لا مكان للكنيسة بين تكتُّل الضلالات والهرطقات المعروف بالمسكونيَّة

الفئة:مسكونيات

لا مكان للكنيسة بين تكتُّل الضلالات والهرطقات المعروف بالمسكونيَّة

نقلها إلى العربية: نديم سلّوم وماهر سلّوم

 

يكثر الحديث في أيّامنا، أكثر مِمّا مضى، عن "الوحدة”. الكنيسة تصلّي دومًا "من أجل اتّحاد الجميع”. لكن اليوم، كلمة السرّ التي تنتقل من شخص لآخر من بين "مؤيّدي الوحدة” والتي تُبهِج قلوب المتمسّكين بها لا تنبع من وجدان الكنيسة، بل من الخارج. أنها عمل ذاك الذي يهدف لزرع الأشواك في حديقة الكنيسة ليخدع الناس في سرّ المسيحيّة وأسرار الكنيسة. لقد قام الشيطان بكلّ ما بِوِسْعِه لينتزع العديد من الناس من حضن الكنيسة ويظهرها للعالم أنها منقسمة وضعيفة. وها هو مجدّدًا يبذل ما بوسعه كي يوحّدها بطريقة غريبة بحسب إلهامه، مستخدمًا صيغة "المحبّة”. هكذا يُساء استعمال هذه "المحبة" بين كثرين لدرجة أن الآخرين أصبحوا يرفضون السَّماع والكلام عن المحبة. فهذه الرّيح الهَوجاء بدأت تعصف بالكنيسة، حيث يزداد الكلام عن المحبة وحيث توقّف الناس عن الحديث عنها. لقد قال الربّ: «وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. وَلِكَثْرَةِ ٱلْإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ ٱلْكَثِيرِينَ. وَلَكِنِ ٱلَّذِي يَصْبِرُ إِلَى ٱلْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ.»1 الذي يتكلّمون بكثرة عن المحبة يعبثون بمحتواها كي يعانقوا الهراطقة بكافّة أشكالهم. هذه محبة كاذبة.

لا مكان للأرثوذكسيَّة بين هذا التكتُّل من الضلالات والهرطقات المعروف بالمسكونية

القاعدة هي أنَّه حيثما يكثر الحديث عن فضيلةٍ ما، تكون هذه الفضلية غير موجودة. إنَّ الصوت المُنادي بتلك الفضيلة هو صرخة غيابها. هذه هي حالة "المحبة" عند جميع أولئك الذين يعتقدون أنَّه ينبغي عليهم المساهمة في تحقيق رغبة الربّ "أن يكون الجميع واحدًا".2

تحديدًا، يقولون إنَّ علينا نحن الأرثوذكس أن نتَّحد مع الكاثوليك ثمَّ مع البروتستانت ومع كل الهرطقات المعروفة والمجهولة التي يصوِّرها الشيطان باسم المسيحيَّة. بعد أن يتَّحد جميع المسيحيين دون استثناء، يجب أن يتَّحدوا مع المحمَّديين واليهود وامتدادًا مع البوذيّين والبراهمة3 والشنتويّين وجميع ديانات الكون بشكلٍ عام.

يتمّ هذا المزيج الهرطوقيّ الشامل بإيعازٍ من ما يُسمَّى مجلس الكنائس العالميّ. نعتقد أنَّ هذا المصطلح في الواقع ليس صحيحًا لأنَّه لا يتعلَّق بمجلس عالميّ للكنائس بل مجلس عالميّ لعبادة الذات. الإله الوحيد الذي يطلب إكرامًا للعبادة هناك سيكون بعل زبول الساقط الذي سيحاول من خلال ممثِّله بين البشر، المسيح الدجَّال، استبدال الإيمان وعبادة الإله الحقيقيّ بإرادته الخاصة؛ إذ لا يوجد إله شخصانيّ في المسكونيَّة؛ وبالنسبة للمسكونيين، فإنَّ عقيدة الله الثالوثيّ مرفوضة تمامًا.

من المعروف أنَّ الصهيونيَّة التي يحرّكها الشيطان تنسِّق عمليتيْن خبيثتيْن من داخل الكنيسة وخارجها على حدِّ سواء، وتهدفان إلى الغاية نفسها؛ تدمير الحصن المَنيع المعروف بالأرثوذكسيَّة.

الباباويُّون والبروتستانت وشهود يهوه والماسونيُّون والإتِّحاديُّون4 والمسكونيُّون وكل "أصل مرارة"5 – كل هؤلاء لديهم فكرٌ واحد وسيضعون قوَّتهم وقدرتهم بتصرّف الوحش. سيحاربون الحمل وسيغلبهم: لأنَّه رب الأرباب وملك الملوك: والذين معه هم مدعوّون ومختارون ومؤمنون.

نؤمن أنَّ لا مكان للأرثوذكسيَّة بين هذا التكتُّل من الضلالات والهرطقات. بحسب الأب خرالمبس فاسيلوبولس، «هذا الصنيع المسكونيّ الخبيث لا يرغب في البحث عن الحقيقة ولكنه مزيج يهدف إلى القضاء على الحقيقة. إنَّه مَجهودٌ مُوَجَّهٌ، ليس لأولئك الذين خُدِعوا في إيجاد الحقيقة، ولكن ضدّ أولئك الذين يعرفون الحقيقة، كي يخسروها؛ أي أولئك الذين يؤمنون بالكنيسة الواحدة الجامعة الرسوليَّة.»

لا نخدعنَّ أنفسنا، هناك هوّة عظيمة بين الأرثوذكسيّة والضلال

عندما يضطر الرائد في مجلس الكنائس العالمي، المطران ميليتون ميتروبوليت خلقيدونية، أن يعترف أن: «%99 من مجلس الكنائس العالمي هو بدون شك تحت قيادة البروتستانتية ويحمل سِمَتَها»، فهل يحتاج الأرثوذكس لدليل آخر من أجل قطع العلاقة معهم، وقبل أن نقضي على أي أمل فيهم بالاعتقاد أنّ الحقيقة هي وحيدة وموجودة حقًّا، سليمة ونقيّة، في كنيسة المسيح الأرثوذكسيّة الواحدة والمقدَّسة؟

يمكن تحقيق الموقف الصارم الذي اتّخذه الأب جورج فلوروفسكي، بأنّ «رسالة الأرثوذكسيّة هي أن يكون المؤمن شهيدًا و’يشهد للحق’»، فقط من خلال مسكونية أرثوذكسية كما يصفها الأب سبيريدون بيلياليس في كتابه "الأرثوذكسية والبابوية”. يَرِدُ في هذا الكتاب ما يلي: «إننا نؤمن أن الوقت حان كي تأتي الكنيسةُ الأرثوذكسية مُوَحَّدةً أمام العالم وتعزّز مسكونيّتَها الأرثوذكسية واضعةً منابر أرثوذكسية مسكونية ومعلنةً من خلالها بصوت عالٍ لروما وللعالم أجمع (urbi et orbi) أن الأرثوذكسية هي وحدها اليوم كنيسة المسيح الواحدة الجامعة المقدّسة والرسوليّة».

وإلّا، مع اللقاءات المتكرّرة بين ممثّلين عن الكنيسة وغير الأرثوذكس اليوم ومع المُلحِدين غدًا، ستصبح الأرثوذكسيّة في خطر معاناة ما تحدّث عنه القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ وما حصل في حالات مشابهة: «إصابة شخصٌ ما بِعَدوى الخطيئة أسهل من أن يَمُدَّ هذا الشخصُ الآخرين بالفضيلة الشافية، بالضبط كما هي الحال عندما تُصاب بمرض بدلاً من أن تنال الصحة.»

يقول البروفسور أندرياس ثيوذورو: «لا نخدعنَّ أنفسنا، هناك هوّة عظيمة بين الأرثوذكسيّة والضلال».

ولكن كثيرون يسألون: «ألا يستطيع الأرثوذكس سدّ هذه الفجوة؟» المحبّةُ جَبّارةٌ، يا إخوتي الأعِزّاء، إنّها قويّة كالموت، لكن قوّتها تسير جنبًا إلى جنب مع الحقّ. ينقل الله قوة محبّته عندما يُعبَد «بالروح والحقّ». يقول تلميذ المحبّة يوحنّا، رسول الأرثوذكسيّة، في رسالته: «اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ ٱلْمُخْتَارَةِ (أي الكنيسة)، وَإِلَى أَوْلَادِهَا ٱلَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِٱلْحَقِّ… تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلَامٌ مِنَ ٱللهِ ٱلْآبِ وَمِنَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱبْنِ ٱلْآبِ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمَحَبَّةِ» (2 يوحنا 3،1:1). كل الذين يؤمنون حقًّا يحبّون بالحق؛ والذين يؤمنون زَيفًا يحبّون محبةً مُرائية. كوننا مسيحيّين أرثوذكس، فنحن نحبّ الجميع ونرغب أن يٌقبِلوا إلى معرفة الحقّ. هكذا تعلّمنا من "إله المحبّة”؛ هكذا يرتاح ضميرنا. لا نشعر بأي حقد تجاه أي إنسان بسبب هرطقته أو كفره، لكننا لن نحبّ الكفر ولا الهرطقة من أجل الناس، فمحبّة كهذه تفصلنا عن الله.

في أحد أيام الآحاد، ألقى واعظٌ حديثًا عن آية "أحبّوا أعداءكم”. في يوم الأحد التالي، تكلّم عن إدمان الكحول، عن الدّمار الذي سبّبه إدمان الكحول للشعوب المسيحيّة، وكيف يتباهى الصهاينة ذوو الخِزي بهذا الدّمار في كتابهم الرّديء المعروف باسم "بروتوكولات حكماء صهيون”. وعندما أشار ذلك الواعظ إلى شرب الكحول ووصف كيف يدمّر الأخلاق، أوقفه أحد الحضور "الأذكياء” قائلاً: «أبتِ، ألم تَقُلْ يوم الأحد الماضي أن نحبّ أعداءنا؟» أجاب الواعظ بهدوء: «قلتُ لكم أن تحبّوهم. لم أقُلْ أنّه يجب أن تقبلوا ما لديهم بدون تفكير».

أمر مشابه يحصل معنا نحن الأرثوذكس بعلاقتنا مع غير الأرثوذكس. نحبّهم بكلّ صِدقٍ ونصلّي من أجلهم، متذكِّرين نصيحة القدّيس إغناطيوس المتوشّح بالله: «صلّوا بلا انقطاع للناس الآخرين؛ فهناك أمل أن يتوبوا وأن يأتوا إلى معرفة الله». فنحن نحبّهم من أجل أن ينبذوا الهرطقة والخطأ والكفر والشر. لكن لا يمكننا أن نَضُمَّهم إلينا كما هم، مع هرطقاتهم وأخطائهم وإلحادهم.
 

A call from the Holy Mountain, Elder Ephraim of Arizona, pages 41-46

 

1 متى 13:11:24

2 يوحنا 17: 21

3 رجال الدين عند الهندوس

4 الروم الكاثوليك

5 عبرانيين 12: 15



آخر المواضيع

هدف المسكونيّين هو تضليل المؤمنين
الفئة : مسكونيات

2024-09-10

رسالة مفتوحة للمطارنة البلغار
الفئة : مسكونيات

المطران لوقا، ميتروبوليت زابوروجي وميليتوبول 2024-07-01

بدعة كهنوت المرأة (3/3)
الفئة : مسكونيات

روني سعيد 2024-06-13

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا