محاضرة في جماعة الخمسينيّين وخبرة النعمة الإلهيّة.
الجزء السّابع الأخير: مصيرُ الأرثوذكسيّ.
الأرشمندريت جورج كابسانيس.
نقلها إلى العربيّة فريق القدّيس غريغوريوس بالاماس.
بإمكاننا أن نعذُر انجذاب الشُّعوب المختلفة إلى هذه البِدَع المُعتمة. أمّا نحنُ، الرُّوم الأرثوذكس حاملي التَّقليد العَريق والعملاق، والشرقيّين واليونانيّين، فلا عُذرَ لنا؛ لا عُذر لمن عندَهم آلاف القدّيسين، والأديرة، والكنائس، والمزارات، والمحجَّات، والذّخائر المقدَّسة. هل مِن تَساهُلٍ معَنا إن ضَلَلنا؟ إنَّه ابتعادٌ عن إله آبائنا. يحاول الشّيطان بشتَّى الوسائل أن يدمِّر الكنيسة، لكن اعلموا، أنَّه في كُلِّ محاولةٍ له، يكونُ هو الخاسر. يخالُ أنَّه يخلق الأذى والحروب للمسيح وللكنيسة وللمؤمنين، لكن في النّهاية يلقى مُصيبة ًله؛ لأنَّ الله يستخرج النَّافِعَ لنا والحَسنَ دومًا، من كُلِّ حربٍ ضدّ الشّيطان والبدع والهرطقات. أيُّ فائدة؟ يثبت الأرثوذكسيّون أكثر فأكثر في الإيمان، ويظهر شهداء ومعترفون جديدون، ولاهوتيّون لامعون في سماء الكنيسة، يدافعون عن الإيمان المستقيم.
إن لم يحارِب التيَّارُ الغربيُّ- يمثِّلهُ الرّاهب برلعام- رُهبانَ الجبلِ المقدَّس، فلَما لمعَ تعليمُ القدِّيس غريغوريوس پالاماس، لاهوتيِّ كنيستنا العظيم، أُسقفِ تسالونيكي العجائبيّ. جاهَر بتعليمه المُهِمّ عن النّور اللّامخلوق، وجاءت خسارة الشّيطان مضاعفَةً. يخال أنَّه يجلب لنا السّوء، ولكنَّ الله يحوِّل الحربَ نصرًا للكنيسة.
لولا وجود هرطقةِ الخمسينيّين، لما اجتمعنا اللَّيلة لنتحدَّث هنا. هل كنَّا سنسمع ما سمعناه؟ هل كنَّا سنشهد هذه الشَّهادة؟ يقول بولس الرَّسول، إنَّهُ لا بدّ من وجود هرطقاتٍ، كي يظهر الثّابتون في الإيمان (لأنَّه لا بُدَّ من أن يكونَ بينَكُم بِدعٌ أيضًا ليكونَ المُزكُّونَ ظاهِرينَ بينَكُم). (1 كور 11: 19)
في مِثلِ هذه الأوقات، إذ تُحارَبُ كنيستُنا المقدَّسة مِن الإلحاد والماديَّة وعِبادَةِ الجسد والهرطقات والإذاعات والتّلفاز والإعلام والجرائد وغيرها، ستنجلي الأرثوذكسيّة، وسيظهر المؤمنون الأصليِّون الحقيقيُّون والمجاهدون المعترفون بالإيمان المستقيم. اعلموا أنَّه في الأوقاتِ الحرجة جدًّا، يُبارك اللهُ القدُّوس كلَّ مسيحيِّ يحفظُ إيمانَه الأرثوذكسيّ، ويمنحه أجرًا كبيرًا، لأنَّه رُغم انحراف عصرِهِ الشرِّيرِ، ظلَّ ثابتًا من دون أن ينجرف وراء روح الضَّلال، أو الوثنيَّة الجديدة (بَعل المعاصر) أو الآلهة الكذبة، ولم يحنِ لها ركبةً، بل بقيَ على إيمانِه الأرثوذكسيِّ لا يتزعزع. عسى جميع الأرثوذكسيّين الروّميّين لا ينتهي بهم المطاف كالإسخريوطيّ، خائنين منشقّين عن الإيمان المستقيم!
علّ الله ينير كلّ الحاضرين اللَّيلة، وكذلك كُلّ من كان قد سبق وضلَّ، عن جهلٍ أو جرّاء مكرِ المخادع الشرِّير، وانجرَّ وراء هذه الهرطقات؛ علَّ الله يُنيره فيعود إلى الأرثوذكسيَّة، ويكون له رجاء الخلاص.
أقول ختامًا، قد نكون جميعًا خطأة، وبالفعل نحن كذلك. لكن، ما دمنا في كنيستِنا الأرثوذكسيَّة، فلنا رجاءٌ بالخلاص. أمّا إن كُنَّا أبرارًا، لكن خارجَ الأرثوذكسيَّة، فليس لنا رجاءٌ بالخلاص. كيفما كانت حالُنا، نحن المستقيمي الرّأي، فسنتوب ونعترف، ويغمرنا الله ويرحمنا؛ أمَّا خارج الكنيسة فمن سيخلِّصنا؟ أيُّ روحٍ قدسٍ سيغفر لنا خطايانا؟ من يتشفَّع من أجل نفوسنا بعد الموت؟ فليعلَم الأرثوذكسيُّ أنَّه يرقد على رجاء الخلاص. أمَّا مَن ترك الكنيسة، حتَّى إن اعتقد أنَّه صالحٌ، فما من رجاءِ خلاصٍ له. لذا، فلنبقَ يا إخوتي، في كنيستِنا المُقدَّسة، أُمناء ثابِتين عنيدين بتعصُّبٍ مُقدَّسٍ (بالمعنى الجيَّد للكلمة) حتَّى نهاية حياتنا، كَي نجِدَ، بنعمةَ الله وبركةَ سيِّدتِنا العذراء، رجاءً بالخلاص. آمين!