الإكليروس المسكونيّون والمسيح الدجّال

الإكليروس المسكونيّون والمسيح الدجّال

الأرشمندريت أثناسيوس ميتيليناوس

نقلاً عن كتابه "سفر الرؤيا”، الجزء الثالث، صفحة 351-353، تعريب رولا ريمون الحاج

 

سوف يُعلن المسيح الدجّال رسميًّا بدء عصر جديد على الأرض، عصر يلي الزمن المسيحيّ ويُسفر ربّما عن عهدٍ ثالثٍ. حاليًّا، لدينا العهد القديم والعهد الجديد، وهو سوف يستنبط عهدًا ثالثًا على الأرجح. هذه العقيدة الفاسدة عن عهد ثالث ليست بجديدة. حتّى إنّ القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ يُشير إليها. لا يفاجئكنَّ هذا الأمر لأنّه ليس أكثر ممّا نشهده في أيّامنا هذه. إنّ طبيعة هذا العهد الثالث هي المفهوم السائد، اليوم، عن مسيحيّة متحجّرة مغروسة في النفوس إلى حدّ بعيد. تنمو هذه النظرة بقوّة وسط الدوائر المسيحيّة العِلمانيّة وبين الناس الدُّنيَوِيّين ذوي الذهنيّة المسكونيّة. يزعم قادة الكنيسة العِلمانيّون والمسكونيّون، أنّ المسيحيّة التقليديّة قد عفا عليها الزمن وهي عقيمة، ولا تخاطب قلب الإنسان المعاصر، لذلك تحتاج إلى إصلاح وتغيير. فبحسب هؤلاء المسيحيّين ذوي الذهنيّة العصريّة الحديثة، أمست المسيحيّة التقليديّة الأصيلة عاجزة، لذا من الضروريّ تأسيس بُعد جديد، وبالحقيقة عهد جديد. كما ذكرنا، هذه الحالة موجودة الآن1.

ماذا قصد النبيّ دانيال حين كتب: «ويظنّ أنّه يغيّر الأوقات والسُّنّة» (دانيال 7: 25)؟. سيُغيّر المسيح الدجّال سُنَّة الله: إنّه العهد الثالث. سوف يحسبون أنّ آباء الكنيسة وقدّيسيها هم قديمو الطراز. وبحزن عميق نسأل عمّا إذا كان المسيح الدجّال يسود في الكنائس المسيحيّة. يُشير القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ إلى أمر مماثل. لهذا قال القدّيس كيرلّس الأورشليميّ «لا سمح الله!». مع ذلك، لم يكن القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ يُشير إلى المسيح الدجّال الأخير بل إلى الإكليروس المسكونيّين الذين، بعقليّتهم، يخدمون المسيح الدجّال.

في البلاد المسيحيّة الأرثوذكسيّة، لسنا مُحَصّنين ضدّ الهراطقة والإكليروس المسكونيّين المختبئين خلف المراكز الرفيعة. فهم يزعمون أنّ القوانين المقدّسة غدت عتيقة وخارج الزمن، وأنّ كتاب «البيذاليون» (دفّة السفينة)2 الذي جمعه القدّيس نيقوذيموس الآثوسيّ لا معنى له ولا قيمة. يقولون إنّ الصوم يجب أن يُلغى، وأن العِفّة الجنسيّة تُذكّرنا بالعصور المظلمة. وأنّنا نحيا في عصر جديد، وعلينا أن ننظر إلى شبابنا من منظور مختلف. لذلك يمكنهم المساكنة قبل الزواج، ولهم أن يعيشوا حياتهم الجنسيّة بحرّيّة. بما أنّ هذه الروح سائدة اليوم حتّى بين الإكليروس الأرثوذكس، أليس من المحتمل أنّ خدّام المسيح الدجّال يعملون أيضًا في الأرثوذكسيّة اليوم؟ هذا هو السبب في أنّ الله يعطينا قدّيسين في كلّ عصر، وفي كلّ قرن. فهذه طريقته ليبرهن للمؤمنين أنّ لا أحد يمكنه الادّعاء أنّ القدّيسين ينتمون إلى الماضي. يُعطينا الله العديد من القدّيسين في كلّ قرن. خلال القرن العشرين وحده، عندنا القدّيسون سلوان الآثوسيّ، نكتاريوس أسقف المدن الخمس، أرسانيوس الكبادوكيّ، يوحنّا ماكسيموفيتش من سان فرانسيسكو، نيقولاي فيليميروفيتش الصربيّ وغيرهم. في اليونان، يُعرَف القدّيس نكتاريوس بقدّيس القرن العشرين.

لهذا السبب يهبنا الله قدّيسين في كلّ جيل، لكي يسدّ أفواه الذين يجسرون على أن يتكلّموا على إنجيل مُتَحَجِّر وقديم الطراز. يضيف القدّيس إفرام السريانيّ قائلًا: «في أيّام المسيح الدجّال تلك، سوف تمتلئ وجوه المسيحيّين المُحبّين لله بالدموع، وسوف يطلبون كلمة الله بحرارة». سوف يبحث الشعب يائسًا عن عظة أرثوذكسيّة، وسيكون الجواب أنّه لا توجد عظة كهذه في أيّ مكان.

 

1 صُنّف كلام الشيخ هذا بالنبويّ وتمّ تداوله في العديد من المنشورات الكنسيّة في اليونان في السنوات الخمس الماضية بخاصّة بعد المؤتمر اللاهوتيّ المخزي الذي استضافته متروبوليتيّة فولوس العام 2010. لمزيد من المعلومات زوروا الموقع التالي: http://www.saintnicodemos.com/articles/postpatristictheology.php

2 كتاب للقدّيس نيقوذيموس الآثوسيّ يَضمّ مجموعة القوانين الكنسيّة (المعرّبة).