صعود المسيح
الأب الراهب غريغوريوس الآثوسي
نقلها إلى العربيّة: ماهر سلّوم

بصعوده إلى السماء، بعد أربعين يومًا من قيامته، فتح المسيحُ، الإله-الإنسان، السماءَ للبشريّة. بعد هذا الحدث، صارت السماء مفتوحة للذين يعيشون بحسب تعليم الله. كما يلاحظ القديس غريغوريوس بالاماس، لقد نزل المسيح إلى الأرض من دون انتقالٍ مَكانيّ بل بتنازُلِه من أجلنا، ويعود إلى السماء بالطريقة ذاتها، من دون تبديل في ألوهيّته، بل مُمَجِّدًا في السماء طبيعتنا البشرية التي اتّخذها في تجسّده.¹
وباتّخاذه جميع تفاصيل البشريّة، أي طبيعته البشريّة، قدّمها المسيح إلى الله الآب. ومن خلال هذه التقدمة، جلب المسيح بركة الله لكل الجنس البشريّ. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: “عندما نال الله الآب تقدمة الابن، عظّم التقدمة لإكرام الذي صنع التقدمة ولطبيعة التقدمة الطاهرة التي استلمها بيديه ووضعها بجانبه وقال ‘ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي‘ (مزمور 1:109). لأيٍّ من المخلوقات قال الله ‘ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي‘؟ للذي سمع الكلمات ‘أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ‘ (تكوين 19:3)!… تصوّروا لأيّ مَكانة حقيرة سقط الإنسان، ولأيّ منزلة سامية ارتفع. لم يوجد للإنسان أي نقطة أدنى من المَكانة التي سقط فيها، ولا أي مرتبة أعلى من حيث رفعه المسيح!”² يوم الصعود هو وطيدة كل هذه الصالحات.
يقول القديس نيقوديموس الآثوسي: “القصد الأخير من التدبير الإلهي هو إصعادنا إلى السماء. فهناك يكمن خلاصنا الحقيقي، وهناك سوف نبتهج بالتّمَعُّن الكلي الحلاوة بسيّدنا الحبيب… لكن يجب علينا الجهاد كي نصعد إلى السماء… إن لم نطرح عنّا محبة اللذّات الشهوانيّة والأطماع وشهوة المال وبشكل عام، كل ما يُبقينا متمسّكين بهذه الحياة الأرضيّة، فلن نصعد إلى السماء. لكن إن سَعَينا أن نطرح عنّا كل هذه الأشياء، فالمسيح الذي في السماء سوف يجذبنا إليه بنعمته الجزيلة.”³
 

Gregorios, Hierοmonk. The Orthodox Faith, Worship, and Life. Cell of St John the Theologian, Koutloumousiou Monastery Mount Athos, 2016, pp. 53-54.