القدّيس باييسيوس الآثوسيّ، والشّيخة الرّائية إفلامبيا رومانيدس

القدّيس باييسيوس الآثوسيّ، والشّيخة الرّائية إفلامبيا رومانيدس.

نقله إلى العربيّة: جاد هاشم.

 

وُلِدَ الأب يوحنّا رومانيديس من والِدَين تقيّيَن، من كابادوكيا، في آسيا الصّغرى، كانا قد انتقلا، خلال التّبادل السّكانيّ عامَ 1922، إلى بيرايوس حيث وُلِدَ، في 2 أذار 1927. في 15 أيّار 1927، عند بلوغه 72 يومًا، هاجر مع أهله إلى أمريكا حيث استقرّوا في مانهاتن في نيويورك. هناك عمل والدُه سابا خيّاطًا، وكانت أمّه إفلامبيا ربّة منزل، تساعد زوجها. وكان لديه أيضًا شقيقة اسمها برثانيا، وكانوا يتكلّمون في المنزل اللّغة التّركيّة بدلًا من اليونانيّة؛ لأنّ اليونانيّين في كبادوكيا اعتادوا على تكلّمها.

غير أنّ إفلامبيا كانت تعيش عيشةً نسكيّةً في وسط المدينة، إذ قد أحضرت معها التّقوى الكبادوكيّة الّتي تلقّنتها في بَلَدِها الأمّ. ونقلت هذا النّهج النّسكيّ إلى ابنها، الّذي كان يتذكّرها لاحقًا، وهي تقول له وهو طفل: «يا بنيّ، لا يصبح المرء قدّيسًا بالقوّة. إنّه شيءٌ يجب أن يطلبه».عندما فسّر كلمات أمّه هذه، كتب: «بالطّبع، لا يمكن للمرء أن يصبح قديسًا بالقوّة؛ بل على كلّ واحدٍ مِنّا أن يختار طريق العلاج النّسكيّ».

إنّ صلواتِها المستمرّةَ، الّتي كانت تتلوها خلال قيامها بأيّ عملٍ، هي جديرةٌ بالملاحظة. كانت امرأةَ صلاةٍ نوسيّة، إذ كان اسم يسوع دائمًا على شفتَيها، وغالبًا ما كانت تُرْفِق صلاتَها بالمطّانيّات؛ العديد من المطّانيّات. عندما كان يوحنّا طفلًا، كان يلاحظ أنّ أمَّه تقوم بالعديد من السّجدات، وكونه يملك روحَ الفكاهة، قال لأمِّه يومًا:

«أمّي، لماذا تقومين بالسّجدة تلوَالأخرى؟» فأجابته:«اِضحك، يا يوحنّا الصّغير، اضحك. اِعلَم أنّك سوف تصبح كاهنًا». هذا كان يدلّ على موهبتَي التّنبؤ والبصيرة، اللّتين كانت تملكهما، بالرّغم من كونها امرأةً متزوّجةً في أكبر مدن أمريكا.

بعد سنواتٍ، حين أصبحت أرملةً، دخلت إفلامبيا دير القدّيس يوحنّا اللّاهوتيّ في سوروتي، خارج تسالونيكي. في ذاك الوقت، كان هذا الدّير تحت إرشاد القدّيس باييسيوس الآثوسيّ، الّذي اتّخذته أبًا روحيًّا، مع أنّه لم يكن إكليريكيًّا. زار متروبوليت مورفو «نيوفيطوسُ» الدّيرَ مرّةً، وسأل عن إفلامبيا، وأدلى بالتّالي:

منذ سنةٍ، زرتُ هذا الدّير، وقالت لي رئيسة الدّير الحاليّة فيلوثيا: «هذه الشّيخة أولمبيا. لم تُجِدِ اللّغة اليونانيّة، ولكنّها كانت الأولى الّتي تحضر إلى الخدم، والأولى في الطّاعة. وكانت تتمتّع بموهبة البصيرة. على سبيل المثال، كان الشّيخ باييسيوس يقوم أحيانًا بقانون صلاته في السّرير. كانت الجدّة إفلامبيا من سوروتي في تسالونيكي، ترى بِعَينَي قلبها- وليس بعَينَيها الجسديّتَين- ما كان يفعل في قلّايته. عندما كانا يلتقيان لاحقًا، كانت تقول له: «في ذاك اليوم كنتَ مريضًا، أيّها الشّيخ، ولم تَقُمْ بسجداتِكَ كلّها، ولا حتّى بصلاة مسبحتكَ كلّها». فيُجيبُها: «هل رأيتِني عندما كنتُ في الجبل المقدس؟» فتُجيب: «نعم، لديّ تلفازٌ وهو الّذي أراني ذلك.» عندها أجاب القدّيس باييسيوس مدهوشًا: «هَلّا تنظرون إلى هذا، هذه الجدّة (الشّيخة)، الّتي أتت من تركيا وأمريكا، تملك أيضًا تلفازًا روحيًّا ملوَّنًا، وتتابع ما أقوم به في الجبل المقدّس». كانت الرّاهبات جميعهنّ، ينذهلْنَ من مواهب الجدّة إفلامبيا.


 

https://www.johnsanidopoulos.com/2018/11/saint-paisios-athonite-and-clairvoyant.html