القدّيس مكاريوس الّذي من أوبتينا.
الرّسالة السّابعة.
نقلتها إلى العربيّة: يولّا يعقوب.
إنّكَ تكتبُ أنّ اليأس يستولي عليكَ، بالرّغْمِ مِنْ قراءتكَ الكتبَ الرّوحيّة. أنتَ تَغْصُبُ ذاتَك على الصّوم، وَالسّهر، وَالصّلاة، ولا تعرفُ لِماذا تفعل هذا كلّه. أنتَ تعلم أنّه ينبغي لك، أن تقوم بذلك من أجل محبّة الله؛ لكنّك لا تشعرُ بهذه المحبّة في داخلك، بل تتقاذفُ بكَ الأفكارُ الشرّيرة. تتدفّقُ الأهواءُ كَالشّلّال مِن قلبكَ، الواحدُ تِلوَ الآخر، وأنتَ تلتمسُ نصيحَتي بِشأن هذا الوضع المُزعِج، واضِعًا رجاءَك في الرّبّ القادرِ على أن يخلّصكَ بِقوّته...
إنّ قراءة الكتبِ الآبائيّةِ، مفيدةٌ وَضروريّةٌ، شرطَ أن ترغب في معرفة مشيئة الله. لقد حَفِظَ الآباءُ كلمةَ الله، كما سُلِّمَتْ لنا في الكتب المقدّسة. لقد اختبروا الحقيقة، وقدّموا لنا أفضل الأمثلة، عبرَ حياتهم وتعاليمهم. إن كنتَ تقرأُ الكتابَ المقدّس وحدَه، وَلا تقرأ الآباء، فلن تتعلّمَ كيف عاشوا، أو كيف خاضوا الحرب الرّوحيّة. سَتعتقدُ أنّك تستطيع تدبيرَ أمورك بِنفسك، وأنّ عَزيمتَكَ لن تضعف. عندما تقرأ نصوصًا للآباء القدّيسين، عليك أن تحاول تطبيق ما يقولونه لك. إن لم تصل إلى قامَتِهِم، عليك أن تعترف بِضعفكَ، وأن تتواضعَ؛ كي تُؤَهَّل لِنَيل رحمةِ الله، الّتي تنسكب بِفَيضٍ على المُتَوَاضِعين.
نقرأ في كتاب الشّيوخ، الآتيَ: سأل أحدُ الإخوة الشّيخَ: «ماذا ينبغي لي فِعلُه، عندما أقرأُ نصوصًا للآباء القدّيسين، من دون أنأطبّق ما يقولون؟». أجابَه الشّيخُ: «إذا كنتَ تقرأُ كلماتِ الآباء القدّيسين، ولا تنفّذها، تَواضَعْ فيرْحَمَكَ الله. لكن إن كنتَ لا تقرَؤها، فلن تتواضعَ، وَالله لن يرحمَكَ أيضًا». هكذا هي الحال، قراءةُ الكتب التّعليميّة مع النّصائح العمليّة، لها فائدةٌ كبيرةٌ.
أنتَ تقول، إنّك تمارسُ الفضائل الجسديّة، ولا تعرف لماذا تفعل ذلك. ليس صحيحًا. أنت تمارس هذه الفضائل، بِدافِع محبّتك لله. قد تكون أفعالُكَ ناقصةً، لكن في داخلك قد زُرِعتَ بذرةٌ صغيرةٌ من المحبّة لله، بوساطة الإيمان.
إن كنّا نقرأ كلمةَ الله وَسِيَر القدّيسين، الّذين تغلّبوا على أهوائهم واكتسبوا محبّة الله، فَلْنَغْصُبْ أنفسَنا إذن، قَبْلَ كُلّ شَيْءٍ، على القيام بأعمالٍ صالحةٍ، وإظهار محبّتنا لِقريبنا، عبرَ أفعالِنا. عندما نقوم بهذا كَمَا يَنْبَغي، سَنبدأ في التّأمّل بالله، وَسَتَجِدُ نفسُنا التَّعزِيَةَ، وَسَنَبْلُغُ محبّةَ الله الحقيقيّة... حياتُنا، هي معركةٌ روحيّةٌ، ونحن محارِبون، نتصارعُ مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ (أفسس 6: 12). نحن بحاجةٍ إلى سلاحٍ ضدّها، وهذا السّلاح هو التّواضع، الّذي يمكّنُنا من مُقاومتِها بِسهولةٍ، وبجُهوزيّةٍ تامّة. هذا ما يجب أن نُعنى به، في جهادِنا وأعمالِنا؛ فالمحبّةُ نفسُها، لا تنفصلُ عنِ التّواضع.
https://pemptousia.com/2022/10/why-the-texts-of-the-fathers-help-us-in-our-struggle/