مقالة

القدّيس يوحنّا مكسيموفيتش،

تعريب جنيفر سعد.

يُعبَّر باليونانيّة عن التّوبة بكلمة «metania». تَعني هذه الكلمة حَرفيًّا تَغيير ذِهن المرء وتَفكيره. بعبارة أخرى، التّوبةُ هي التّغييرُ في سُلوكِ المَرءِ وطريقة تفكيره، إنّها تغيير الإنسان من أعماقه. التّوبة هي إعادة فَحصِ الأفكار وتَحْويل حَياة الإنسان. 

كَيف يُمكن لِهذا أنْ يَحصُلَ؟ يَحصُل هذا بالطّريقة نَفْسها التي تُضيء بها أشعّةُ الشّمس غرفَةً مُظْلمةً صودِف أنْ دَخَل إليْها إنسان. فيما كان يَنظُر الى الغرفَةِ في الظّلام، ظهرت لَهُ الغرفة مِن جانِب واحد، حَيثُ لم يرَ الكثير ممّا كان موجودًا هناك ولم يكُن يَتوقّع حتّى وجوده. لم يظْهر لهُ الكثيرُ من الأشياءِ كما هي على حَقيقتِها. كان يَجب عليه أن يَتحرّكَ بحَذَرٍ لعَدم معرفته مكان العَوائق إذا ما وُجِدَت. أمّا الآن، وقد أَصْبحتِ الغرفة مُضاءة، فهو يَرَى كلّ شيء بوضوحٍ ويتحرّكُ بحرّية. 

يحصل الأمر نفسه في الحياةِ الرّوحيّةِ أيضًا.

عندما نَغرق في الخطايا ويَنشَغل عَقلُنا بالأمور الدّنيويّة فقط، لن ننتبه لحالَتِنا الرّوحيّة. نكون غير مُبالين بحالتنا، ونسلك الطّريق المُضِلّ باستمرار من دون أن ندْرِكَ ذلك. 

أمّا الآن، فيَخترقُ روحَنا شُعاعٌ من النّورِ الإلهيّ. فيا لقذارة ما سنراهُ في داخلِنا! كم هناك من ظُلمٍ وخداع! يا لفظاعة الكثير من أفعالِنا التي توهِمُنا بأنّها صالحة. سَيتبيّن لنا أنّنا نَسير في سُبُلٍ خاطئة. سَيتَبيّن لنا أيّ طريق هو الحقّ.

إذا اعترفنا بفراغِنا الرّوحيّ وبخطايانا وطَلَبْنا إصلاح ذواتنا وتقويمنا، حينها نقترب من الخلاص. فلنصرخ للرّب من أعماق النّفس: «ارحمني يا الله بحسب رحمتك!» «اغفر لي وخلّصني!» «هَبْ لي أن أعرف ذنوبي وألّا أدين أخي!»

هلمّوا نسارع في بداية الصّوم إلى مُسامحة بعضنا عن كلّ أذىً وإساءة. لنَسمع دومًا كلمات إنجيل أحد الغفران: «فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لَا يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلَّاتِكُمْ.» (متى 14:6-15)