قيامة الأموات
الأب الراهب غريغوريوس الآثوسي
نقله إلى العربيّة: شادي مخّول
«أعترف بقيامة الموتى، والحياة في الدهر الآتي»
الموت هو انفصال النفس عن الجسد. بعد الموت، يتحلّل الجسد في الأرض، بينما تنتظر النّفسُ قيامة الجنس البشريّ بأسره. نشير بحديثنا عن قيامة الأموات إلى قيامة الأجساد المائتة، التي ستتّحد، وهي بحالة عدم الفساد، بنفوسها.
لنفهم كيف ستحصل قيامة الأموات، يستخدم بولس الرّسول صورة زرع البذرة. فيشبّه دفن الميت بزرع جسدٍ في الأرض، وهذا الجسد سينهض مجدّدًا كبذرة مزروعة. ستقوم الأجساد من القبور، في القيامة، في حالة عدم الفساد. فالجسد المائت «سيُزرَع في فسادٍ»، وفي القيامة «سيُقام في عدم فساد»، «يُزرعُ في هوانٍ ويُقامُ في مجدٍ» (1كور 15: 42-43).
يرتكز الإيمان بقيامة الأموات على أساس قيامة الرّبّ المجيدة. لقد قام الرّب من بين الأموات، وكانت قيامته فاتحة قيامة كلّ البشر. إن أنكرنا عقيدة قيامة الأموات، ننكر حدث قيامة الرّبّ. يكتب الرّسول بولس: «إِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلا يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ» (1كور 15: 13-14).
بقيامة المسيح حُطّمَ الموت. وسيُقام الجنس البشريّ بأسره. لكن، لن يتبع الجميع المسيح، إنّما «فقط أولئك الذين، قبل أن يموتوا، صلبوا الخطيئة بالتوبة وبحياةٍ إنجيليّة. هؤلاء وحدهم، بعد القيامة العامّة، سيُخطَفونَ ‘فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ» (1تس 4: 17)‘»1.
قال المسيح، بكلامه عن قيامة الأموات، «إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ» (يو 5: 28-29). سيقوم الجميع، أبرارًا وأثمة، لكن لن يُشارك الجميع في المجد. الأبرار سيُلاقون المسيح ويدخلون إلى غبطة حضوره الأبديّة، بينما يُساق الخطأة بعيدًا إلى عالم الظلمة والعزلة الأبديّة الذي اختاروه بأنفسهم بينما كانوا أحياءً على الأرض.
العدالة الإلهيّة تطلب قيامة الأموات، «لو أنّ النفس جاهدت وحدها لاقتناء الفضيلة، لكانت هي وحدها تتكلّل، ولو أنّها وحدها قد تمرّغت بالملذّات، لكانت هي وحدها تُعاقَب عقابًا عادلًا. لكنّ النفس لم تبادر إلى الفضيلة ولا إلى الرّذيلة بدون الجسد. فمن العدل إذًا أن ينال كلاهما معًا النصيب المُعَدَّ لهما، ثوابًا أو عقابًا»2.
المصدر:
Gregorios, Hiermonk. The Orthodox Faith, Worship, and Life. Cell of St John the Theologian, Koutloumousiou Monastery Mount Athos, 2016, pp. 87-88.
1 St. Gregory Palamas, Homily 22, PG 151.296C.
2 St. John of Damascus, On the Orthodox Faith, 4.27, PG 94.1220C.