مقالة

شهادةٌ روحيّة للقدّيس سيرافيم من فيريتسا، روسيا (1949+)

رسالة وجّهها القدّيس سيرافيم إلى إبنِهِ الروحيّ، وهو أسقفٌ كان مُحتجزًا في سِجنٍ سوفياتيٍّ حينذاك، بمثابةِ تعزيةٍ ونُصحٍ يتوجّه به الله الخالقُ إلى نَفْسِ الإنسان.

ترجمة فيرنا جدعون

أكنتَ يومًا على دِرايةٍ، بأنَّ كلَّ ما يتعلّقُ بكَ، يخصُّني أنا أيضًا؟

لأنّ كلَّ ما يَخُصُّكَ، يخُصُّ قُرَّةَ عَيْني.

أنتَ عزيزٌ في عَينَيّ، ثمينٌ؛ وأنا قد أحبَبتُكَ.

لهذا السّبب، إنّه لَفَرَحٌ مُمَيّزٌ بالنّسبة إليّ بأن أُدَرِّبكَ.

عندما تُهاجمكَ التّجارب، ويَنقضُّ عليكَ الأعداءُ كَمِثْلِ نهرٍ جارٍ، أُريدكَ أن تَعلَم:

هذا مِنّي.

لأنّ ضُعفَكَ تَعوِزُهُ قوّتي، وأمانكَ يتحقّقُ في تسليمي إمكانيّةَ حمايتكَ.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أتَجِدُ نفسكَ في ظروفٍ صعبةٍ، بين أولئك الذين لا يفهمونكَ،

ولا يُقيمون اعتبارًا لِما هو سارٌّ لكَ، والذين ينبذونكَ؟

هذا مِنّي.

أنا هو إلهكَ، الذي يُرتِّبُ الظُّروف،

لم يكُن الأمرُ صُدفةً، إذ وجدتَ نفسكَ في المكانِ حيثُ أنت؛

هذا بالتّحديد هو المكان الذي اختَرتُهُ لك.

أَلَم تَكُن تَطلب مِنّي أن أُعَلِّمكَ التّواضع؟

حسنًا إذًا، أُنظُر: لقد وضعتُكَ بالتّحديد في ذلكَ المكان، في أفضلِ

مدرسةٍ لتَعَلُّمِ هذا الدّرس.

إنّ مُحيطَك وأولئكَ الذين حولكَ، يُتَمِّمون مشيئتي.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أّتُعاني من أوضاعٍ مادّيّةٍ صعبة؟ وبالكاد تستطيع تأمين حاجاتِكَ الأساسيّة؟

إعلَم أنّ:

هذا مِنّي.

أنا هو الذي رتّبَ أوضاعكَ المادّيّة،

لأنّني أريدكَ أن تلجأ إليّ،

وأن تعتمدَ عليّ.

لأنّ مَخازِني لا تَنضَب.

أودُّ أن تَثِق بِصِدْقي وبِوُعودي.

لا تسمحْ أن يُقال عنكَ، أنّك في وقتِ عَوزِكَ، لم تَثقْ بالرّبّ إلهكَ.

أَتَمُرُّ عليكَ ليالٍ عَصيبة؟

أأنتَ مُبعَدٌ عَمّن هم أحبّاءٌ وأعزّاءٌ على قلبك؟

هذا مِنّي.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أتمَّ تَعيينكَ، على حينِ غفلةٍ، لاستِلامِ مَنصبٍ صعبٍ ومسؤولٍ؟

إذهب، مُتَوكِّلاً عليّ.

لقد عهدتُ إليكَ هذه الصُّعوبات، ومن أجلِ ذلك سيباركُ الربُّ جميعً أعمالِك، وجميعَ خُطُواتِك؛

وفي كلّ شيءٍ، سيكونُ إلهكَ مُرشِدُكَ ومُعَلِّمكَ.

في هذا اليوم، أضعُ بين يدَيكَ وعاءً من الزيتِ المقدّس، إستَخدِمْهُ كما تراهُ مُناسبًا يا بنيّ.

كلُّ صعوبةٍ تواجهكَ، كلّ كلمةٍ مُهينة، كلُّ اتّهامٍ باطلٍ وإدانة،

كلُّ عائِقٍ في عَمَلِكَ قد يُوَلِدُ في نفسكَ شعورًا بالانزعاج،

كلُّ كَشْفٍ عن ضُعفِكَ وعَجزِكَ،

إمْسَحْهُ بهذا الزيت.

هذا مِنّي.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أكنتَ تحلُمُ بالقيامِ بمبادرةٍ مُمَيّزةٍ لأجلي، لكنّكَ بدلَ ذلكَ،

وجدتَ نفسكَ مُلقىً على سريرِ ضُعفٍ وآلامٍ؟

هذا مِنّي.

لأنّهُ لولا ذلكَ، لَكُنْتَ انغمستَ في عَمَلِكَ،

ولَم أكُن لأتمكّن من اجتذابِ فِكرِكَ نحوي.

إنّما أنا أريد تَعْليمكَ أعمقَ أفكاري وتعاليمي،

لكي تُمْسي خِدمتَكَ مُنتَميةً إليَّ.

أُريدُ أن أُعَرِّفَكَ أنّك من دوني، لا تستطيعُ شيئًا.

بعضُ أفضل أبنائي هم مَن انقطعوا عن حياةِ العمل،

حتّى يستطيعوا تَعَلُّمَ استِلالَ سلاحِ الصّلاةِ المُستديمةِ.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++

هل باغَتَتْكَ عَراقيلٌ غيرُ متوقَّعةٍ في الحياة،

وتمكَّنَ القنوطُ من قلبكَ؟ إذًا فلتَعْلَم:

هذا مِنّي.

لأنّني أودُّ أن تكونَ روحُكَ وقلبكَ ملتهبانِ دومًا أمامَ عينيَّ،

وأن تتمكّنَ منَ الانتصارِ على أيِّ جُبنٍ كانَ، بإسمي.

أَمرَّ وقتٌ طويلٌ مُذ سمعتَ أخبارًا عن أشخاصٍ أعزّاءَ وأحبّاءَ إلى قلبك؛

وبسببِ خوفِكَ وإيمانكَ الضّعيف، بدأتَ تسقُطُ في اليأسِ والتّذمُّر؟ اعلَم أنّ:

هذا مِنّي.

لأنّني من خلالِ ذلكَ الكَرَب في نفسِك، أمتحِنُ قوّةَ إيمانكَ بِصِدقِ وُعودي،

وقوّةَ جسارتِكَ في الصّلاة، من أجلِ أولئكَ الأعزّاء على قلبِك.

أَوَلَم تَكُن أنتَ مَن ائتمنتَ والدتي الكلّيّةِ النّقاوة على حِمايتِهِم؟

ألَم تَكُن أنتَ مَن ائتَمَنتَ عِنايتي الإلهيّة المُحِبّة على رِعايتِهم؟

أتمكّنَ منكَ مَرَضٌ خطيرٌ، أكانَ مؤقّتًا أم عُضال، وسمّركَ في سريرِك؟

هذا مِنّي.

لأنّني أريدكَ ان تعرِفَني أعمقَ بعد، عبرَ ضُعُفاتِكَ الجسديّة،

وألّا تتذمّر من جرّاء هذه التّجربة المُرسَلَة لك من العَلاء،

وألّا تُحاوِل، عبر وسائل مختلفة، التّخلُّل إلى مُخطّطي لِخلاصِ نفوس البشر،

بل أن تحنيَ عُنُقَكَ، بلا تذمُّرٍ، وبانسحاقٍ، لِبرّي نحوَكَ.

المرجع: كتيّب "هذا منّي" منشورات دير القديس باييسيوس - أريزونا