سلامٌ ووحدة من دون عقيدة

رأي موضوعي متجرّد في زيارات بابا روما الأخيرة

الفئة:دفاعيّات

سلامٌ ووحدة من دون عقيدة

الأب نقولا سجيع الشامي


لا شكّ أنّ البابا في زيارته الأولى منذ استلامه، الى روما الجديدة وجبال لبنان، يقوم بدوره الطبيعي الجيّد مع أبنائه في تفقّدهم وإعلاء شأنهم على كافة المستويات، وهذا ينعكس أثره الوجودي على المستوى السياسي لكلّ مسيحي في الشرق أيًا كان انتماؤه...
هذه تُحسب كنقطة إيجابيّة من الناحية الوطنية السياسية في بيئتنا الشرق أوسطيّة...


أما ما لفتني سلبيًا، في هذا الأسبوع البابوي، أمران فقط لا غير: دستور الإيمان الذي تلاه البابا، وخطابات البابا والبطاركة.


١. دستور الإيمان: كيف استطاع صاحب العصمة العقائديّة لمليار شخص ونصف، أن يقرّ بانبثاق الروح القدس من الآب فقط.. وهذا إن دلّ فيدلّ على ثلاثة تحليلات لا رابع لهم:


أ. صلاحياته الفوق إلهيّة، بمعنى أنه يستطيع ساعة يشاء أن يقلّل من ألوهة الروح القدس أو من إعلان شأنه، أو تطوير فكرة الخلاص لتصل الى حدّ تخليص الجميع بنار المطهر أو ... وكل الاكليروس والناس مجبرين فورًا على الطاعة ولا من معارض ولا واحد!! فقد خرق صلب العقيدة الكاثوليكية التي أدّت الى الإنقسام الكبير، ولم يوجد اكليريكي كاثوليكي أو مؤمن في كل العالم قد اعترض! هل مجبرين على الطاعة !! أو لا أحد يدري بالعقيدة وأهميّتها الأساسية في الخلاص!؟


ب. لطالما اعترف البابا بأنّ الروح منبثق من الآب فقط، وبالتالي قد خالف تعاليم أسلافه، وأقرّ بأهميّة الشخص على الجوهر التي هي صلب التفكير الكاثوليكي، أي بأن وحدة الألوهة مرتبطة "بشخص" الآب المصدر الوحيد للألوهة وليس بالجوهر الواحد التي هي تلقائية لطالما شخص المصدر هو واحد وليس اثنان. ولكن في التشريع الكاثوليكي، البابا معصوم فيما خصّ العقيدة، فماذا نفعل بكل الباباوات منذ نهاية الألفية الأولى حتى الآن!؟ فهل هناك واحد معصوم والآخر لا !؟ أو هل كانت البابوية لمدة ألف سنة في ضياع والآن وجدت نفسها ! أو أصبح الهمّ العقائدي ثانوي جدًا! وتكريس فكرة الخلاص بالأعمال أو بالأخلاق فقط من دون أهميّة للعقيدة الإيمانية...


ج. الأخطر من الطرحين الأوّلين هو هذا الاستنتاج الأخير والوحيد، بأنّ يكون البابا والبطاركة والرئاسات على كافة انتماءاتهم لا يدرون أهميّة معتقداتهم... وهنا الكارثة الكبرى في تفريغ المؤمن من العقيدة الخلاصية. لعلّ الإنسان يختلف عن الحيوان بأنّ لديه "عقيدة" حتى ولو كانت عند البعض خاطئة يبقى أفضل من الفراغ، ومن دون العقيدة فالإنسان ميّت روحيًا لأنه خسر النعمة، التي لا تتحرّك إلا في العقيدة المستقيمة...

 

٢. خطابات البابا والبطاركة: محزن جدًا جدًا أن تكون الأطاريح خالية من المادة.. فما هي المادة التي قدّموها؟
ما هو اللاهوت الخلاصي الذي نادوا به؟
كيف سنعلّق على لا شيئ؟
كيق ستقوم وحدة كنسيّة، التي نرجوها، من دون أعمدة الإيمان؟
عن أيّة وحدة نتكلّم؟
ففي العدم أو اللاشيى الكل يتوحّد، ولكن على ماذا؟


أطلب منكم بمحبة أن تختاروا أي خطبة لهم، وتستبدلوا اسم المسيح بإسم أيّ إله وثني، أولا نحصل على نفس الخطبة!!
 نلاحظ تكرار كلمتي "سلام" و"وحدة" مئات المرّات...
عن أيّ سلام ووحدة يتكلّمون خارج إطار الصدق والالتزام بما تسلّمناه من الذين ماتو بحدّ السيف من أجل خلاصنا...
أو فعلاً العقيدة ماتت!!
عندما تموت العقيدة تهرب النعمة.. ونصبح في جهنّم وبئس المصير..
أخيرًا، إخوتي المسيحيين جميعًا أرثوذكس وموارنة وكاثوليك وبروتستنت، اهربوا من السطحية وهي عكس البساطة، انهضوا إقرؤوا التقليد الشريف، فتّشوا الكتب المقدّسة وهي تدلّكم، لا تدعوهم يقظّمونكم، ويسرقوا منكم كينونتكم، أساساتكم، تاريخكم، تقليدكم، تفكيركم العميق، مشروع خلاصكم الوحيد...نحن أكثر من هم دعاة للوحدة الحقيقية السماويّة وليس الأرضيّة... فلنتواضع ولنعد جميعنا الى التاريخ، تاريخ آبائنا القديسين، ولنأخذ وحدة حقيقية وسلامًا سليمًا، سلامًا كسيّدنا ثائرًا بوجه الأنا في التفكير، سلامًا لا يشبه سلام العالم...


 وعندئذٍ ما أجمل من أن تجتمع الإخوة معًا...



آخر المواضيع

سلامٌ ووحدة من دون عقيدة
الفئة : دفاعيّات

الأب نقولا سجيع الشامي 2025-12-05

الـمَجمَعُ المسكونيُّ الأوَّلُ وأوهامُ الوَحدَةِ
الفئة : دفاعيّات

الشماس مكسيموس سلُّوم 2025-11-21

انتشارُ روحِ الضلالِ في العالَمِ
الفئة : دفاعيّات

المطران أوغسطينوس أسقف فلورينا 2025-10-20

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا