليل المؤمنين
الفئة : مسكونيات

2024-09-10

رسالة مفتوحة للمطارنة البلغار
الفئة : مسكونيات

المطران لوقا، ميتروبوليت زابوروجي وميليتوبول 2024-07-01

بدعة كهنوت المرأة (3/3)
الفئة : مسكونيات

روني سعيد 2024-06-13

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا