عظة في إنجيل الإيوثينا العاشرة (يوحنا21: 1 - 14)
الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس
نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم
يشير إنجيل الإيوثينا الذي قُرئ اليوم في صلاة السحر إلى ظهور المسيح الثالث لتلاميذه كما قدَّمه يوحنا الإنجيليّ. الظهور الأول كان في مساء اليوم الأول، والظهور الثاني كان في الأحد التالي عندما كان توما حاضرًا أيضًا، والظهور الثالث هو ما نقرأه اليوم عَمّا حصل على طول شاطئ بحر طبريَّة.
ذهبت مجموعة من التلاميذ، سبعة منهم تحديدًا، للصيد. لكن التلاميذ لم يتمكَّنوا من اصطياد أي سمكة، على الرغم من أنَّهم كانوا هناك طوال الليل. ثم ظهر المسيح، عند الفجر، على اليابسة وسألهم هل عندهم شيء يأكلونه. فلمَّا أجابوا بالنفي، حثَّهم على إلقاء شباكهم على الجانب الأيمن من السفينة. وبعد أن أطاعوا ذلك، اصطادوا سمكًا كثيرًا، وقد بلغ عددها، فيما بعد، مئة وثلاث وخمسين سمكة. وبهذا فهموا أنَّ هذا الإنسان هو المسيح. هذه حادثةٌ تُظهِر المسيحَ وهو يُعلِنُ ذاته. يمكننا أن نقول إنه كان تجلِّيًا صغيرًا. وكان أوّلُ مَن فهم ذلك هو يوحنا الذي أخبر بطرس بذلك، الذي اتَّزر بثوبه وبدأ يسبح في الماء للقاء المسيح.
يمكن تسليط الضوء على الكثير في رواية القيامة العجيبة هذه. ولكن نَظَرًا لِضيق الوقت، لهذه العظة الصباحيَّة، اسمحوا لي أن أركِّز على ثلاث نقاط مختصرة.
أوّلاً، على الرغم من أنَّ التلاميذ رأوا المسيح أثناء حياته، إلاَّ أنَّهم هنا لم يعرفوه وهو جالس على الأرض. وهذا يبيِّن لنا أنَّ معرفة المسيح والاعتراف به هما مسألة خبرة إعلان، ولا يتعلَّقان بالحَواس الخارجيَّة. الله يُعلِنُ نفسه للناس. أحيانًا، يُبعِدُ أذهانَ الناس عن إدراكه، وأحيانًا يُنيرُهم لاكتساب خبرة المعرفة، وهذا بالطبع يعتمد على الحالة الروحيَّة للناس. ولذلك يعتبره البعض إنسانًا عاديًّا والبعض الآخر يعتبره الإله الحقيقي.
ثانيًا، هو أنَّ المسيح، بصفته الله، يَسودُ على الخليقة. فهو يرى كل شيء، أين توجد الأسماك، وأين توجد الحيوانات. إنه لا يَسودُ على العالم فحسب، بل يحرِّكه أيضًا. كل شيء يطيع أوامره وكلماته. لسوء الحظ، غالبًا ما يفشل الناس في إطاعة وصاياه، تَحديدًا، لأنَّ لديهم الحرية في أن يحزنوا ويتعذّبوا ويُعانوا ويتألّموا. لقد كان التلاميذ في حالة من الضّيق طوال الليل من دون المسيح، لكنهم أطاعوا المسيح ونالوا بَرَكة جَزيلة.
ثالثًا، هي أنَّ يوحنا الذي يرمز إلى الثاوريا (الرؤية الإلهيَّة) كان أول من تعرَّف على المسيح، ومن ثَمَّ بطرس الذي يرمز إلى العمل، والذي بغيرته أسرع إلى لقائه. إنَّ محبَّة المسيح مهمة جدًّا، وكل شيء آخر يتبعها. بطبيعة الحال، يجب على القسم الروحانيّ من النفس أن يطبِّق مشيئة المسيح، حتى يتمكَّن الإنسان من المجيء إليه، فإن كان لدى المرء المحبَّة فقط، لكنّه لا يحيا حسب ما يقوله المسيح، فلن يتمكَّن من تحقيق مشيئته ومحبَّته. عندها فقط يمكن لأي شخص أن يدَّعي أنه يتعايش مع المسيح.
ولأنَّ هذه العظة تجري أثناء القداس الإلهي، فلا بد من القول إنَّ هذه الحادثة تعلِّمنا أنَّ محبَّتنا للمسيح يُعَبَّر عنها بشكل رئيسيّ من خلال الأعمال والجهد في مراعاة مشيئة الله والاشتراك في الإفخارستيَّا الإلهيَّة كل يوم أحد. يقول البعض إنَّهم يحبُّون المسيح، لكنهم لا يذهبون إلى الكنيسة. فكيف سنعبِّر إذن عن محبَّتنا؟ يكون المسيح حاضرًا مع الذين يحبُّونه ويرغبون في لقائه في الإفخارستيَّا الإلهيَّة.
إذًا، كل يوم أحد، هناك لقاء مع المسيح القائم من بين الأموات في الإفخارستيَّا الإلهيَّة. وإلّا، فلا معنى ليوم الأحد.
https://www.johnsanidopoulos.com/2019/08/homily-on-tenth-eothinon-gospel-john.html