القديسان بروكوبيوس وقسطنطين كحُماة عن الزواج الأرثوذكسيّ


القديسان بروكوبيوس وقسطنطين كحُماة عن الزواج الأرثوذكسيّ

نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم

 

في البركة الختاميَّة لخدمة الإكليل المقدَّس يُطلَب شفاعة القديسين بروكوبيوس1 (تذكاره في 8 تموز) وقسطنطين وهيلانة (تذكارهما في 21 أيار)، كقديسين مدافعين عن الزواج الأرثوذكسيّ. ولكن لماذا تعتبر الكنيسة القديسَيْن قسطنطين وهيلانة شفيعَيْن للزواج؟ ألا يخلق ذِكرُهُما معًا في خدمة الإكليل المقدَّس التباسًا عند بعض المؤمنين باعتبارهما زوجًا وزوجة؟

عند قراءة سِيَر أولئك القديسين المدافعين عن الزواج، نجد بعض أوجُه الشَّبَه المذهلة بينهم. مثلما كان لقسطنطين الكبير علاقة قوية مع أمِّه التي كان لها دور فعَّال في اهتدائه إلى المسيح، كذلك كان لبروكوبيوس أيضًا علاقة قويَّة مع أمِّه ثاودوسيَّا. الفرق هو أنَّ بروكوبيوس مَن قاد أمَّه (التي كانت شديدة الإيمان بالوثنيَّة) إلى المسيح.

تَشابُه آخر هو أنَّ كِلا القديسَيْن قسطنطين وبروكوبيوس كان لهما رؤية للصليب المقدَّس. معظمنا على دراية برؤية القديس قسطنطين الذي غيَّر مسار التاريخ الخلاصيّ. كانت رؤية الصليب المقدس مساهمة في قرار قسطنطين بِجَعل المسيحيَّة الديانة الرسميَّة للإمبراطوريَّة الرومانيَّة. كما وكَّل أمَّه هيلانة من السفر إلى الأراضي المقدَّسة للعثور على الأماكن المقدَّسة حيث عاش ربُّنا وسار وعلَّم وخَدَمَ، وبناء كنائس في هذه الأماكن.

كما حصل مع القديس بولس الرسول، كان القديس بروكوبيوس في وقتٍ ما جنرالاً في جيش ذيوكليسيانوس الروماني وقد أُرسلَ إلى الإسكندريَّة لإبادة أولئك "الذين يؤمنون بالمصلوب". حوالي الساعة الثالثة فجرًا، بينما كان متوجِّهًا على طريق الإسكندريَّة، تزلزلت الأرض وحصل برق ورعد. سمع بروكوبيوس صوتًا من السماء يسأله، "يا نيانيا (اسمه الوثنيّ) هل أتيت أيضًا ضدي؟" ظهر صليب مُشرق في السماء واستمرَّ الصوت "أنا يسوع المصلوب ابن الله". صعد الصليب إلى الأعلى وتكلَّم الصوت من جديد "بهذه العلامة التي رأيتها ستهزم عدوَّك وسلامي سيكون معك". إنَّ الصليب المقدَّس الذي قاد القديسين إلى الإيمان الحقّ ووحَّدهم في جسد المسيح وحافظ على حياتهم هو أيضًا العلامة الموجِّهة للإكليل المقدَّس. إنَّ خبرة الصليب هي التي جعلت هؤلاء القديسين حُماة الإكليل المقدَّس.

بالطبع نحن نعترف بحقيقة أنَّ "علينا جميعًا أن نحمل الصليب" في اتِّباعنا للمسيح الذي هو جزء من الزواج. مع ذلك فالصليب مرتبط أيضًا بالزواج، لأنَّ الزواج يُنظَر إليه على أنَّه قتال. هذا القتال ليس صراعًا بين شخصَين يحاولان حلّ خلافاتهما وجعل الزواج يعمل كما نراه على نحوٍ مُبَسَّط. هذا هو "القتال الصالح" أو "القتال الجيِّد" حيث يصبح الزوج والزوجة شريكَيْن ويساعدان ويشدّدان أحدهما الآخر.

نفهم الزواج هكذا على أنَّه مدرسة للفضائل. في الزواج، أجاز الله بالمتعة الطبيعيَّة لملذَّات الجسد كتعبير عن الحب الحقيقيّ بين الزوج والزوجة وكدَيمومة للجنس البشريّ. وفي هذا الصَّدد يقول بولس الرسول: "وَأَقُولُ لِغَيْرِ المُتَزَوِّجِينَ وَللأَرَامِلِ: إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ أَنْ يَبْقُوا كَمَا أَنَا. فَإِنْ لَمْ يتَعَفَّفُوا فَلْيَتزَوَّجُوا، فَإِنَّ الزَّوَاج خَيْرٌ مِنَ التَحَرُّق" (1كور7: 8 – 9). صليب المسيح هو جزءٌ من الزواج، فبهذه العلامة سينجح الزواج وسينتصر وسيقضي على أعداء نفوسنا وسيجد سلام الله.

يُعتَبر القديسان قسطنطين وهيلانة شفيعَيْن للزواج لأنَّهما كانا إمبراطورَيْن متوَّجَيْن: "متوَّجان من الله ومعادلا الرسل". يُسمَّى الزواج أيضًا "التتويج" لأنَّه في الزواج يتمُّ التتويج. يصبح الزوجان الجديدان بالفعل ملكًا وملكة، متوَّجًا كل منهما للآخر. إنَّ تتويجهما معترفٌ به على الأرض وفي السماء. يبدآن سلالة جديدة وكنيسة صغيرة جديدة، والتي يمكن أن تستمرّ حتَّى نهاية العالم من خلال نسلهما.

الأهم من ذلك بالحقيقة أنَّ أكاليل القديسان قسطنطين وهيلانة قد استُقبِلَتا في السماء. ونعرف الأمر ذاته عن القديس بروكوبيوس الذي مات شهيدًا من أجل إيمان المسيح. يصلِّي هؤلاء القديسون من الموضع السماويّ لكي يستحقَّ خدَّامُ الله المتوَّجون في الزواج المقدَّس الملكوتَ السماويّ.

فلنتذكَّر نحن من نِلنا أكاليل الإكليل المقدَّس أنَّ الزواج لن ينجح إلاَّ عندما يكون تحت حماية علامة الصليب المقدَّس.

لنتذكَّر أيضًا أنَّ الزواج في نهاية المطاف ليس هدفًا في حدِّ ذاته لكنَّه وسيلة لخلاص نفوسنا. في هذا الصدد صلاة الكاهن بعد رفع الأكاليل لها مغزى: "بارِك مدخلهما ومخرجهما، وأكثر حياتهما في الخيرات، تقبَّل إكليلهما في ملكوتك، واحفظهما بغير دنس ولا عيب غير محتال عليهما، على مدى الدهور".

 

https://www.johnsanidopoulos.com/2012/07/sts-prokopios-and-constantine.html


 

1 تجدر الإشارة إلى أنَّ اسم "بروكوبيوس" يعني "التقدُّم" أو "المضي قُدُمًا" أو "النموّ". في الإفشين الأخير من خدمة الإكليل، عندما يُذكَر اسم القديس بروكوبيوس، يُصلَّى أن "يتقدَّم" الزوجان الجديدان أو "يتقدَّمان" في إيمانهما بالمسيح. في الترانيم المكرَّسة للقديس بروكوبيوس، نصلِّي من أجل أن يقودنا إلى "التقدُّم" في المسيح والأعمال الصالحة كما "تقدَّم" هو في الإيمان. هذا هو السبب الرئيسيّ لاستدعاء القديس بروكوبيوس أثناء خدمة الإكليل.



آخر المواضيع

تربية الأطفال على الصّدق
الفئة : الشّباب والعائلة

القدّيس الشّهيد الجديد فلاديمير ميتروبوليت كييف 2023-12-27

 القَلَقُ: كيف يولد، وكيف نُشفى مِنه؟ (الجزء الرابع والأخير)
الفئة : الشّباب والعائلة

الأرشمندريت سيميون كرايوبولُس 2023-09-30

القَلَقُ: كيف يولد، وكيف نُشفى مِنه؟ (الجزء الثالث)
الفئة : الشّباب والعائلة

الأرشمندريت سيميون كرايوبولُس 2023-09-28

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا