عظة في إنجيل الإيوثينا الحادية عشرة (يوحنا21: 14 - 25)
عظة في إنجيل الإيوثينا الحادية عشرة (يوحنا21: 14 - 25)
الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس
نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم
الحدث الموصوف في إنجيل إيوثينا اليوم هو تَكمِلة للحدث الموصوف في الإنجيل السابق. رأينا، يومَ الأحد الماضي، معجزة صيد السمك والطعام الذي أكله المسيح مع تلاميذه عند بحيرة طبريَّة. وبالطَّبع، لم يكن المسيح، بعد قيامته، بحاجة إلى طعام، فقد أباد الموت، لكنه فعل ذلك من باب التدبير ليُدخل الفرح إلى التلاميذ، ويُظهر لهم أنَّه ليس روحًا، فيما استهلكت الألوهةُ الطّعامَ.
أجرى المسيحُ، مباشرةً بعد وجبة الطّعام، حديثًا مع بطرس الذي أظهر محبَّته الكبيرة للمسيح، عبر إلقاء نفسه في البحر، والسباحة إلى الشاطئ، من أجل لقائه. وسأله ثلاث مرات إن كان يُحِبُّه، فكان رَدُّهُ إيجابيًّا. وأمره أن يرعى غنمه تعبيرًا عن محبَّته له.
والسؤال الذي يُطرَحُ هو: لماذا سأل المسيحُ بطرسَ على مَسْمَع الجميع، ثلاث مرات، إن كان يحبُّه، فيما سبق بطرس وأكَّد أنّ المسيحَ هو إلهه؟ والسؤال الآخر هو: لماذا سأله ثلاث مرات؟
ويبدو واضحًا أنَّ هذا الحدث هو استعادة بطرس الرسول إلى التلاميذ الآخرين. من المعروف أنَّ بطرس الرسول أنكر المسيح ثلاث مرات قبل آلامه. وكانت خطيئته عظيمة، واهتزَّت مكانَتُه بين جماعة تلاميذ المسيح. ولكنه، بعد الإنكار الثلاثي، لم يترك جماعة التلاميذ كما فعل يهوذا، بل بكى بمرارة على خطيئته وبقيَ معهم. وهذا يوضح أنَّه، بِغَضِّ النظر عن الخطيئة التي نرتكبها، لا ينبغي لنا أن نخيب أبدًا، بل نتوب فورًا ونبقى في الكنيسة. لا ينبغي لنا أبدًا أن نضع في أذهاننا الابتعاد عن الكنيسة.
بالدعوة الثلاثيَّة إلى الاعتراف العلنيّ بالمحبَّة، شفى المسيحُ إنكارَ تلميذه العَلَنيّ. لذلك فهو لا يُعيده عَلَنًا إلى المكانة الرسوليَّة فحسب، بل يعهدُ إليه أيضًا بخدمة رعاية خرافه. ولذلك، كان التعبيرُ عن محبَّته: "ارعَ خرافي"، "ارعَ حملاني". هذه هي خدمته الرعويَّة للمسيحيين. لقد كان الرسول بطرس واعيًا للخطيئة، واكتسب معرفة التوبة، ورأى المسيح القائم من بين الأموات، وعبَّر عن محبَّته الكبيرة له من خلال أفعاله، وبالتالي يستطيع أن يرعى خراف المسيح بشكل صحيح ولا لُبْسَ فيه.
ثم تنبَّأ له المسيح بموته الاستشهاديّ، إذ أخبره أنَّه عندما يكبر، سَيَمُدُّ يديه ويقيِّدُه آخر، ويأخذه إلى حيث لا يريد، أي إلى الاستشهاد. وبالفعل، كما يقول الإنجيلي يوحنا: "قال هذا ليُظهر بأية ميتة كان مزمعًا أن يمجِّد الله بها". الاستشهاد هو تمجيد لله. أوّلاً، يقدِّم المرء اعترافًا بإيمانه وشهادةً لمحبَّته، ثم يأتي الاستشهاد حيث يشهد ويؤكد محبَّته وإيمانه بالمسيح.
الخدمة الرعويَّة هي خدمة صليبيَّة1، تتمُّ بالصليب وبقيامة المسيح، وبالطبع، ينتهي بها المَطاف بالصليب. المحبَّة، بطبيعتها، ليست شعورًا، بل خبرة وتعبيرًا عن الشهادة. من يحبُّ بلا تضحية تكون محبَّته زائفة وتافهة. المسيحيّون هم خراف المسيح وليسوا خراف رجال الدّين. الإكليروس يرعَون خراف المسيح وحملانه. عندما يدَّعي الإكليروس أنَّ خراف المسيح هي خاصَّتهم، فهذه ليست خدمة رعويَّة حقيقيَّة.
لقد قام المسيح بالكثير من الأعمال أثناء حياته، ولكن أيضًا بعد قيامته، حتى أنَّ الإنجيليّ يوحنا كتب أنَّه إذا كانت كل هذه مكتوبة في الكتب، فلا العالمُ نفسُه يَسَعُ هذه الكتب، ولا حتَّى مكتبات العالم. لكن هذه الحياة التي لا توسَعُ في الكتب، هي محصورة داخل الكنيسة الأرثوذكسيَّة، ويمكن للمرء أن يبدأ في قراءتها وعيشها وهو يسبح في هذا الثروة الروحيَّة الكنسيَّة.
إخوتي الأحباء، المسيح قام، وكنيسة المسيح هي كنيسة القيامة، ومن يشارك في هذا الاحتفال القياميَّ كل يوم أحد، كما كتبنا في هذه العظات القصيرة، يمكنه أن يتعرَّف على سرِّ القيامة العظيم ويتجاوز كافّة المشاكل التي تواجهه في حياته.
https://www.johnsanidopoulos.com/2019/09/homily-on-eleventh-eothinon-gospel-john.html
1 تضحية
آخر المواضيع
تيك توكر يونانية شهيرة تصبح راهبة أرثوذكسية
الفئة : مواضيع متفرقة
تَقريظٌ لقطع رأس النّبيّ السّابق المجيد يوحنّا المعمدان
الفئة : مواضيع متفرقة
مَحبَّةُ الذّات: هوى عصرِنا الحاضر
الفئة : مواضيع متفرقة
النشرات الإخبارية
اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني