عظةٌ في رقاد والدة الإله.
الأسقف أغسطينوس كانتيوتيس، ميتروبوليت فلورينا.
أُلقِيَتْ هذه العظةُ في سهرانيّةٍ، أُقيمَت في أثينا، يومَ الأحد الّذي قبل عيد رقاد والدة الإله (15 آب)، وذلك قبل عام 1967.
نقلها إلى العربيّة: فريق القدّيس غريغوريوس بالاماس.
إنّ والدةَ الإلهِ الفائقةَ القداسة، هي الّتي تُسبِّحُها جميعُ الأجيال؛ هي الّتي مَدَحَها القدّيسُ غريغوريوس بالاماس، وهو أحدُ أعظمِ مَن سَبَّحوها؛ هي الّتي أقرنَتِ الخليقةَ المنظورةَ مع غيرِ المنظورة؛ هي الجسرُ النّاقِلُ الّذين في الأرضِ إلى السّماءِ؛ هي «الكُرسيُّ المُنَقَّطُ بِالشّمس»؛ هي «أوفرُ بهاءً من المصابيح الشّمسيّة»؛ هي الّتي بها «ٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا» (يوحنّا 1:14). إنّ الألسنةَ الملائكيّةَ وحدَها، قادرةٌ على أن تسبّحَ عظَمةَ والدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسة.
تعارضُ كنيستُنا الأرثوذكسيّةُ الهراطقةَ الّذين لا يقدّمون أيّ إكرامٍ لوالدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسة، بل يعتبرونها امرأةً مثل النّساء الأخريات. وتبادرُ كنيستُنا المقدَّسة إلى مدحِها وإكرامِها، بِالتّسابيحِ والابتهالاتِ والأعيادِ. والعيدُ الأوّلُ، بدءُ الأعيادِ، هو ميلادُ والدةِ الإله، الّذي نحتفلُ به في 8 أيلول كما تعلمون. بعد ميلادِها، نحتفلُ في 21 تشرين الثّاني، بِعيدِ دخولِ والدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسةِ إلى الهيكل. ويَليه عيدٌ آخر في 25 آذار، عيدٌ ذو أثرٍ عميقٍ في اليونان كلِّها، لأنّه مُتَزامِنٌ مع عيدِنا الوطنيّ، وهو عيدُ بشارةِ والدةِ الإله. وبعد ذلك تأتي النّهايةُ؛ لِكُلِّ إنسانٍ في هذا العالم نهاية. إنّ النّهايةَ لَقريبةٌ؛ رقادُ والدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسةِ قريبٌ. تُقيمُ هذه الكنيسةُ سهرانيّةً إكرامًا لها.
سنَستَقصي التّعاليمَ الّتي يمكننا أن نستخلصَها من عيدِ رقادِ والدة ِالإله، ونتبيّنُها. لأنّني أظنُّ أنّه لا يَكفي المجيءُ إلى الكنيسةِ هنا لِتقبيل هذهِ الإيقونةِ المقدّسةِ، أو لإشعالِ المصابيحِ وإضاءةِ الشّموعِ، إنّما يجب أن ندخلَ بِعُمقٍ في أسرارِ العيد، وأن نتشاركَ التّعاليمَ النّافعةَ لأنفسنا، ولِبيوتنا، ولِمجتمعنا. عسى أن تكون هذه العظةُ مفيدةً لكم.
أيّها الأحِبّاءُ، نَعلَمُ مِن الأناجيلِ أنّ والدةَ الإلهِ الفائقةَ القداسة، كانت حاضرةً عند صلبِ المسيح. وكانت حاضرةً عند قيامةِ الرّبِّ، وعند صعودِه، وكذلك يوم العنصرة. كما أنّها كانت حاضرةً يومَ اختارَ التّلاميذُ، الّذين شَكَّلوا الكنيسةَ الأولى، مَتِّياسَ لِيأخذ مكانَ يَهُوذَا الخائِن. ومنذ ذلك الحين، لم يُذكَر أيُّ شيءٍ عن هذا الموضوعِ، لا في الأناجيلِ، ولا في أعمالِ الرّسلِ، ولا في كلِّ ما وَثَّقَتْهُ قديمًا كنيسةُ العهدِ الجديدِ. وما سأخبرُكم به الآن، لم نَتَسلَّمْه من العهد الجديد، إنّما من مصدرٍ آخر لأرثوذكسيّتنا، وهو التّقليدُ المقدّسُ. إنّنا نختلفُ عن الهراطقةِ في هذه النّاحية؛ ليس لديهم إلّا الإنجيل، ولكنّنا نمتلكُ، إلى جانب الإنجيلِ، التّقليدَ المقدّسَ. نحن الأرثوذكسيّين، لدينا ثقةٌ لا تتزعزعُ بِتقليدِنا المقدّسِ الّذي يستكملُ روايةَ الإنجيل من حيث انتهَت. ماذا يُعلِّم هذا التّقليدُ عن رُقادِ والدة الإله؟ يعلّمُنا أنّه بعد صعودِ المسيح، كانت لِوالدة الإله عادةٌ جميلةٌ. ما هذه العادة؟
إنّ المسيحيّين الأوائل، في تلك السّنوات القديمة المُبارَكة – نظيرَ الّذين يملؤون حاليًّا ساحات المدن، ويُشبَّه تنزّهُهم فيها بِجَرَيان نهر الجحيم – قد عرفوا أين يذهبون للتّنزّه من أجل استنشاقِ الهواء النّقيّ. كانوا يمشون في المدافنِ والمقابرِ، خاصّةً أيّام الآحاد والأعياد الكبرى. ونظيرَ الّذين يُسارِعون حاليًّا إلى بطولاتِ كرة القدم وإلى ارتيادِ الشّواطئ، كان المسيحيّون في القرون الأولى يلجؤون إلى مدافنِ الموتى ومقابرِهم، بوَصفِها أمكنةً مُبهجةً؛ أمكنةً مليئةً بِالتّأمّلاتِ والخواطرِ البطوليّة؛ أمكنةً للفلسفةِ الحقيقيّةِ وللانتقال إلى العُلويّات.
وعليه، كانت لوالدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسة العادةُ هذه. فبعد صعودِ المسيح، لم يوجد في قلبِها إلّا شخصٌ واحدٌ فقط. كان هو الّذي رَعَتْهُ منذ الطّفولة، والّذي خَدَمَتْه طَوال فترة حياتِها الأرضيّة. في قلبِها كان حبيبُ اللهِ المحبوبُ، ربُّنا يسوع المسيح. إذا كانت كلّ أمًّ تحبُّ ولدَها من كلّ قلبها، على الرّغم من كثرةِ عيوبِه وأخطائه، فَلَكُمْ أن تتخيّلوا وابلَ المحبّةِ الّتي كانت تكنُّها والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسةِ لابنها الوحيد، وسُمُوَّ هذه المحبّةِ، وعظمتَها، بالإضافة إلى المشاعرِ المقدّسةِ الّتي كانت تكنُّها له بإجلالٍ.
كان ابنُها الوحيدُ، ربُّنا يسوعُ المسيحِ، ملكُ القدّيسين والملائكةِ، الكلمةُ الكلّيُّ الإكرامِ، والفائقُ التّألّهِ – المحورَ الميستيكيَّ السّرّيَّ، الّذي يدورُ حوله العالمُ الحسّيُّ، الأوفرُ غِنىً، الّذي لها. كان الرّبُّ، الألفَ والياءَ في حياتِها. وكان، كما نرتّلُ في تقاريظِ جنّازِ المسيح، ربيعَها العذبَ1، ربيعَ حياتِها العذبَ.
لقد عاشَت والدةُ الإلهِ مع ذكرياتِ ابنِها الوحيدِ بعد الصّعود. عاشَت مع تعليمِه، ومع رائحةِ العَرْفِ الّتي أفاضَها، بِخاصّيّته الفائقةِ الدّنيويّات. وعليه، اعتادَت أن تذهبَ، سيرًا على الأقدام، لِزيارة المكان المقدّس، المكان الّذي صلّى فيه الرّبُّ بِألَمٍ وجهادٍ، وذرفَ فيه الدّموعَ، وسقاهُ بِعَرَقِهِ الّذي نزلَ كَقطراتِ دَم. كانت تزورُ جَثْسَيْمَانِي.
لقد زارَت جَثْسَيْمَانِي مرّاتٍ عديدةً، لكن ذات يومٍ، وقد كانت آخِرَ زيارةٍ لها لذلك المكان، حَصَلَ أمرٌ هناك، وقد كان حَدَثًا مُذهلًا وفريدًا. ولْيَشُكَّ فيه غيرُ المؤمنين! إنّنا نؤمنُ بِالتّقليد المقدّس؛ نؤمنُ بِما أعطانا إيّاه الآباءُ؛ نؤمنُ بِأرثوذكسيّتنا.
تُفيدُ أرثوذكسيّتُنا إنّه، عندما زارَت والدةُ الإلهِ جَثْسَيْمَانِي للمرّة الأخيرة، حَدَثَ أمرٌ مُذهلٌ وفريدٌ: عندما مرَّت والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسة من هناك، سجدَت، ورفعَت يدَيها إلى السّماء، وصلَّت بِدموعٍ إلى الرّبِّ، ابنِها وإلهِها. وعندما سجدَت، انحنَت رؤوسُ الأشجارِ إلى الأرضِ، كما لو أنّها تقومُ بِمطّانيّةٍ (سَجدَة)، كما لو أنّها تُريد تكريمَ ملكة العالم، ملكة السّماء.
يا أحبّائي، هل ترون قوّةَ الصّلاة؟ أيّ نوعٍ من النّساء كانت تلك الّتي، عندما سجدَت وصلَّت بِإيمانٍ، جعلَت نجومَ السّماءِ تتزعزعُ! يا لَعظمةِ ما حدثَ! للّه دَرُّكِ، أيّتها الفائقة القداسة، يا من صلّيتِ في جَثْسَيْمَانِي، من أجل خلاصِ العالمِ وفدائِه!
لقد صلَّت إذن. ويَذكرُ التّقليدُ إنّه، عندما انحنتِ الأشجارُ، ظهرَ لها الملاكُ جبرائيل مرّةً أخرى. ظهرَ ذلك الملاكُ مجدّدًا، وهو رئيسُ الملائكةِ الّذي بشّرَها بِالخبر المُفرِح في الأزمِنة كافّةً، وأطلَعها بأنّها ستلدُ مُخلِّصَ العالم. بَيد أنّه، في المرّة الأولى التّي ظهرَ لها فيها، وحسب تقليدِ الكنيسةِ، كما هو مُصوَّرٌ في الإيقونات القيِّمة، كان يحملُ زنبقًا من السّماء، زنبقًا روحيًّا، زنبقًا يرمزُ إلى بتوليّتِها، بتوليّتِها الّتي من دون فسادٍ ولا عيبٍ. في المرّة الثّانية، الّتي ظهرَ فيها أمامها، لم يكن يحملُ زنبقًا، لكن سعفةً، غصنًا من شجرةِ نخلٍ. وذلك لأنّ النّخل هو رمزٌ للظَّفَرِ، ورمزٌ للانتصارِ على التّجاربِ، وعلى الموتِ. ويقولُ الآباءُ إنّه سلّمَ على والدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسةِ مرّةً جديدةً، وأبلغَها بأنّها ستنتقلُ، في وقتٍ قصيرٍ، من الأرضِ إلى السّماءِ، لِمُلاقاةِ ابنِها الوحيد.
نزلَت والدةُ الإلهِ من تلّة جثسيماني، وهي مُكتنَفةٌ بِعواطفَ إلهيّةٍ، وذهبَت إلى منزلِها المتواضع الفقير. لم يكن ذلك المنزلُ صَرْحًا عظيمًا، ولا يشبهُ أيًّا من منازلِ اليوم، المُشعشِعة كالبرقِ. لقد كان بيتًا صغيرًا متواضعًا، ويقعُ أسفل قمّة جثسيماني، ومكثَت فيه، مع ذكريات الرّبّ. دخلَت والدةُ الإلهِ المنزلَ. لم يكن لديها خدّامٌ، أسوةً بِسيّدات الطّبقة الأرستقراطيّة اللّاتي غالبًا ما يُسِئنَ معاملةَ خدّامهنّ، ويكنَّ مُجحِفاتٍ بِحقّهم من نواحٍ عديدةٍ. ما أقولُه هو أنّ والدةَ الإلهِ الفائقةَ القداسة، الّتي تخدمُها طغماتُ الملائكةِ ورؤساءُ الملائكةِ القدّيسون، لم يكن لديها خدّامٌ. لم تكن امرأةً متكبّرةً أو مغرورةً، مثل النّساءِ اللّاتي، بعد زواجِهنّ، يَأخُذْنَ الصّلاحيّةَ من أزواجِهنّ للتّحكّمِ بِالخدّام المساكين وإثقالِ كاهلِهم، من أجلِ إظهارِ سُلطتِهنّ فقط.
يُضيفُ التّقليدُ إنّ والدةَ الإلهِ الفائقةَ القداسة، ما إن عادَت إلى منزلِها المتواضعِ، وأدركَت أنّ حياتَها الأرضيّةَ تقتربُ من نهايتِها، حتّى أخذَت مكنسةً في يدَيها – الأمر الّذي تخجلُ من فِعلِه النّساءُ المُعاصِراتُ اليومَ، اللّاتي لا يَرغَبْنَ في القيامِ بِأيّ أعمالٍ منزليّةٍ –، وذهبَت وكَنَسَتِ المنزلَ كلَّه. جهّزَت بيتَها كلَّه، وجعلَته مُهَيَّأً لاستقبالِ الرّبِّ الآتي ليتقبّلَ روحَها النّقيّةَ. وبعد أن كَنَسَتِ المنزلَ و جهّزَته، استدعَت على الفورِ جارتَين لها، وهما أرملتان ولديهما أيتامٌ، ووزّعَت عليهما ثيابَها الفقيرةَ المتواضعةَ.
وبعد ذلك، أعلمَت الأصدقاءَ الّذين كانوا يُحيطون بها دائمًا، بأنّها ستنتقلُ من الأرضِ إلى السّماءِ في غضون ثلاثة أيّامٍ. ومن ثمّ تمدّدت على سريرِها، ووضعَت يدَيها المقدّستَين فوق بعضهما بِشكل صليبٍ، ومذ ذاك، استغرقَت في تفكيرٍ عميقٍ، وأحاسيسَ عميقةٍ، لأنّها ستغادرُ هذا العالمَ بعدَ وقتٍ قصيرٍ.
أيّها الإخوة، فَلْنَتَوَقَّفْ هنا. ينبغي لهذا الحدثِ، الّذي هيّأتْه والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسة لِموتها، أن يُرشدَنا للاتّصالِ بِالسّماء على غرارِها، للانتقال من الأرضِ إلى السّماواتِ.
أيّها الإخوة، إنّها لَعطيّةٌ من المسيحِ وبركةٌ لِمُختاري اللهِ، أن يشعرَ الإنسانُ مُسبقًا بِدُنوِّ أجَلِه. في السّنوات القديمة المُبارَكة، عندما كان النّاسُ يعيشون بِنقاوةٍ، ومحبّةٍ، وبتكريسِ الذّات لله، كانوا يشعرون مُسبقًا بِدُنوِّ ساعةِ موتِهم، وكانوا يقولون لأولادِهم: «يا بنيّ، إنّني أموتُ». «لكن ما الخطبُ يا أبي؟ ما بكِ يا أمّي؟» – «يا بنيّ، سأموتُ. لقد حانَت نهايتي». لقد كانوا يدركون ذلك الأمر. كانوا يتهيّؤون مُسبقًا له. كان صوتٌ داخليٌّ، رابطٌ ميستيكيٌّ سرّيٌّ وغيرُ منظورٍ مع الأبديّةِ، ملاكٌ مُتَسَتِّرٌ ذو أجنحةٍ، يُخبِرُ النّفسَ قائلًا: «ستموتين».
كان رؤساءُ الأديرةِ القدّيسون، والنّسّاكُ المُوَقَّرون الّذين عاشوا في الكهوفِ، والأشخاصُ القدّيسون الّذين عاشوا حياةً زوجيّةً في العالم، والرّجالُ والنّساءُ المُشَرَّفون، يتنبّؤون بِموتهم، ويتهيّؤون للرّحلةِ الأبديّةِ. إنّ مَن سيقومُ بِرحلةٍ، يستعدُّ ويهيّئ نفسه لها قبل أيّامٍ من موعدِها، ولا ينتظرُ حتّى اللّحظةِ الأخيرةِ. كذلك كانت تلك النّفوسُ التَّقِيَّةُ الوَرِعَةُ تتهيّأ للرّحلةِ الأبديّةِ.
إنّ الموتَ الفُجائيَّ هو لعنةٌ، وعلامةٌ للأزمنةِ الأخيرةِ. هل تسمعون ما تقولُه الكنيسةُ في الأغربنيّة (صلاة الخبزات الخمس)؟ إنّها تطلبُ من أجل أن يحفظَنا اللهُ من مخاطرَ عديدةٍ. ما المخاطر؟ «من الجوعِ، والوباءِ، والزّلازلِ،[...] والموتِ الفُجائيِّ». ترى كنيستُنا أنّ الموتَ الفُجائيَّ هو مثلُ الوباءِ، مثلُ الزّلازلِ... وإنّ تَزايُدَ الميتاتِ الفُجائيَّةِ المستمرَّ في جيلِنا، لَعلامةٌ من علاماتِ الشّرِّ.
إنّ الموتَ الفُجائيَّ شرّيرٌ، لأنّه لا يُمهِلُ الإنسانَ أيّ دقيقةٍ إضافيّة. فهو يشبهُ الصّقرَ... تجلسُ الدّجاجاتُ في المُروجِ وتأكلُ، وتظنُّ أنّها ستعودُ إلى الخُمِّ. بَيد أنّها لن تعودَ إلى خُمِّها. فجأةً، ينزلُ الصّقرُ من الأعلى، بقوّةٍ دافعةٍ، ويُمسكُ بِالطّيرِ الدّاجنِ، ويأخذُه بِجناحَيه إلى عشّه. مثلما يُباغِتُ الصّقرُ الدّجاجةَ في الحقلِ، ويقبضُ عليها، ويأخذُها، كذلك يحلّقُ الموتُ في الجوّ، وينزلُ على النّاسِ بِزَخمٍ. على الطّريقِ، على الرّصيفِ، على متنِ الطّائرةِ، في المكتبِ... أينما كنتُم. يقبضُ على الإنسانِ ويقولُ له: «هأنا ذا». لا يُمهِلُه ليقولَ: «ٱذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ».
إنّ الموتَ الفُجائيَّ لَأمرٌ سيّئ جدًّا. وعليه، تصلّي الكنيسةُ من أجل حِفظِنا منه. يا إلهي، يا إلهي... بِشفاعات أمِّك الكلّيّةِ الطّهارة، أصلّي من أجل ألّا يموتَ أيٌّ من الموجودين ها هنا ميتةً فُجائيَّةً، بل أن يعطيَنا اللهُ جميعًا علامةً على أنّنا سنرحلُ عن هذا العالمِ الباطِل، فنتهيّأ مُسبقًا للأبديّةِ، للرّحلةِ إلى السّماء.
لكن انتبهوا إلى أمرٍ آخر أيضًا. ينبغي للمسيحيّ، الّذي يشعرُ مُسبقًا بِدُنوِّ أجَلِه، سواءٌ أأبًا كان أم أمًّا، أن يفعلَ الشّيء نفسَه (أي ما فعلَتْه والدةُ الإله). ينبغي ألّا يتركَ الأمورَ على حالِها. هل ترَون أنّه، كلّما تقدّمَ الإنسانُ في السِّنّ، زادَ تساقطُ الثّلج على رأسِه2؟ يقولُ القدّيس قوزما الإيتوليّ – وهو قدّيسٌ أحبُّه، ويُحتفل بِعيده في 24 آب، خاصّةً في مدينة يوانينا – إنّه عندما يصير لونُ المحاصيلِ أبيضَ، ماذا تنتظرُ؟ إنّها تنتظرُ المنجلَ. يا إخوتي، وعندما يتحوّلُ الشَّعرُ إلى اللّون الأبيض، ماذا يترقّبُ؟ إنّه يترقّبُ منجلَ رئيسِ الملائكةِ. وقبل أن يأتيَ منجلُ رئيسِ الملائكةِ، ينبغي للنّساءِ والرّجالِ، والأمّهاتِ والآباءِ الّذين لديهم أبناء، والّذين يرون الثّلجَ يتساقطُ على رؤوسهم، أن يُهَيِّئوا بيوتَهم، ويوزّعوا ما لديهم على أولادهم بِعدلٍ. إذا كنتم تحبّون بيوتَكم، فاقتدوا إذن بِوالدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسةِ، الّتي وزّعَت أغراضَها على جيرانِها، وهي بعدُ على قيد الحياة. إذن، لا تتركوا الأمورَ عالِقةً في منزلِكم، إنّما تهيَّؤوا مُسبقًا ووزِّعوها. لأنّه بعد موتِكم، إذا كنتُم قد تركتُم الأمورَ عالِقةً، فَسَيُسرِعُ أولادُكم إلى المحاكم. إنّني أعرفُ عائلةً في نزاعٍ وخصامٍ منذ خمسة عشر سنةً، ووصل الأمرُ بها إلى أريوس باغوس (المحكمة العُليا). ويتشاجرُ أولادُ هذه العائلةِ، لأنّ والدَيهم لم ينظّما الأمورَ مُسبقًا، ولم يُهَيِّئا منزلَهما، إنّما تركا الأمورَ عالِقةً.
ولكنّ والدةَ الإلهِ الفائقةَ القداسة، تعلّمُنا أمرًا آخر عن موضوع الصَّدَقَة. لا تنتظروا أن تتصدّقوا بعد موتِكم. ففيما أنتم على قيدِ الحياةِ، وتستطيعُ أيديكُم أن تتحرّكَ وتسحبَ مالًا من محفظتِكم، فإنّ صدَقتَكم لها قيمةٌ كبيرةٌ. فَبعد الموتِ، لا تُعَدُّ صَدَقَةً بعدُ، بل هي مالٌ لم يَعد مُلكًا لكم. بالنّسبة إليّ، عندما تتسنّى لي القدرةُ، أذهبُ إلى المؤسّساتِ الخيريّةِ العظيمةِ المُشَيَّدَةِ، وألحظُ الأسماءَ المحفورةَ خارجَها، أسماءَ الأشخاصِ الّذين شَيَّدوها.
إذا كانَ الشّخصُ قد شيّدها خلال حياتِه الأرضيّةِ، فإنّني أقومُ بِسجدةٍ إكرامًا له. أمّا إذا كانت قد شُيِّدَت بعد موتِه، فأنا أشكُّ في الصّدَقة بعد الموت. إنّني لا أشكّك فيها من تلقاء ذاتي، إنّما الآباء القدّيسون يشكّكون فيها. هل سمعتُم عن المؤسّساتِ الخيريّةِ الّتي شُيِّدَت بعد وفاةِ أحدِ الأشخاصِ، والتي تؤدّي الصّدَقة؟ مثل هؤلاء الأشخاص يصرفون أموالَهم خلال حياتِهم، ويحتفلون ما داموا على قيد الحياة، وبعد موتِهم يتصدّقون. لو كان الأمرُ بِيَدي، لَكُنتُ كتبتُ خارجًا: «شُيِّدَت هذه المؤسّسة بِفعل وفاةِ المُحسِن». وعليه، ينبغي للشّخص الّذي يشعرُ مُسبقًا بِدُنوِّ أجَلِه، أن يقومَ بِأعمال الصّدَقة، كما فعلَت والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسة.
فَلْنُتابِع. وافى الموتُ والدةَ الإلهِ أيضًا. لقد ماتَت والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسة، وهي على سريرها. ماتَت تلكَ الّتي ولدَت خالقَ الحياة. كيف يمكن أن يدفنوها؟ أين كان أولادُها؟ الأولادُ يدفنون الوالدين. لكن هل كان لديها أولاد؟ نعم. أيّ أولاد؟ إنّهم أبناؤها الرّوحيّون، الّذين أحبّوها أكثر ممّا يفعلُ الأبناءُ البيولوجيّون الطّبيعيّون. مَن هؤلاء الأولاد؟ أيّها الآباءُ والأمّهاتُ، الّذين لا أولاد لديكم، لا تقلقوا. يمكنكُم أن تلِدوا أبناءً يحبّونكم أكثر ممّا يفعلُ الأبناء الجسديّون. كان لِوالدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسةِ أبناءٌ روحيّون. كان لها ابنٌ واحدٌ فقط حسب الجسدِ، ربّنا يسوع المسيح، وإنّنا لا نقبلُ فِكرَ الهراطقةِ الرّجسَ والآثمَ القائلَ إنّ لديها أولادًا آخرين غير الرّبّ. وفي حين أنّه لم يكن لديها أولادٌ جسديّون آخرون، فقد كان لديها أبناءٌ روحيّون أحبّوها أكثر. وقد كان الرّسلُ الاثنا عشر هم أبناءَها الروحيّين.
لكن، أين كان الرّسلُ عندما حانَ وقتُ رقادِها؟ كانوا بعيدين جدًّا. كان بطرسُ في روما، وبولسُ في مَكِدُونِيَّةَ، وأندراوسُ في باتراس، وتوما في الهند، ويوحنّا في أفَسُس، وتيطُس في كريت، وتيموثاوسُ في أفَسُس... كانوا منتشرين في أماكنَ مختلفةٍ. كيف أُبلِغوا الخبرَ؟ هل تساءلتُم كيف أبلَغَتْهم؟ آمنوا بذلك. وإذا آمنتُم، فستؤمنون بِما حَدَثَ في رقادِ والدةِ الإلهِ.
إذا كان الإنسانُ، الّذي وهبَه اللهُ عقلًا، قادرًا على إيجاد طريقةٍ لإبلاغِ أحد الأشخاصِ بِخبرٍ معيّنٍ، أكان في شيكاغو، أو في لندن، أو في أيّ بُقعةٍ من العالم، بِاستخدام التّلغراف، والهاتف، وما إلى ذلك، أفَلا يستطيعُ الخالقُ أن يجدَ طريقةً لإبلاغِ الآخرين عبر تلغرافِه السّماويّ؟ يا للهَول! كانَت طغماتُ الملائكةِ القدّيسين تطيرُ في كلّ مكانٍ «مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ» (عبرانيّين 1 : 14). لقد طارتِ الملائكةُ ذواتُ الأجنحةِ إلى جميعِ أصقاعِ الأرضِ من أجلِ إبلاغِ الرّسلِ.
حضرَ بطرسُ، وبولسُ، ويوحنّا، والرّسلُ الآخرون وقد حُمِلوا على سُحُبٍ منيرةٍ كأنّما على مركباتٍ، مثل حَمامٍ في السّماءِ. وآخر الكلّ، جاءَ الرّسولُ توما متأخِّرًا كَعادتِه. اقترَبوا منها. وإنّ أجملَ وأعذبَ ترنيمةٍ نسمعُها، «أيّها الرّسلُ اجتمِعوا من الأقطارِ...»، هي مستندةٌ إلى هذا التّقليد. وهذه التّرنيمةُ هي إحدى أجمل التّرانيم وأعذبها، الموجودة في كنيستِنا المقدَّسة.
نعم، لقدِ اجتمعَ الرّسلُ. وماذا يعلّمُنا هذا الأمرُ؟ يعلّمُنا أنّه، عندما يموتُ أحدُ أصدقائنا، ينبغي أن نوقِف كلَّ ما نفعلُه. ينبغي أن تكون مسؤوليتُنا الأولى الذّهابَ إلى الشّخص المتوفّى. ينبغي أن نذهبَ إلى الميتِ لتأدية واجبٍ مقدّسٍ. أوّلًا، يكون هذا الواجبُ تجاه هذا الشّخص الميتِ الذي هَجَرَ هذه الدّنيا الباطلةِ، وانتقلَ إلى السّماءِ، إلى عالمِ الأرواحِ العادمةِ الأجساد. ثانيًا، يكونُ تجاه أقاربِ الميتِ الّذين يتعزَّون بِوجودنا. لكن قبل كلّ شيءٍ، علينا تأديةُ واجبٍ آخر تجاه أنفسِنا. أيّ واجبٍ؟ إنّه واجبُ أن نذكِّر أنفسَنا بالأبديّةِ. إذا سألتُكم مَن يكونُ أعظمَ واعظٍ في أثينا، فَلن يتمكّنَ أحدٌ من إخباري. لكن، إذا سألتُكم مَن يكونُ أعظمَ واعظٍ في العالمِ كلِّه، فإنّه الموتَ. ما مِن واعظٍ أعظم.عندما ترى الّذي كان معك بِالأمس، وكان يحدّثُكَ، ويقولُ لك أمورًا عدّة، مُسَجّىً ميتًا، فإنّك تصرخُ: «بَاطِلٌ» (سفر الجامعة 1 : 2).
وعليه، يقولُ القدّيس قوزما الإيتوليّ إنّه عندما يموتُ أحدُ الأشخاصِ، ينبغي ألّا تدفنوه على الفورِ، لكن، تجمّعوا حوله لِأربعٍ وعشرين ساعةً، ولا تتحدّثوا، بل صلّوا. لأنّه ما مِن واعظٍ أعظم مِن الموتِ في العالمِ كلِّه. إنّنا نتعلّمُ من كلِّ إنسانٍ ميتٍ، فقيرًا كان أم غنيًّا، جنرالًا أو جنديًّا، ملكًا أو سياسيًّا أو مُتشرّدًا في الشّارع. وإذا كان كلُّ ميتٍ يذكّرُنا بالأبديّةِ، والتّوبةِ، والعودةِ إلى المسيحِ، وإذا صارَ كلُّ ميتٍ نبعَ تعليمٍ للإنسانَ، فلكُم أن تتخيّلوا أيّ تعليمٍ يقدّمُه لنا جسدُ والدةِ الإلهِ الفائقةِ القداسة.
لذلك اجتمعَ الرّسلُ، وحملوا النّعشَ على أيديهم، وأحضروه إلى خارج المدينة. وفي تلك اللّحظة، حصلَت هناكَ حادثةٌ. ماذا حدثَ؟ في تلك السّاعةِ، عندما انحنتِ الأغصانُ، وارتجفتِ الشّياطينُ، وقدّم الكلُّ ترنيمًا جنائزيًّا، ماذا فعلَ أحدُ اليهود؟ مَدَّ يدَه الدّنسة الرّجسة إلى النّعش لكي يطرحَه أرضًا. في الحالِ، وبِسرعةِ البرقِ، بترَت يدُ ملاكٍ يدَه، كما يظهر في الإيقونات. هذه هي الرّجاسةُ والخطيئةُ الّتي ارتكبَها اليهوديُّ ساعةَ كان الجسدُ المقدّسُ محمولًا على أيدي الرّسلِ، ومتّجهًا إلى خارج المدينة. وحسب التّقليدِ، فإنّ ذلك الرّجُل تابَ لاحقًا وشُفِيَ.
أيّها الإخوة، لقد أوشكتُ على الانتهاءِ. لن أستطرد. هذه بضعُ كلماتٍ عن تاريخ عيد رقادِ والدةِ الإلهِ. في نهايةِ هذه العظةِ، يصرخُ إلينا صوتٌ من السّماءِ، حيث نحن موجودون، ويقولُ لنا:
أيّتها الأمّهاتُ، اقتَرِبْنَ من الّتي هي مثالٌ للأمّهات، لِتَتَعَلَّمْنَ كيف تُحبِبْن أولادكنّ. أيّها الأولادُ، وخاصّةً الأيتام، اقترِبوا من أمِّ العالمِ الكلّيّة العذوبة، لِتجدوا لكم ملجأً. أيّتها العذارى الطّاهراتُ والنّقيّاتُ، اقتَرِبْنَ من العذراء، وحافِظْنَ على زنبقةِ البتوليّةِ هذه، على جمال البتوليّة. يا غيرَ المتعلّمين، تعالوا إلى الفائقةِ القداسةِ لِتتعلّموا الفلسفةَ الأعظمَ في العالم. أيّها الحكماءُ، تعالوا إلى الفائقةِ القداسةِ لِتتعلّموا أنّ الحكمةَ هي عمقُ التّواضعِ. فَلْنَأتِ، نحن الخطأة كلّنا، إلى والدة الإله، حتّى تقودَنا إلى قربِ المسيحِ. وأظنّ أن هذا سيكونَ درسَ الغدِ.
غير أنّه، بالإضافةِ إلى الدّروسِ الفرديّةِ كلِّها، الّتي نستخلصُها من تفاصيلِ قصّةِ رقادِ والدةِ الإلهِ المتعدّدةِ، فإنّ أهمّ درسٍ قدّمَته والدةُ الإلهِ الفائقةُ القداسة هو أنّ اسمَ الموتِ قد تغيّرَ. إنّ الموتَ، من ساعةِ صلبِ المسيحِ، من ساعةِ نزولِه إلى الجحيمِ وتحطيمِه الأبوابَ النّحاسيّةَ وغلبتِه، لم يعد بالأمرِ المُخيفِ أو المَقيتِ، كما كان يعتبرُه العالمُ قبل المسيحيّةِ، إذ كان يخشاه ويكرهُه. منذ قيامةِ المسيحِ من قاعِ الجحيمِ غالبًا، من تلك السّاعةِ، تبدّلَ طابعُ الموتِ المُخيف والمَقيت. إنّنا نتحدّثُ عن الّذين كانوا قبل المسيح، عن موتِ سقراط، وأرسطو، وأفلاطون.
لكن، ماذا نقولُ؟ منذ زمنِ المسيحِ وصاعدًا، إذا كنتم تؤمنون، فيكون الموتُ رقادًا. وعليه، فإنّنا نقولُ «رقاد والدة الإله». إنّ الإنسانَ لا يفنى. ليس الإنسان هو ما يبقى على الأرضِ، أو ما يذهبُ إلى القبر. جوهرُ الإنسانِ هو النّفسُ. يعيشُ الإنسانُ ويملكُ في عالم الأرواح العادمةِ الأجساد، في الأبديّة. الموتُ غيرُ موجودٍ. بالنّسبة إلى المسيحيّ الّذي يؤمن بِالمسيح الّذي قالَ «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ» (يوحنّا 11 : 25)، فإنّ الموت هو رقادٌ.
ما إن يحلّ المساءُ، حتّى تأخذَ الأمُّ ولدَها وتضعَه في المَهد لِيَنامَ. هل هناك من أمٍّ تبكي عندما تضعُ ولدَها في المَهد؟ هل سبقَ لكم أن رأيتُم هذا؟ مطلقًا. لأنّها تسمعُ تنفُّسَ الولدِ وتقولُ: «نَم يا ولَدي، نَم». هي تعلمُ أنّه عندما يُوافي الصّباحُ، سيستيقظُ الولدُ وهو حيُّ، مثلَ الزّهرةِ الّتي يتساقطُ عليها النّدى. مثلَ الأمّ الّتي لا تبكي عندما ينامُ ولدُها بين ذراعَيها، لأنّها تعرفُ أنّه سيستيقظُ مجدّدًا، هكذا لا ينوحُ المسيحيّون على الأمواتِ، حسب وصيّةِ الرّسول بولس: «لَا تَحْزَنُوا» (1 تسالونيكي 4 : 13).
ليست كذبةً – صادقةٌ هي ديانتُنا – إنّها لحقيقةٌ أنّ صوتَ البوقِ سَيصدحُ فوق المدافِن، فوق القبورِ. وكما أنّنا متأكّدون أنّ غدًا صباحًا هو يوم الاثنين، كذلك تأكّدوا أن ذلك اليومَ آتٍ، اليوم العظيم، حين يُسمَع البوقُ السّماويّ فوق القبورِ، ويقومُ الموتى. وعليه، عندما نصلّي، فإنّ صلاتَنا لا تكونُ من أجل الموتى، بل من أجل أحبّائنا الرّاقدين. ولهذا السّبب، كان النّاسُ يعبِّرون عن معتقداتِهم، في السّنواتِ القديمةِ، بِالإيمان. ما قيمةُ الشّهاداتِ اليومَ، وما قيمةُ الجامعاتِ والإجازاتِ الدّراسيّةِ، إن لم يوجدِ الإيمانُ؟ قُل كلمةً واحدةً في الإيمان، أُعطِكَ شهاداتِ العالمِ كلَّها. إذن، في السّنواتِ القديمةِ، عندما كان الإيمانُ موجودًا، فإنّ مكانَ دفنِ الأموات لم يكن اسمُه مدفنًا (مكان دفنِ الموتى)3، بل مَرْقَدًا (مكان رقادِهم)4. ولم يكن يُكتَبُ «ماتَ» فوق الصّليبِ، بل «رَقَدَ».
هذا هو الدّرسُ المُعطى لنا في عيدِ اليوم، بالإضافة إلى وجوبِ تهيئةِ نفوسِنا مُسبقًا.
https://www.johnsanidopoulos.com/2017/08/homily-on-dormition-of-theotokos-metr.html
1. تقاريظ جنّازِ المسيح – الجزء الثّالث (المُترجِم).
2. يستخدمُ المطرانُ أغسطينوس هذه العبارةَ بالمعنى المجازيّ، ويقصد بها أنّ الشَّعر الأبيض (الشَّيب) يزدادُ مع تقدّمِ العمرِ (المُترجِم).
3. الكلمة هي νεκροταφεία باللّغة اليونانيّة (المُترجِم).
4. الكلمة هي Κοιμητήρια بِاللّغة اليونانيّة (المُترجِم).