عظة في إنجيل الإيوثينا التاسعة (يوحنا 20: 19 - 31)
الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس
نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم
إنَّ الإيوثينا التي قُرِئت اليوم معروفةٌ جدًّا، لأنَّ الجزء الأول منها يُقرأ في الكنيسة أثناء صلاة غروب الباعوث، أي اليوم الأول لقيامة المسيح، وحيثما أمكن، يُقرأ بالعديد من اللغات، و يُقرأ النص أيضًا بأكمله في أحد توما لأنَّه يُشير إليه.
تَصِفُ هذه القراءة الإنجيليَّة ظهورَين للمسيح لتلاميذه. الظهور الأول كان في مساء اليوم الأول من القيامة، بينما كان توما غائبًا، والظهور الثاني كان يوم الأحد التالي، بعد ثمانية أيام، بحضور توما.
في ظهوره الأول، أعطى المسيحُ تلاميذَه ثلاث هِبات عظيمة. الأولى هي السلام. فقال لهم: «السلام عليكم». إنَّه سلامٌ داخليٌّ يحرِّر الإنسانَ، بنعمة الله، من الشكوك الداخليَّة والاضطراب والخوف وعدم الاستقرار. إنَّه سلام القيامة، وهذا السلام ينشئ في النفس فرحًا، ولهذا قيل: «فرح التلاميذ إذ رأوا الربَّ». الهبة الثانية هي الرسالة البِشارِيّة إلى العالم. أعطاهم القوة لِلذَّهاب في مَهَمّة رسوليَّة حول العالم. فقال لهم: «كما أرسلني الآب، كذلك أنا أرسلكم إلى العالم». المسيح رسولٌ، وتلاميذُ المسيح رُسُلٌ. لكن مَهَمّة التلاميذ في العالم لم تكن أن يفعلوا ما يفعله الآخرون، بل أن يفعلوا ما لا يستطيع الآخرون أن يفعلوه، أي أن يغفروا خطاياهم. وأمَّا الهبة الثالثة التي قدَّمَها لهم؛ أعطاهم الروح القدس لمغفرة الخطايا. لذلك، أولئك الذين يقبلون مهمَّتهم، سوف يكتسبون خبرة مغفرة خطاياهم، وأولئك الذين لا يقبلونها، لن تُغفر خطاياهم.
ومن يرى المسيحَ القائمَ، ينالُ هذه الهبات الثلاث، أي السلام، الذي يتجاوَز الموت، فيصبح بذلك شخصًا نافعًا في المجتمع وفي العالم أجمع. وعندما ينال الوظيفة الرسوليَّة، أي كهنوت المسيح، من خلال الكنيسة، يَكونون عَونًا للناس بِطُرُقٍ مختلفة، بمغفرة خطاياهم.
في ظهوره الثاني بعد ثمانية أيام، بحضور توما الرسول، أظهر المسيح إحسانَه ومحبَّته، إذ وافق أن يَلْمُسَهُ توما، الذي مُنِح إيمانًا عظيمًا، ثمرة خبرة القيامة. في تعاليم آبائنا، لم يكن توما رسولاً غيرَ مؤمِنٍ، كما نفهم ونعني بغير مؤمِنٍ، لكنَّه أراد أن ينتقل من الإيمان بالسَّمَع إلى الإيمان بالنَّظَر. الإيمان عن طريق السَّمَع هو الإيمان المرتبط بالمعلومات التي يُقَدِّمها لنا الآخرون. أكَّد التلاميذُ للرسول توما أنَّهم رأوا المسيح، لكن هذا الإيمان لم يكن كافيًا بالنسبة له، إذ أراد أن يتقدّم إلى الإيمان بالنظر، أراد أن يرى المسيح شخصيًّا. فتركه المسيح يتعلَّم أسبوعًا كاملاً، ثم ظهر ليعطيه الإيمان بالنَّظَر. فقال توما: «ربي وإلهي».
إنَّ قيامة المسيح، أيّها الإخوة الأحِبّاء، التي نحتفل بها كل يوم أحد، هي مِلء الحياة، وهي أعظم هبة يمكن أن ينالها الإنسان في حياته. إنها الدخول في سر، هو في نفس الوقت سر تجديد وجودنا. مثل هذا التغيير يخلق السلام والإيمان والفرح داخلنا جميعًا. إنَّ تدبير الله ومحبَّته يجعلاننا ندخل تدريجيًّا في هذا الحدث، ربما لأنَّه لم يكن بوسعنا أن نتقبَّله بطريقة أخرى. نحن نقبل كلام شهود العيان لقيامة المسيح، ونثبت فيها، ومن ثم يمكننا أن نكتسب خبرة شخصيَّة للقيامة. إنَّ حضورنا في الكنيسة كل يوم أحد وسماع كلمات الرسل المعاصرين سيعطينا اليقين بوجود المسيح القائم.
https://www.johnsanidopoulos.com/2019/08/homily-on-ninth-eothinon-gospel-john.html