مقابلة مع المتروبوليت نيوفيطوس، أسقف مورفو
تعريب: يولا يعقوب وماهر سلوم
الأب بيتر هيرز: بَرَكَتَكُم، يا صاحب السّيادة. نشكركم جزيل الشّكر على هذه الفرصة. إنّه لَمِنْ دَواعي سرورنا أن نستضيفكم هنا على قناة Orthodox Ethos وأن نَلتقي معكم الآن. بدايةً، وقبل كلّ شيء، نشكركم على وجودكم معنا هنا وحديثكم معنا.
المتروبوليت نيوفيطوس: بركةُ الرّبّ! أنا أيضًا سعيدٌ لأنّكم مَنَحْتُمونا هذه الفرصة لنكون معًا للحديث من جزيرة قبرص القديمة مع قارّة أميركا العظمى.
الأب بيتر هيرز: آمين، آمين. المجد لله! الجَمْع الّذي تتحدّثون إليه الآن يتكوّن، بشكلِ أساسيّ، من المُهتدين إلى الأرثوذكسية. إنّهم أميركيّون أرثوذكس. بالطّبع، سيتمكّن العالم أجمع من مشاهدة هذه المقابلة، لكنّ سيستمع إلى هذا اللقاء، بالدّرجة الأولى، أشخاص أتَوا إلى الأرثوذكسيّة بِغَيْرَةٍ وفرحٍ عظيمَين، ويتطلّعون للتّعمّق بها أكثر. لهذا السّبب، جئنا إلى المصدر، إلى كنيسة قبرص القديمة، كما يُقال، ذات الألفَي عام من التّاريخ والقداسة...
المتروبوليت نيوفيطوس: ألفَي عام!
الأب بيتر هيرز: ذات الألفَي عام، طبعًا! لنبدأ الحديث ببساطة، السّؤال الأوّل الّذي أطرحه عليكم هو: كيف نفهم الرّوح (ethos) الأرثوذكسيّة؟
المتروبوليت نيوفيطوس: أوّلًا، دعونا نتحدّث قليلًا على نحوٍ أميركيّ. ما هي الرّوح (ethos)؟ سنقوم بتعريفها. كما قال أرسطو أيضًا، إنّ البحث في معنى الكلمات هو بدء الحكمة. بدون أن يكون أرسطو أميركيًّا، كما ترون، كان لديه أيضًا طريقته الخاصّة، والّتي تبنّتها أميركا بعده بكثير، ألا وهي تعريف الأشياء، بدون تَقييدها. الرّوح هي سلوكٌ يُمارَس داخل مجتمعٍ معيّنٍ، وهذا السّلوك يخلق حضارةً، وهذه الحضارة تساعد النّاس في هذا المجتمع على التّواصل مع بعضهم البعض ومع بيئتهم، مع العالم، وبشكلٍ رئيسيّ مع خالقهم (عندما يؤمنون بوجود خالقٍ)، مع إلههم. لذا، لننتقل الآن إلى العنصر الثّاني، الذي يدور حوله مؤتمرُك الخاصّ، ألا وهو الرّوح الأرثوذكسيّة. إنّ الرّوح الأرثوذكسيّة، يا أبتِ العزيز، ليست بحاجةٍ إلى ميتروبوليت مورفو أو أيّ أسقفٍ، كما أنّها ليست بحاجة ٍلا إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة القديمة ولا الحديثة. يمكنكم الذّهاب مباشرةً إلى المرجع، إلى إنجيليٍّ ورسولٍ يهوديّ، متّى الرّسول والإنجيليّ. إنّه يصف الرّوح الأرثوذكسيّة في أحد الإصحاحات، دعوني أنظر أيّ إصحاح بالضّبط لئلّا نرتكب خطأً، فأنتم الآتون من الأنكليكان، غالِبًا ما تعرفون الإنجيل أفضل منّا، نحن الأرثوذكس بالتّقليد.
الأب بيتر هيرز: نعرف الأرقام على الأقلّ... لسنا متأكدّين من المعنى.
المتروبوليت نيوفيطوس: الأرقام، بالضّبط. يمكننا ارتكاب العديد من الأخطاء بالأرقام، الكثير من الأخطاء.
الأب بيتر هيرز: إنّها ليست بمشكلةٍ. لم يكن هناك أرقام فيما مضى. إنّها ليست بمشكلةٍ.
المتروبوليت نيوفيطوس: إذن، في الإصحاح 6 من إنجيل متّى، يعلّمنا المسيح الرّوح الأرثوذكسيّة بوضوحٍ وببساطةٍ،. لذلك يمكن لمتروبوليت مورفو هنا، كمعلّمٍ جيّد للإنجيل، أن يقرأ هذا الإصحاح السّادس من إنجيل متّى ويخبركم بوضوحٍ ما يصفه الإنجيليّ الأقدم في الكنيسة. ومع ذلك، فإنّ خبرتي مع القدّيسين المعاصرين، يا أبتِ بيتر، قد أظهرَتْ لي أنّ الرّوح الأرثوذكسيّة هي رياضيّات تطبيقيّة؛ إنّها لا تُقرَأ: أي أن أقرأ بعض الفصول وأحفظها ثم أبدأ تلاوة مقاطع لأصدقائي مثل مُحامٍ ماهرٍ كي يندهشوا. شهادتي الأولى كانت في المحاماة، في القانون، والثّانية كانت في اللّاهوت. وإنْ سألتموني، سأقول إنّ أفضل شهادة لي كانت عندما عملتُ كَنادلٍ، خلال فصل الصّيف، في فندق في سبيتسيس (Spetses). ويسألني الجميع «هل حقًّا كانت هذه أفضل شهادة نِلتَها؟» كان البعض يتوقّعون أن أخبرهم أنّ أفضل شهادة لي عندما كنتُ راهبًا في ديرٍ. أقول لهم، نعم، لقد نِلتُ أفضل شهادة هناك، فهناك رأيتُ بُطلان الملذّات والمجد والثّروة. كان ذلك في فندق بوسييدون (Poseidion) في سبيتسيس، الّذي كان يرتاده أغنى اليونانيّين في أثينا.
وفي فترة ما بعد الظّهر كان هؤلاء اليونانيّون الأغنى في أثينا يلتقون بي أنا القبرصيّ اليافع، وكانوا يخبرونني عن فشل حياتهم، الّتي كانت في الغالب حياة اليونانيّين، المسيحيّين الأرثوذكس، المعمَّدين، الممسوحين بالميرون المقدّس، وليست حياة المهتدين إلى الأرثوذكسية. وكانوا يخبرونني عن حياتهم بدون المسيح، بدون الرّوح القدس. ورأيتُ أولادهم أيضًا، أيّة حياة يعيشونها وأيّة حياة سيستمرّون في عيشها في المجتمع الحديث. حصل ذلك في فترة الثّمانينات. فكِّروا أنّنا الآن في القرن الحادي والعشرين، قرن الذّكاء الرّقميّ والاصطناعيّ! لذلك، في ذلك الوقت ياعزيزي، عندما حصلتُ على شهادتي العظيمة في فندق بوسييدون، كنتُ قد أدركتُ الوضع حينها، بعد أن تعرّفتُ بالفعل على المثقّفين اليساريّين كطالبٍ في المدرسة، وليس كطالبٍ جامعيّ. في سنوات دراستي هنا في قبرص، تعرّفتُ على فكر الحزب اليساريّ المُسيَّس. ولكن كان لدينا في منزلنا جدّتي ميروفورا ووالدتي ميليا القديسة، اللّتان كانتا مثالَين للإنجيل التطبيقيّ من دون قراءة الإصحاح السّادس من إنجيل متّى. أنت تفهم ما أقصد، أليس كذلك؟
الأب بيتر هيرز: بالفعل.
المتروبوليت نيوفيطوس: في الوقت الّذي كنتُ قد تخلّيتُ فيه عن هذا الإنجيل التطبيقي وكنتُ أبحث في الأنظمة الإيديولوجيّة اليساريّة في ذلك الوقت، في سنوات مراهقتي، في شبابي، حتى بلغتُ الثّامنة عشرة من عمري، حتى التقيتُ القدّيس بورفيريوس في أثينا، أوّل إنجيل تطبيقيّ، وأشار إليّ قائلاً، «يجب أن تذهب وتعترف عند القدّيس الأكثر تواضعًا، والأكثر لُطفًا، والأكثر بساطةً في اليونان الحديثة، وهو الشّيخ يعقوب الّذي من إيڤيا (Evia).» فذهبتُ إلى إيڤيا، وأخيراً وجدتُ أبًا. إنّه لأمرٌ كبيرٌ أن تملأ فراغ الأب الأرضيّ...
الأب بيتر هيرز: بالفعل.
المتروبوليت نيوفيطوس: ... والتّعرّف، من خلال أبٍ روحيّ، على الأب السّماويّ. الشيخ يعقوب هو إنجيل حيّ تطبيقيّ آخر.
الأب بيتر هيرز: صحيحٌ جدًّا. نعم.
المتروبوليت نيوفيطوس: قال لي بعد بضعة أشهر، «اذهب أيضًا لتكريم العذراء مريم في جبل آثوس». في طريقي إلى جبل آثوس، كان جميع الحجّاج يتحدّثون عن أحد الأشخاص يُدعى بايسيوس، وهو شيخ جبل آثوس المعاصر في ذلك الوقت. فقصدتُ القدّيس بايسيوس أيضًا، وانذهلتُ من موهبة النّبوّة التّي لديه. عندما التقيتُ به. قال لي: «سوف تبني أديرةً»، وكان ذلك عندما كنتُ في التّاسعة عشرة من عمري وبِحَوزَتي تبغ (من شركة التّبغ روثمانز) في جيبي. إذًا، كان القديس باييسيوس إنجيلًا تطبيقيًّا آخر. وإذ انتقلتُ إلى أثينا، شعرتُ بأنّه يجب أن يكون لديّ شخص يمكنني أن أقصد للاعتراف أمامه بانتظامٍ، أنني بحاجةٍ إلى أن أنقّي قلبي. بهذه الطّريقة فقط، يصبح الإنجيل تطبيقيًّا بالنّسبة لي أنا أيضًا. وإلّا، لكنتُ قد تركتُ إحدى النّظريّات، نظريّة اليسار، وذهبتُ إلى إيديولوجيّة أخرى، نظريّة أخرى، تُدعى الأرثوذكسيّة.
الأب بيتر هيرز: وهذا موجودٌ اليوم أيضًا، في كثيرٍ من الأحيان.
المتروبوليت نيوفيطوس: بالتّأكيد. ومن ثمّ وجدتُ، بتدبير الرّوح القدس حقًّا، مركز معالجة البرص في أثينا، حيث عاش القدّيس نيكيفوروس الأبرص. وهناك، وجدتُ القدّيس إڤمانيوس، تلميذ القدّيس نيكيفوروس، واتّخذتُه مُعرِّفًا لي.
كلّ ما أخبركم به حدث خلال عامٍ واحدٍ، 1982. هل تعلمون كم كان عمري في عام 1982؟ عشرون سنة. حسنًا، أدركتُ وقتئذٍ أنّ كلّ عطايا الله هذه، كانت نتيجةً لصلوات والدي نيقولاوس في السّماوات، الّذي رقد عام 1980 عندما كان عمري ثماني عشرة سنة، وصلوات والدتي ميليا وجدّتي ميروفورا القديستَين، في هذه الأرض. هكذا تعمل الرّوح الأرثوذكسيّة يا أخي. هكذا تدخل الرّوح الأرثوذكسيّة حياتَنا. لقد رويتُ سيرَتي الشّخصيّة - سامحوني - لأنّني لا أحبّ الإيديولوجيّات، ولا أحبّ أن أجعل من الأرثوذكسيّة إيديولوجيا. ففي عصرنا، أصبحت الأرثوذكسيّة إيديولوجيا إلى حدّ كبير. لهذا السّبب، إنّه لَمِنَ الأفضل الآن تَرك الخبرة تتحدّث.
عندما قلتُ، بالأحرى عندما أخبرَني القدّيس يعقوب تساليكيس من إيڤيا، بعد سنوات من التّلمذة بجانبه، وقد أصبح أبي الرّوحيّ، وقال: «يا وَلَدي، سوف تصبح أسقفًا في موطنك، في المكان الذي وُلِدْتَ فيه، وبعد عمر الخمسين، ستبدأ بإلقاء الأحاديث والمحاضرات. سوف يُسْمَعُ صوتُك من كندا إلى أستراليا، من أوروبا إلى جنوب أفريقيا». وعندما سألتُه: «لماذا، كيف سيكون هذا؟ كيف سَيُسْمَعُ صوتي هناك وأنا ضمن مساحة صغيرة؟» قال: «سوف يجيبك الشّيخ المغبوط بورفيريوس، هو يعرف أكثر». سألتُ الشّيخ بورفيريوس الّذي كان قدّيس التّكنولوجيا، فقال لي: «لماذا، لأنّ التكنولوجيا في ذلك الوقت ستساعدكَ». هذه هي التّكنولوجيا الّتي بحوزتِنا الآن [تكنولوجيا التواصل الرّقمي].
الأب بيتر هيرز: نعم. ها نحن نستخدمها.
المتروبوليت نيوفيطوس: هذه هي الإجابة لسؤالك. فقد أعطيتُ مقدّمة طويلة لينتهي بي المطاف بإجابة قصيرة. حسنًا، ماذا سأقول للنّاس؟ حتّى بعد عمر الخمسين. لقد ترك القديس يعقوب انطباعًا في داخلي حين قال لي «بعد الخمسين». الآن أبلغ السّتين من العمر. قال لي: «لا تتكلّم بحسب أفكارك الذاتيّة. بل تحدّث عن كلّ ما رأيتَه ما بين البرص، ولا سيّما القدّيس إڤمانيوس، الشّيخ إڤمانيوس القديس، والقدّيس نيكفوروس الّذي يروي لك القصص. كلّ ما رأيتَه خلال وجودك مع شيخ جبل آثوس، القدّيس باييسيوس. كلّ ما رأيتَه وسمعتَه مع الشّيخ بورفيريوس. وإن رأيتَ شيئًا حسنًا معنا هنا في دير البارّ داود، فتحدّث عنّا أيضًا. وتكلّم حتى عَمّا اكتسبتَه من خبرتك مع والدتك وجدّتك القديستَين، فأنتَ لا تأخذهما بعين الاعتبار. المهم ألّا تتحدّث مِمّا يتعلّق بك شخصيًّا. ليس لديك أيّ شيء من ذاتك لتقوله على أيّ حال يا ولدي». أرأيتُم كيف جَعَلني أتواضع؟ إذًا، هذا كلّ ما في الأمر!
الرّوح الأرثوذكسيّة هي أن تعطوا شيئًا من القدّيسين. سواء كنتم على تواصل مع بعض القدّيسين، سواء قرأتم عن حياتهم، سواء كان لديكم أيّ تواصل، كما قلتُ سابقًا، أي تعامل معهم، أو أي إعلان. وقد عاين البعض إعلانات من قدّيسين بعد رقادهم. هل تعرفون كم من النّاس تعرّفوا على القدّيس باييسيوس والقدّيس بورفيريوس والقدّيس إڤمانيوس، الآن، وسط ظروف ڤيروس كورونا. وكم من الناس تعرّفوا على القدّيس نيكيفوروس في هذه الأيام وتشدّد إيمانهم بواسطته. إذن، القداسة ليست بالأمر الجامِد حيث نقول: «آه! لكنّنا لم نولد باكِرًا بما فيه الكفاية لنكون مع أولئك القديسين. كم هي محظوظةٌ مورفو لأنّها كانت بجوارهم في ذلك الوقت والتقت بهم! أمّا الآن فقد رقدوا». بيد أنّ القدّيس هو أكثر شخص حيّ، وهو حيٌّ لأنّه مُكَمَّل؛ إنه ممتلئ بالرّوح القدس، الّذي هو الشخص الأكثر رِفعةً في الحياة. نحن نقول: «وبالرّوح القدس، الرّبّ المحيي»، أي هو صانع الحياة. عندما أتحدّث إليكم، وتتحدّثون أنتم إليّ، فهذا يحصل بفِعْلِ الرّوح القدس؛ ليس بسبب التّكنولوجيا ولا الدم الذي يجري في جسدي، إنّه بفِعْلِ الرّوح القدس.
دعوني أقول هذا أيضًا. لقد أخبرَني القدّيس يعقوب بما يلي: الرّوح الأرثوذكسية هي أن تتعلّم من القدّيسين، أن تصبر، وأن تتشوّق أن تصبح تلميذًا للقدّيسين؛ وسيتكفّل الرّوح القدس بكيفيّة حصول هذه التَّلمَذة. لا تتسرّع في هذه العمليّة. «هَلُمَّ واسكن فينا وَطَهّرْنا من كلّ دنسٍ»، أليس هذا ما تقوله صلاة "أيّها الملك السّماويّ"؟ ففي الصّلاة أنتَ تنتظر وتترقّب حين تقول: "هلمّ!" و سيأتي بحسب شوقِكَ، يا أبتِ. الشوق ضروريّ، والرّغبة ضروريّة. لقد اضمحلّت هذه الأمور في عصرنا. وإذا تضاءل عدد القديسين في الأرض، سيرسل الله القدّيسين السّماويّين، حتّى من السّماوات، من أجل إرشاد الشّخص الّذي يتوق إلى الرّوح الأرثوذكسيّة. وأودّ أن أضيف شيئًا أخيرًا. إنني أذهب، من وقتٍ لآخر، إلى المناطق المحتلّة. فكما تعلمون، القوّات التركية تحتلّ نصف أبرشيّتي، ومدينة مورفو محتلّةٌ أيضًا. يودّ البعضُ، سواء كانوا من القبارصة الأتراك أو من المُستَعمِرين، التّعرّفَ على الأرثوذكسيّة. إنّهم حَسَنو النّيّة تجاه الأرثوذكسيّة. قال لي أحدهم : «من فضلك يا نيوفيطوس، في المرّة المقبلة الّتي تأتي فيها، أريدكَ أن تحضر لي إنجيلًا تطبيقيًّا» – وقد سبق وأحضرتُ له إيقونةً للعذراء مريم كَهديّة وأَحَبَّها كثيرًا.
كانت هذه المرّة الأولى الّتي أسمع فيها هذا المصطلح. " إنجيل تطبيقيّ". سألتُه: «ما هو الإنجيل التطبيقيّ؟» لم يكن ضَليعًا باللّغة اليونانيّة، ولم أكن ضَليعًا باللّغة الإنجليزيّة. كان علينا القيام بصياغات تفسيريّة لعبارات كهذه كي نتمكّن من العثور على "مبادئ (Logoi) الأشياء"! فقال: «عندما يأخذ المسيحيُّ الإنجيلَ على محمل الجدّ ويبدأ بتطبيقه بالحرف، ماذا يصبح ذلك المسيحيّ؟» قلتُ: «يصبح قدّيسًا.» قال لي: «أه، أريد سيرة حياة قدّيس». يا أبتِ، كان يريد أن يقول: "سيرة حياة قدّيس" ولم يكن يعرف مصطلح "سيرة حياة" فكان يقول: "إنجيل تطبيقي".
الأب بيتر هيرز: رائع.
المتروبوليت نيوفيطوس: وأيّة سيرة حياة تظنّون أنّني أحضرتُ له في المرّة التّالية الّتي زرتُه فيها؟ سيرة حياة القدّيس أرسانيوس الكبّادوكي الّتي كتبها القدّيس باييسيوس لأنّها تحوي بداخلها محبّةَ القدّيس أرسانيوس، بل وأيضًا على صَرامتَه تجاه الأتراك. لذا أقولُ: «انظروا إلى هذا التّركيّ المُلحِد. إنّه ليس محمّديًّا (مُسلمًا) فَحسب؛ إنّه لا يعرف الله. ماذا يريد؟ إنجيلًا تطبيقيًّا، سيرة حياة قدّيس». هذا كلّ ما في الأمر.
الأب بيتر هيرز: نشكركم جزيل الشّكر. شكرًا جزيلًا على هذه الكلمات. نحن نحاول وقد اعتَدنا أن نقول هنا في التّعليم المسيحيّ (للمُهتَدين إلى الأرثوذكسية) إنّنا بحاجة إلى أن نتبع المجامع المسكونيّة، أي أن "نتبع الآباء القدّيسين". ما معنى هذا؟ لقد اعتدتُ أن أقول لهم إنّ هذا لا يعني فقط أو حتّى لا يعني في المقام الأوّل قراءة مَحاضِر المجامع وكتابات القدّيسين. بالطّبع، هذه مهمّة جدًّا أيضًا. ولكن إن لم تتبعوا قدّيسي عصرنا، فلن تستطيعوا اتّباع القدّيسين السّابقين، فبهذه الطريقة، من خلال القدّيسين الحديثين، سنبلغ إلى القدّيسين القدامى ونفهمهم. هل هذا كلام صحيح؟
المتروبوليت نيوفيطوس: جيّد جدًّا. لستَ أنتَ من يقول هذا. بالأحرى، عندما أسمعك الآن، أنت تردّد ما يقوله القدّيس صفروني (سخاروف) الّذي من إسّكس (Essex). لقد كتب هذه الأمور في مقدّمة كتابه عن القدّيس سلوان، قبل وقتٍ طويلٍ من إعلان قداسة القديس سلوان. يكتب هذا، كم هي مُوَافِقة وكيف تأتي حياة القدّيسين الحديثين في الوقت المناسب، خبرة القدّيسين المعاصرين، بالنّسبة لنا، نحن غير القدّيسين.
الأب بيتر هيرز: لأنّهم يطبّقون الإنجيل اليوم...
المتروبوليت نيوفيطوس: هؤلاء هم الّذين سيَدينوننا، يا أبتِ. باسيليوس الكبير لن يَديننا. القدّيس نكتاريوس سَوف يَديننا. القدّيس يوحنّا مكسيموڤيتش سوف يَديننا. أعني أنهم سيَدينون الأساقفة، سوف يَدينني أنا الأسقف. كان القدّيس يوحنّا مكسيموڤيتش على متن الطّائرات طوال اليوم. كان يحلّق، كان يهبط. ومع ذلك فقد حافظ على نوسِهُ [الذّهن]. كانت والدتي، ميليا القديسة، تقول لي: «احرص يا بنيّ على أن لا يتزعزع نوسُكَ، مهما أصبحتَ وأينما ذهبتَ». إن فهمنا هذا، أنّ الروح (ethos) المسيحيّة الأرثوذكسيّة هي، أوّلًا وقبل كلّ شيء، أن ينتبه إلى قلبه، أيّما أفكار لديه، أيّما رغبات لديه، وبعقلٍ يقظٍ ساهرٍ، وفِكْرٍ طاهرٍ، وقلبٍ مستيقظٍ، أن يتوب فورًا؛ هذه هي مهمّتنا الأساسيّة؛ ثم يصبح كلّ شيء آخر عملًا جانبيًّا، يا أبتِ. المطارنة وحدهم هم الّذين لديهم المهمّة الرّئيسيّة، كما يشير الاسم "أسقف – Episkopos" أي "مراقب"، أن يراقبوا، وأن يُشرفوا، وأن يُديروا مسائل الإيمان. بالطّبع، المؤمن بِِدَوره لن يُعطي فرصة للأسقف عندما يرى أنّ الأسقف يهمل مسائل الإيمان ولا يتمسّك بالإيمان الأرثوذكسيّ. إلّا أنّ المهمّة الأولى والرّئيسيّة لنا جميعًا، هي ما شرحتُ آنِفاً، مسألة القلب. ببالغ الأسى، أرى اليوم أناسًا بيننا لا يهتمّون بقلوبهم لكي يتوبوا، ومع ذلك، يَدينون (krisis) ويُعطون التَّوجيهات (diakrisis) ويحكمون (katakrisis) على كلّ شخص وعلى كلّ شيء. أقول لكم: هل هذا مُرْضيٌّ عند الله؟
الأب بيتر هيرز: موقفٌ كهذا يذكّرنا ربّما بالفرّيسيّ، لا بالعشّار ولا بالقدّيس.
المتروبوليت نيوفيطوس: أو ترون البعض (بما أنّكم ذكرْتُم المُهتدين) ممّن اهتدوا ودخلوا الأرثوذكسيّة - وليس فقط من الأنكليكان أو الكاثوليك أو المُلحدين أو من بعض الأديان الأخرى؛ أتحدّث إليكم أيضًا عن أولئك الّذين مِنّا هنا في الأرثوذكسيّة التّقليديّة والّذين يعيشون حياةً علمانيّةً للغاية - وفجأةً، ولأنّهم ذهبوا إلى جبل آثوس وتعلّموا القيام بحوالي عشر مطّانيّات والصّومَ يومَي الأربعاء والجمعة، أصبحوا دَيّانين للعالم أجمع. وأودّ أن أقول لهم: «بما أنّكم تريدون أن تتعلّموا عن الرّوح الأرثوذكسيّة، دعوني أخبركم ما كان موقف القدّيس إڤمانيوس من هذه السّلوكيّات». نحن بحاجة لأن نعيش توبتنا. وينبغي أن يكون هذا اهتمامَنا الأوّل. أنا لا أقول أنّه ينبغي أن نكون مُتَهاوِنين بمسائل الإيمان، لا سمح الله! لكن أوّل وأهمّ أمر هو أن نعيش توبتنا، لا لمرّة واحدة وينتهي الأمر، بل أن نواظب في عيش توبتنا يوميًّا.
الأب بيتر هيرز: إنّهم يأتون إلى هنا، وحتّى لو لم نكن بروتستانت، إلّا أنّنا منغمسون في المعايير البروتستانتيّة وفي الرّوح البروتستانتيّة، بحيث لا تُفهَم التّوبة على أنّها عمل متواصل. أي أن تلتفت إلى المسيح مرّةً واحدةً، وهذا يعني أنّك خَلُصْتَ من تلك اللّحظة، وفقًا لِتعاليم الخلاص الهرطوقيّة الموجودة في البروتستانتيّة. هنا، يجب أن نتعلّم أنّ التّوبة تمتدّ طول العمر. لا يتوقّف الإنسان أبدًا عن التّوبة. يسير الإنسان في طريقه إلى الآب دائمًا. ليس من السّهل فهم هذا الأمر. الاستيقاظ كلّ يوم وعيش التوبة – أيّ إنّ التّوبة هي طريقة حياة، سلوك مدى حياة، هل هذا صحيح؟
المتروبوليت نيوفيطوس: لقد قلتُ ذلك آنفًا: احرسوا قلبكم على الدّوام، في كلّ دقيقة – ليس كلّ يوم: كلّ دقيقة – ما هي الرّغبات وما هي الأفكار الّتي ينتجها، واستخدموا على الفور كلّ هذه التِّرْسَانَةِ، إذا جاز التّعبير، الّتي تمتلكها الكنيسة الأرثوذكسيّة من أجل الحرب اللّامنظورة التي تُشَنّ في داخلنا. هل تعلمون كم من الشّباب (وهذا يترك أثرًا في داخلي) الّذين هم إمّا في الرّهبنة أو هم أولادٌ صغارٌ في العالم ويريدون أن يجاهدوا- هل تعلمون كم يحبّون، وكم يرغبون هذه اللّغة الّتي نتحدّث بها الآن وهذه الطّريقة من الجهاد الأرثوذكسيّ، أو بالأحرى، أودّ أن أقول، من العلاج الشفائيّ! في كثير من الأحيان أذهب إلى المدارس الثّانوية في المنطقة هنا، إلى الصّف الحادي عشر، إلى التلاميذ الّذين لا يعانون من القلق من الامتحانات النهائيّة، وامتحانات الدّخول إلى الكلّيّات. وأقول لهم: «يا أبنائي، اكتبوا لي ثلاثة أسئلة تهمّكم». يا أبتِ بيتر، أنا أقوم بهذا منذ عشرين عامًا. ماذا يكتب لي جميع الأولاد؟ عشرون عامًا في عصر الإنترنت، هذه ليست الأوقات الّتي كنّا فيها صغارًا. حاليًّا، لدينا نوع مختلف من الشّباب كلّ خمس سنوات. حسنًا، جميع الأولاد يكتبون لي نفس الأسئلة الثّلاثة، وهي ثلاث مجموعات من الأسئلة. مواضيع الحبّ، وهو أمرٌ طبيعيٌّ. الجسد هو الجسد. وسوف تُحَلُّ مشكلة الجسد [اللّحم] بواسطة بلاطة المقبرة، كما ورد على لسان رجل حكيم.
والمجموعة الثّانية من الأسئلة تتعلّق بمواضيع السّحر(الشّعوذة) وعبادة الشّيطان وما يختصّ بالشّياطين. لماذا؟ عندما لا يجاهد الأولاد روحيًّا، كما شرحنا آنفًا، فسوف يلتجئون إلى المعلّم العظيم، الزّعيم، الغورو العظيم المسمّى بالإنترنت، وهناك سيتعلّمون أمورًا مختلفةً تتعلّق بالسِّحر. والموضوع الثاّلث، بالأحرى القسم الثاّلث الّذي يهمّهم هو الموت. لقد سمّيتُ هذه الأسئلة أسئلة الموت. ما كتب عنه الأب سيرافيم روز، ما بعد الموت، رحلة النّفس بعد الموت. أحدّثهم لأربع ساعاتٍ عن الموت، وهم صامتون لا يصدرون صوتًا. وأقول: «ها هو دور الكنيسة». وما الّذي يريدونه منّا؟ يقولون: «علِّمونا طريقة لشفاء الحسد الّذي لدينا». اصغوا الآن! أيّ إنسان ليس لديه حسد؟ «فكيف يمكننا أن نُشفى من غضبنا، من خُبثنا، من خُصوماتِنا، من طَمَعِنا، من حبّنا للّذّة، ومن حبّنا للرئاسة؟»
تُظهِر أسئلة الأولاد حول الموضوعات العامّة الثّلاثة للحبّ والموت والسّحر (الشّعوذة)، دورَ الكنيسة من الآن فصاعدًا. إنّه دور شفائيّ. نحن نتحدّث عن الرّوح الأرثوذكسيّة، يا أبتِ، أكان في أميركا، أو في قبرص، أو في الهند، أو في روسيا...
الأب بيتر هيرز: [ومع ذلك ، يسأل النّاس:] «لِماذا يجب عليّ أن أقتني الرّوح الأرثوذكسيّة لِأَخْلُصَ؟ أنا لا أفهم».
المتروبوليت نيوفيطوس: لأنّها علاجيّة، لأنّها شفائيّة. ذلك هو السّبب. لِمَ ينبغي عليّ أن ألجأ إلى روح (ethos) القدّيسين؟ لأنّهم هم الّذين شُفُوا. القدّيسون ليسوا بلا خطيئة: إنّهم الخطأة، المسيحيّون الأرثوذكس المؤمنون، الّذين أدركوا بِتمييزٍ خطاياهم وأخطاءهم، سواء كانت موروثة أو مكتسبة، ودخلوا في طريق التّوبة ومراقبة قلبهم يوميًّا، كما شرحنا أعلاه وكما هو موصوفٌ بإسهابٍ كبيرٍ في الفيلوكاليا. إن لم نشغل اهتمامنا بالعلاج الشّفائيّ لقلبنا، فإنّنا لن نقتني الرّوح الأرثوذكسيّة. القدّيسون هم القُدوَة، هم الّذين شُفُوا. ومن هنا، نأتي على القول: «انظروا، ها هنا رجلٌ حَسودٌ قد شُفِيَ، رجلٌ غضوبٌ قد شُفِيَ، رجلٌ جبانٌ شُفِيَ». على سبيل المثال، كان القدّيس يعقوب شديد الجُبْنِ عندما كان طفلًا. وهذا الجبان الّذي كان يتمسّك بثوب أمّه عندما كان صبيًّا صغيرًا، وصل إلى مرحلة يقول فيها للشّيطان: «تعال إلى هنا واطرحْني أرضًا إن كنتَ تَجرؤ!» وكان يراه بشكلٍ واضحٍ، وكان الشّيطان يصرّ بأسنانه ولم يستطع الاقتراب منه بسبب عِظَمِ جُرْأته وشجاعته وبساطته وتواضعه.
الأب بيتر هيرز: ويتحقّق هذا، بشكلٍ رئيسيّ، من خلال الصّلاة والسّهرانيّات وجميع أنواع الجهادات. وبكلماتٍ أخرى، مع الوقت والصّبر، تكتسبون بِأَناةٍ هذه الشّجاعة الّتي تتحدّثون عنها. بِجُهدٍ كبيرٍ وبِقسوةٍ [على الذّات].
المتروبوليت نيوفيطوس: انظروا، كلّ شيء يتطلّب جُهدًا. الزّواج له الجِهاد الخاصّ به، والرّهبنة لها أيضًا الجِهاد الخاصّ بها، والعزوبيّة في العالم لها الجِهاد الخاصّ بها. دعونا لا نحوّل أمور الرّهبان إلى أمورٍ مُطْلَقَةٍ. كلّ شيء له آلامه الخاصّة. كذلك أيضًا، عندما يأخذ الأسقفُ على محمل الجدّ عملَه التّبشيري والتّعليميّ وصَوْن الإيمان الأرثوذكسي في أبرشيّته، الّذي هو العمل الأساسيّ للأسقف، إلى جانب التّعليم المسيحيّ للمؤمنين، فهذا عملٌ مُرهِقٌ وشاقٌّ للغاية.
الأب بيتر هيرز: كلام جميل! لقد قلتُم إنّه حتّى بدون أمثلة حيّة داخل العائلة نفسها أو داخل المجتمع، وحتّى لو لم يكن لدى الشّخصِ أحدَ هذه الأمثلة – فبالنّسبة للعديد منّا هنا في أميركا، يكون شخصٌ واحدٌ فقط أرثوذكسيًّا في عائلته. هو نفسه اهتدى إلى الأرثوكسيّة، في حين أنّ والدَيه وإخوته لم يصبحوا أرثوذكس، وهُمْ مُعادون له أيضًا. يحاول هذا الشّخصُ الآن، فهمَ الأرثوذكسيّة في رعيّة ما. وللأسف، فَإنّ العديد من الرَّعايا قد تَعَلْمَنَتْ. الصّلوات تُخْتَصَر، هناك أغانٍ وما من ترتيل صحيح وما إلى ذلك، أنتم تفهمون. يحاول هذا الشّخص الآن أن يفهم ما يجب الاقتداء به وما يجب اتّباعه. سيتعلّم من خلال الصّلاة ومن خلال سِيَر حياة القدّيسين، كما أفهم ممّا قلتموه حتّى الآن، إن لم يكن بإمكانه أن يكون لديه إنسانٌ حيٌّ بجانبه ليعلّمه. هل هذا صحيحٌ؟
المتروبوليت نيوفيطوس: صحيحٌ جدًّا. وفي الواقع، الآن سأجعل الأمرَ صعبًا عليكم. سأجعل الأمرَ صعبًا عليكم إذ يبدو أنّ الأمور الصّعبة، في جميع أنحاء العالم وليس فقط في أميركا، تبدأ الآن، مع النّظام الجديد للأشياء، وفرض الذّكاء الاصطناعيّ، والإنسان الرَّقمي (digital man)، أو بالأحرى الإنسان ما بعد البشريّ (transhuman)1، والحَدّ من عدد السّكّان في جميع أنحاء الكوكب، هذه الأشياء الّتي تريد كلّ هذه الشّياطين فرضها. لذلك، يا أبتِ، يوجد قدّيسان قالا الشّيء نفسه عن عصرنا. أحدهما روسيّ ورقد في إنجلترا، وهو القدّيس صوفرونيوس الّذي من إسكس (Essex) (القدّيس صفروني سخاروف)؛ والآخر جورجيّ، وهو القدّيس جبرائيل المُتَبالِه من أجل المسيح. ومن قَبيل الصُّدف أنهما رقدا في العام نفسه، 1994، وقد قالا: «في السّنوات القادمة، مع اقتراب النّاس من السّنوات الأخيرة، فقط أولئك الّذين تمكّنوا من إنزال الذّهن إلى القلب، سيعيشون بطريقةٍ أرثوذكسيّةٍ. أمّا البقيّة، حتّى ولو أرادوا ذلك، إلّا أنّهم، ما لم يقوموا بهذا المَجهود (لأنّ إنزال الذّهن إلى القلب والصّلاة في القلب يتطلّب مجهودًا)، وما لم يدخلوا في هذا الجهاد، فلَن يتمكّنوا من الحفاظ على الأرثوذكسيّة». أسألكم الآن: إن كان ڤيروس كورونا ولقاح واحد قد أقلقا الأديرة، والآباء والأمّهات الشّيوخ، والأساقفة والبطاركة، فَكِّروا بما سيأتي كاختبارٍ. الآن، لا أستطيع أن أقول متى سيحدث هذا، ولا أعلم، لا أعلم متى سيحدث. قد يكون بعد بِضع عُقود من الزمن، ولكن على أيّ حال، فإنّه قادِمٌ نحونا. عندما يتكلّم القدّيسون، لا يمكننا أن نستهزئ بهذه الأمور، ولا سيّما عندما يقول اثنان أو ثلاثة من القدّيسين الشّيء نفسه.
الأب بيتر هيرز: أعتقد أنّ الشّيخ يوستينوس بارڤو (Iustin Pârvu) قد تحدّث عن هذا.
المتروبوليت نيوفيطوس: بالتّأكيد إن بحثْنا، سَنجد أكثر بكثير، أكثر بكثير، إن بحثْنا. هذا ببساطة ما صادف أن قرأناه. لذلك يا أبتِ، أنتم تدركون أنّ الانخراط الجَدّيّ في الرّوح الأرثوذكسيّة الحقّة، والّتي هي روح التّوبة، يَعني أن تسهروا على قلبكم يوميًّا، وأن تراقبوا الأفكار والرّغبات، وأن تتوبوا وتعترفوا بانتظام ٍ، وأن تشتركوا بانتظامٍ في جسد المسيح ودمه لغفران الخطايا والحياة الأبديّة، وأن تمتلئوا بفرح وقوّة الرّوح القدس وبالله الثّالوث. لا شيء يمكنه أن يؤذيكم من قوى هذا العالم الّذي يُعِدُّها كلّ عُتاة النّظام الجديد هؤلاء. ويجب علينا جميعًا أن نفهم ما يتعيّن علينا أن نواجهه وما ينبغي أن يكون هدفنا. الأرثوذكسيّة لديها كلّ الأسلحة وكلّ الإمدادات اللاّزمة لمواجهة تحدّيات كلّ زمن. كما سبق وواجهَتْ زمن القدّيس جاورجيوس، وزمن القدّيس مكسيموس المعترف، وزمن القدّيس غريغوريوس بالاماس، وزمن محاربة الأيقونات قبل ذلك. أليس كذلك؟ والآن ألا يمكننا مواجهة عصر ما يُسمّى بعصر اللّانِظام (الفوضى) الجديد؟ وَيحَنا! لكن لا تتخيّلوا الرّوح الأرثوذكسيّة كشيءٍ غامضٍ- وهذا ما أريد قوله - كشيءٍ منفصلٍ، كمشكلةٍ موجودةٍ فقط في أميركا، وتخصّ فقط المُهتدين (إلى الأرثوذكسيّة) الّذين يعيشون في مجتمعٍ غريبٍ، ومُتعدّد الأعراق والثّقافات. أنا أقول لكم أنّه إن ذهبتُم إلى ليماسول ستجدون ما أنتم تصفونه. إنّ قضيّتنا أعمق بكثير يا أبتِ. إنّها مشكلة القلب، كيفيّة شفاء هذا القلب.
الأب بيتر هيرز: لقد قلتَ هنا شيئًا جوهريًّا، أن الذّهن ينزل إلى القلب. ربّما تعتبر أنه من البديهيّ على جميع الناس أن يفهموا هذه العبارة، لكنني أعتقد أن معظم الناس لا يفهمون ما يعني إنزال الذّهن إلى القلب. هل نستطيع أن نَصِفَها بِبِضْع طُرُقٍ كي نفهمها أكثر بشكل تجريبيّ ومباشر؟
المتروبوليت نيوفيطوس: أنظر، بما يتعلّق هذا السؤال الذي تطرحه، أنتم في أميركا في وضع أكثر مُلاءمة من الكثير من اليونان. لماذا؟ لأن العناية الإلهيّة أرسلت لكم رجلاً، الشيخ القديس أفرام الذين من فيلوثيو وأريزونا، وهو الآن في السماء. وهو الآن مواطنًا سماويًّا وأريزونيًّا. هذا هو تعليم هذا الرجل وعلاجه الشفائيّ بامتياز (كذلك تعليم جميع القديسين، أولاً من أجل أنفسهم ومن ثم لتلاميذهم وجميع الذين أقبلوا إليهم). لستُ أقول شيئًا جديدًا هنا.
الأب بيتر هيرز: صحيح، بالطبع.
المتروبوليت نيوفيطوس: لستُ "أخترع البارود”. أقول هذا عن الطريقة الذي تشفي الكنيسةُ الأرثوذكسية بواسطتها الناسَ منذ سنين. شفاء القلب ليس مهنةً للرهبان، كما حاول البعض مرةً أن ينسبوا للقديس غريغوريوس بالاماس. إنه علاج شفائيّ لكل مسيحي أرثوذكسي. إنه هكذا بالفعل. لكن قبل ذلك (هنا يجب على جميع الآباء الروحيين والكهنة أن ينتبهوا)، قبل الدخول في هذه العمليّة، أي نزول الذهن إلى القلب وما يُسَمّى صلاة القلب، يجب أن ننتبه جيدًا إلى التالي، وقد شدّد القديسون الأكثر حَداثةً على ما أقول لكم. ودَعوني أقول لكم مَن هم: الأم القديسة غالاكتيا التي من كريت، التي رقدت السنة الماضية في كريت، لقد قالت إن أعظم قديس على قيد الحياة هو أفرام الذي من أميركا؛ قالت هذا باللهجة الكريتيّة. كريتيٌّ آخر قال الأشياء ذاتها هو الأب أنسطاسيوس كودوميانوس الذي من كودوماس. شيخُنا إفمانيوس قال الأشياء ذاتها أيضًا التي سوف أقولها لكم الآن. قال إن الإنسان يجب أن يتّخذ توبته على محمل الجَدّ أولاً. قال إن المرء يجب أن يذهب إلى الاعتراف كي يدرك ما هي أهواءُه الأساسية. لا نملك جميعنا الأهواء ذاتها. أحدهم لديه هذه الأهواء، آخرٌ لديه أهواء أخرى. يجب أن يذهب إلى الاعتراف أولاً. وليس ما يفعل العديد من الرهبان، أن يعطوا الجميع مسبحة صلاة. لم يُحَبِّذ هؤلاء القديسون هذه الفكرة أبدًا. وكأنك تُعطيهم مياهًا حارّةً وتسكبها على قلوبهم بحسب الأم القديسة غالاكتيا، لأن الأهواء، كما قالت، تكتسب طاقةً شيطانية مع مرور السنين، فَتُمسي الشياطين مُستَلقية نائمةً فوق هذه الأهواء. عندما نبدأ بالإسم العظيم، إسم ربنا يسوع المسيح وبمسبحة صلاتنا قائلين: «ربي يسوع المسيح ارحمني، ربي يسوع المسيح ارحمني»، مُرَدِّدين اسمه الذي يملك قوة شافية أو بالأحرى طاقةً شافية، حينئذٍ تستيقظ الشياطين. وكأننا نرميها بقوةٍ حارقة. إن لم يكن الإنسان قد قام بالاعتراف فسوف تمزّقه الشياطين. سوف يسألونه: «من أنتَ الذي توقِظُنا؟ لقد عِشنا بانسجامٍ سويًّا لسنين عديدة».
الأب بيتر هيرز: إذن، لكل شيء أسلوب ومُتَطَلِّبات.
المتروبوليت نيوفيطوس: تمامًا. لِعمل القلب متطلّبات. أولاً أن يحصل الإنسان على المساعدة كي يدرك ما هي أهواءُه، ما هي الأخطاء في حياته، بحسب هذا العصر. ثم تنصحه بأبٍ روحيٍّ ذي تمييز يمكن أن يذهب إليه للاعتراف. ويجب على الأب الروحي ألّا يعطيه مسبحة صلاة. فليُعطِهِ إنجيلاً تطبيقيًّا. ما فعلتُ مع الشخص التركي الذي حدّثتُكم عنه آنِفًا؟ لم أعطِه مسبحة صلاة؛ أعطيته سيرة القديس أرسانيوس. إذن، الأمر ذاته يجب أن يتمّ مع المُعَمَّدين والمَمسوحين. اقرأوا سيرة قديس، ثم اقرأوا سيرة أخرى. لا تعطوه الإنجيل حتى. يجب أن يأتي الإنجيل في المرحلة الأخيرة. هذا الفرق بين الأنكليكانية. يقولون: «اقرأوا الإنجيل!» كلّا، يجب أن يُقرأ الإنجيل أخيرًا. اطّلِعوا على حياة العديد من القديسين، كي تروا التشابه وكذلك الفروقات بين سِمات القديسين. ليس القديسون مثل بعضهم البعض ولا يملكون السِّمات ذاتها. نجمٌ يختلف عن نجمٍ آخر. ففي النهاية عليه قراءة الإنجيل وبعده العهد القديم أيضًا. على الشخص أن يكون لديه صورة عن الكنيسة من خلال أشخاص قديسين. من هم القديسون؟ إنهم الخلايا التي تشكّل جسد المسيح، الذي هو الكنيسة. وبعدئذٍ، حالما يحوز هذا الشخص على تعليم كنسيّ، إن صَحَّ القول، نقدّم له العلاج الشفائي بعده. لدينا أيضًا أسرار الكنيسة والخِدَم الكنسيّة. عَلِّموه تلاوة صلاة النوم الصغرى ومديح سيّدتنا الكلية القداسة. هكذا، سيذهب إلى القدّاس الإلهي ولديه فكرة عن هذا القدّاس الإلهي، ما معنى الحياة الأبدية وغفران الخطايا التي نتكلّم عنها كل مرّة نتناول القُدُسات. وبعدئذٍ نقدّم له عمل النّوس، لا صلاة القلب. نقدّم له عمل النّوس. فللجزء العقلاني من النفس طريقتين في التفكير. الطريقة الأولى هي الطريقة الصامتة، ما يُسَمّى بالصوت الداخلي. لدينا هذا الصوت في داخلنا جميعًا. يمكنني القول أننا نفكّر ونتكلّم داخل ذواتنا أكثر من فمنا. يبدأ الإنسان بالصوت الداخلي، عوضًا عن الكلام البَطّال والإدانة والانتقاد والشك والتَّذَمُّر – يبدأ بصلاة إسم ربنا يسوع المسيح، «ربي يسوع المسيح ارحمني» إذ يردّدها، سوف يتشتّت فكره. سوف يستعيده ويفقده مجدَّدًا. وهكذا دواليك حتى يبدأ القلب بالانفتاح تدريجيًّا وباستيعاب إسم خالقه، ربنا يسوع المسيح. يمكنه أيضًا استعمال إسم الكليّة القداسة. قال لي القديس باييسيوس مرةً: «في أوقات الشدّة قُل ’عظيمٌ إسم الثالوث القدّوس، أيتها الفائق قُدسُها والدة الإله احفظينا’، هذه هي الكنيسة بكاملها». وقال لي: «ثم الصلاة سوف تِلِدُ من ذاتها الصلاة» لكننا نبدأ دائمًا بإسم المسيح. هو الذي اتّخذ جسدًا من مريم العذراء. إذن، بهذه الطريقة، يبدأ القلب الآن، من خلال الصوت الداخلي – في البداية نتلو الصلاة بأفواهنا. هناك الصوت الداخلي والكلمة المَنطوقة، يمكن للشخص أن يصلّي بِهاتَين الطريقتَين. إمّا بالفم، شفهيًّا، أو داخليًّا، من داخل نفوسنا، مع الصوت الداخلي. نبدأ شفهيًّا، وشيئًا فشيئًا، تتحقّق الصلاة بالصوت الداخلي. هذان هما السّبيلان يا عزيزي، ودعونا لا ننسى أننا نحن الأرثوذكس جميعًا نملك شريكًا وحليفًا في داخلنا، يذكره القديس بولس الرسول دومًا. من يقرأ رسائله بِتَمَعُّنٍ يمكن أن يجده، ألا وهو الروح القدس. لقد نِلنا الروح القدس عند معموديّتنا، ويقول عنه القديس بولس: «الذي فيكم» (1 كورنثوس 19:6)، إنه يعيش معنا ويسكن فينا. لِذا، حالَما يجد الروح القدس أننا انخرطنا في حياة التوبة، وكلّما أتى فكر شرير، أو فكر مُعيب، أو فكر حسد أو خُبث تجاه شخص ما، نقول مَثَلاً: «ربّي يسوع المسيح، ارحم الأب بيتر، الذي أحسد، وارحمني أنا أيضًا». لقد اقتبستُ هذا التعليم من الأب صوفرونيوس الذي من إسّكس (Essex). مَن الذي علّمَني هذه الأمور؟ تعلّمتُها من كتب الأب صوفرونيوس. نحن نتكلّم عن الروح (ethos) الأرثوذكسية. هكذا نتعلّم الجهاد يا عزيزي. ويمكن أيضًا أن نتعلّم من القديس إفمانيوس عن ميزة المحبة. يقول لي، إن كنتَ لا تحبّ المسيح من كل قدرتك فلن تنحلّ مشاكلك الجسديّة. هَبني أيها المسيح أن أحبّكَ أكثر من جميع الناس وفوق كل شيء. تقول الوصيّة الأولى: «أحبِب الرب إلهكَ من كل نفسكَ وبكلِّ قدرتكَ» (متى 37:22). إذن نحن نتّخذ أعمال القديسين ونطبّقها.
الأب بيتر هيرز: هذا مُلفِت جدًّا، أعتقد هنا أن كثيرين يعملون بطريقة مُعاكِسة فقط، أي ضد أهوائهم، لكنكَ تقول هنا أنه كي ترحل الأهواء، يجب أن تحلّ مكانها المحبة الأعظم. كي يرحل المريض، يجب أن يدخل السليم، الصحيح، محبة الله؛ وحينئذٍ تأتي محبة القريب أيضًا. لكننا نعمل فقط بطريقة مُعاكِسة، أي من دون أن نفهم أن الشيطان يجب أن يخرج، لكن ما الذي يحلّ مكانه؟
المتروبوليت نيوفيطوس: ال"يا رب ارحم". علينا أولاً أن نعمل بطريقة إيجابيّة. هل تعلم لماذا؟ لأن الصالح أعظم وأقوى من الشرير. فالله حاضر في كل مكان، حتى في الجحيم. هذا هو السبب لماذا الشيطان هو شيطانيّ، فالروح القدس حاضر حتى هناك، والشيطان لا يستطيع أن يتحمّل وجوده.
الأب بيتر هيرز: عندما لا تملك الروح القدس، فأنت تنظر فقط إلى الخطأ في الآخرين وفيك وفي العالم، فتصبح الأرثوذكسية دينًا وأخلاقيّات فحسب. لكن حالما يدخل الروح القدس في حياتك، فلن تكترث فيما بعد بما يوجد خارجًا، أي بالشيطان وبكل مكائده.
المتروبوليت نيوفيطوس: صحيح، صحيح.
الأب بيتر هيرز: إنها ثمار الصلاة… كلّما تقدّم الشخص مع الصوت الداخلي وانشغل بالصلاة الذهنية. هل هناك علامات محدَّدة تؤكّد أنه يتقدّم؟ هل يقدّم لنا المواهب، كيف يعبّر القديس باييسيوس عن هذا الأمر؟
المتروبوليت نيوفيطوس: سوف أخبركَ، نعم، نعم، أفهم ما تقصد. يتكلّم العديد من الأشخاص عن الدموع. سوف أخبركَ شيئًا آخر. أظنّ أن أعظم عطيّة هي الشوق، الاشتياق إلى الله. فعندما ترى أنك تتشوّق دومًا، عندما تنتظر إلهك، عندما تعطش – بكلام آخر، ما يقول داود: «عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلَا مَاءٍ» (مزمور 2:62). عندما تشعر هكذا باستمرار، عندما تأكل أو تنام أو تستيقظ أو تغضب أو تهدأ أو تحضر الخِدَم الإلهيّة، وأنتَ دومًا في حالة انتظار، انتظارٍ حلوٍ، وتريد الله أكثر فأكثر. فلنَقُل، ماذا يمكنك أن تبغي أكثر؟ نعم، الأمر هكذا، إنه جميلٌ جدًّا. أنتَ لستَ لوحدكَ أبدًا. أنتَ مع الله وتريد الله أكثر. فذلك في غاية الرّوعة. أنتَ نائم وتشعر بالرغبة في الصلاة؛ رغم أنّكَ نائم لكن قلبكَ يصلّي. هناك أمور مختلفة، لكنها ليست مُلكَنا، إنها للروح القدس. لِمَ نتكلّم عنها الآن؟ أعتقد أن هذا اختبار بالحقيقة. فأنتَ تقبل العطايا وتقول شكرًا؛ أنتَ تشعر بالخجل لأنك لا تستحقّها، فلا تجلس وتتكلّم عنها.
الأب بيتر هيرز: بالتأكيد، نعم.
المتروبوليت نيوفيطوس: في موضوع الشوق إلى الله وأننا نتكلّم عنه، سوف أروي لك الحادثة التالية. خلال قدّاس الأحد الماضي، لم أقم بخدمة القدّاس لكنني ألقيتُ عظة للشعب. كان الإنجيل يتحدّث كيف "الله أحبّ العالم وأنه أرسل ابنه الوحيد”. وقد تفاجأتُ أنني ألقيتُ العظة. يتحدّث الإنجيل عن تواضع الله الآب. وإن سألتَني الآن عَمّا تحدّثتُ، فبكلّ بساطة، لا يمكنني أن أخبرك. ماذا قلتُ قبل إلقائي العظة؟ «يا مسيحي، لا يكفي أنني لم أخدم القدّاس الإلهي، أنِرْني من أجل الشعب هنا، كي أستطيع أن أقول بضع كلمات لتعزية قلوب شعبنا». وكانت النتيجة عظة لاهوتيّة وثالوثية. إذن! إنني أقول هذا بمعنى أن هذه هي عطايا الله من أجل شعبنا، إنها ليست لنا.
الأب بيتر هيرز: أجل، كل إكليريكي يختبر هذا إلى حدٍّ ما.
المتروبوليت نيوفيطوس: صحيح، الكل يختبر هذا، ليس فقط نيوفيطوس أو بيتر. أعتقد أننا تكلّمنا كثيرًا، أبانا بيتر.
الأب بيتر هيرز: المجد لله، المجد لله، شكرًا جزيلاً، نحن مُتَشَكِّرون جدًّا، شكرًا لوقتكم. نحن نعلم أن وقتكم ثمين وأن لديكم الكثير من العمل. أتمنّى أن آتي مرّة أخرى إلى قبرص وأراك ثانيةً، وأن أعيش الأيام الجميلة مجدَّدًا.
https://www.youtube.com/watch?v=v-TF5ikKrJY
1. ما بعد البشريّة (Transhumanism تُختَصر هذه الكلمة أحيانًا ب >H أو H+) هي عبارة عن حركة فكريّة ودولية تدعم استخدام العلوم والتّكنولوجيا الجدّيّة لتعزيز القدرة الإنسانيّة العقليّة والفيزيائيّة وقدرة تحمّله وحتّى إلغاء ما يعتبر غير مرغوب في معظم الأحيان مثل الغباء، المعاناة، المرض، الشّيخوخة وأخيرًا التّخلّص من الموت. (المُتَرجِمة)