عظة في إنجيل الإيوثينا الثامنة (يوحنا 20: 11 - 18)
الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس
نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم
يا إخوتي الأحباء، يتحدَّث إنجيل الإيوثينا الذي سمعناه اليوم عن ظهور المسيح القائم من بين الأموات لمريم المجدليَّة، التي أتت إلى قبر المسيح فجرًا، بحسب وصف الإنجيليّ يوحنا. ما نلاحظه هو أنَّها رأت أولاً الملائكة داخل القبر، ثم رأت المسيح القائم من بين الأموات. سنبحث بعض النقاط المثيرة للاهتمام حول هذه الظهورات.
تجدر الإشارة أولاً إلى أنَّ مريم المجدليَّة كانت لديها غيرة كبيرة ومحبَّة للمسيح. لقد طرد المسيح منها سبعة شياطين وكانت امرأةً طاهرةً. إنَّ ما يقوله بعض الكتَّاب الأدباء الملحدين، الذين ينسبون لمريم المجدليَّة مشاعر خاطئة تجاه المسيح، هو تجديف ومرض، ويظهر بالتأكيد الحالة العاطفيَّة والمرضيَّة التي يعاني منها كاتبوها. كانت مريم المجدليَّة امرأة قديسة، وقد وصلت إلى حالة روحيَّة عظيمة، ولذلك استحقَّت رؤية المسيح القائم. فمن المعروف أنَّ المسيح ظهر لأولئك الذين وصلوا إلى مستوى عالٍ من الحياة الروحيَّة وكانوا قادرين على رؤيته.
ظهرت غيرتها ومحبَّتها الكبيرة للمسيح في دموعها. يكتب يوحنا الإنجيليّ أنَّها وقفت أمام قبر المسيح وبكت. ثم رأت ملاكَين يرتديان ملابس بيضاء فسألاها عن سبب بكائها. وعندما أخبرتهما أنَّها تبكي لأنَّهم سرقوا المسيح ولم تعرف أين وضعوه، التفتت فجأة ورأت المسيح نفسه، الذي سألها عن سبب بكائها وعمَّن كانت تبحث. شعرت مريم المجدليَّة أنَّ هذا هو بستاني ذلك المكان، فطلبت منه أن يخبرها إذا كان قد وضع جسد المسيح في مكان آخر حتى تتمكَّن من الذهاب للحصول عليه. ثم دعاها المسيح باسمها "مريم". فعرفت أنَّه المسيح، فأمرها أن تذهب وتعلن لتلاميذه أنَّه سوف يصعد إلى أبيه، الذي هو أيضًا أبوهم، وإلى إلهه الذي هو أيضًا إلههم. ثم صارت مريم رسولةً للرسل قائلة: "قد رأيت الرب".
تُظهر حالة مريم المجدليَّة الطريق نحو المسيح القائم من بين الأموات، والذي يجب أن يصبح طريقنا أيضًا. هذا هو الأسلوب الذي يتبعه قديسو كنيستنا، وهو بالفعل خبرة الكنيسة.
الكنيسة هي تذكار السيد، وخاصة المذبح المقدس الذي يُحتفل عليه بالسر غير الدموي. كل من له محبَّة عظيمة للمسيح ويتواجد في الكنيسة وفي القداس الإلهي ويعبِّر عن حبِّه بالبكاء، أي بكاء التوبة، فهو يريد أن ينال شركة مع المسيح، بل أيضًا بكاء المحبَّة، لأنَّ التوبة تحصل في جو من المحبَّة، فيستحقَّ أن يرى الملائكة المستنيرين يعزُّونه. سيتواجد المسيح هناك أيضًا. التفتت مريم المجدليَّة في ذلك الوقت دون أن يخبرها أحد، ولكن كان لديها انجذاب كبير، وشعور عظيم، ورأت المسيح، رغم أنَّها لم تعرفه بعد، واستنتجت أنَّه بستانيّ. لذلك سنرى نحن أيضًا في الكنيسة قدّيسين، أناس ملائكيين، سيعزُّوننا، وفي مرحلة ما سيأتي إلينا المسيح، مثل شمس متَّقدة وساطعة، ويلفت انتباهنا إليه. وكما سمعت مريم اسمها، كذلك سنسمع نحن أيضًا اسمنا، ولكن من خلال الصوت انتقلت القوة الإلهيَّة ومن خلاله عرفت المسيح. ولكن حتى ذلك الحين لن يسمح لنا بلمسه، أي أنَّه لن يمنحنا ملء الشركة معه، لأنَّه يريد أن يزيد فينا الرغبة في تقدمٍّ وصعودٍ أكبر.
إنَّ الكنيسة الأرثوذكسيَّة، أيّها الإخوة الأحباء، هي كنيسة القيامة وكنيسة الشعب القائم، ولهذا هي كنيسة الخبرات. من يعيش حقًا داخل الكنيسة، وليس بشكل سطحيّ، يصادف المعجزات المتزايدة، والمراقي الروحيَّة، وأشعَّة النور الساطعة.
https://www.johnsanidopoulos.com/2019/08/homily-on-eighth-eothinon-gospel-john.html