أسلحتُنا ضدّ الخوف

أسلحتُنا ضدّ الخوف.

القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش.

نقلتها إلى العربيّة: يولا يعقوب.

 

«فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى الأَرْضِ آمِنِينَ. وَيَلْحَقُ دِرَاسُكُمْ بِالْقِطَافِ، وَيَلْحَقُ الْقِطَافُ بِالزَّرْعِ، فَتَأْكُلُونَ خُبْزَكُمْ لِلشِّبَعِ وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضِكُمْ آمِنِينَ» (لاويّين 25 : 18؛ راجع المرجع نفسه 26: 5).

 

ما السّبب الّذي يجعل الشّعوب كلّها تعيش في خوفٍ؟ مِمَّ يخافون على الأرض؟ مِمَّ يخاف الأفراد على الأرض؟

شعبٌ يخاف من شعبٍ آخرَ، وشعبٌ يرتعد أمام شعبٍ آخر. أحدُ الأشخاص يخاف من شخصٍ آخر. شخصٌ ثانٍ يرتعد أمام شخصٍ آخر. وكان جدُّنا الأوّلُ آدم، خائفًا من الفردوس. اعترى آدمَ الخوفُ في الفردوس، فكيف يمكن لِذُرِّيَّتِه ألّا يتغلّب عليها الخوفُ، الآن بعد أن نُفينا من الفردوس.

عندما عصى آدَمُ وَامْرَأَتُهُ وصيّةَ الله، وعندما خالفا ناموسَ الطّاعة، اخْتَبَأا مِن وجه الله (تكوين 3: 8)؛ اخْتَبَأا بين أشجار الفردوسِ؛ اخْتَبَأا في الغابة، تمامًا كما تُخبّىء النّعامةُ رأسَها في الرّمال عندما تشعر بأنّها مُعرَّضةٌ للخطر مِن قِبَل صيّاد.

قال آدمُ لله: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فَخِفْتُ»، عندما سألَه اللهُ أين هو. وهذا ما يحصل، حتّى يومنا هذا، مع ذُرِّيَّةِ آدم. عندما يسمع الأولادُ صوتَ والدِيهم، يكونون سعداءَ، ويَمثلون أمامهم. لكن إذا فعلوا شيئًا قيلَ لهم ألّا يفعلوه؛ فإنّهم يهربون، ويختبئون بين الأثاث، أو في الغابة، ويبحثون حتّى عن المَلاذ الأكثر غَرابةً، من والدِيهم. وعندما تظهر محبّةُ والدِيهم من خلال السّؤال: «أين أنت؟»، يُجيب الأولادُ المشاغبون، حتّى يومنا هذا:«سَمِعْتُ صَوْتَكَ فَخِفْتُ»، أُسوَةً بِما فعلَ آدمُ مع الله.

عند هذه النّقطة، نَلمُس لقاء قوامِ الطّبيعة البشريّة، بالعلاقةِ بيننا وبين الله المُخلِّص: إنّه لقاء محبّة؛ الّذين يحبّون لا يخافون.

المَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ، تَطْرَحُ الخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ (1 يوحنّا 18:4)

حوِّلوا نظركم إلى جوانب الحياة كلّها - أنتمُ الّذين وَلَدَتْكُمُ الأرضُ - وَسَتُدرِكون مدى صحّة هذه العبارة: المَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ، تَطْرَحُ الخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ. لا يوجد خوفٌ عندما تكون المحبّةُ موجودةً. عندما تغيب المحبّة، يسود الخوف. من أين يأتي الخوف؟ من غياب المحبّة. عَلامَ تشتمل المحبّة؟ نجد الإجابة عند القدّيس يوحنّا: «وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ؛ بَلْ لِخَطَايَا الْعَالَمِ كلّه أَيْضًا. وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ» (1 يوحنّا 2: 2 – 3).

بِمجرّد أن تُداس وصيّةُ الله، تطير المحبّةُ بعيدًا، مثل طائرٍ، من قلوب العُصاة، ويحلّ الخوفُ مكانها. الخوف لا يختلف عن العصيان، وعن الخطيئة، وعن الإثم.

فهل تفهمون الآن، يا إخوتي، لماذا كان آدمُ خائفًا، واختفى بِسرعةٍ، حتّى لا يضطرّ إلى مواجهة الله؟ كان خائفًا؛ لأنّه خالَف ناموسَ الله. هل تفهمون الآن لماذا يخاف النّاس من أناسٍ آخرين، ولماذا تخاف الشّعوب من شعوبٍ أخرى؟

كما كان في ذلك الوقت، هكذا هو الآن. حَيثُمَا يوجدْ عصيانٌ لوصايا الله، يوجدْ خوفٌ. والخوف يَنتزِعُ قوّتَنا، وَكرامتَنا. هل هناك علاجٌ لهذا الخوف فيما بين النّاس والشّعوب؟ يوجد الطّبيب الأعظَم. كتب الطّبيب الأعظَم وصفةَ الدّواء، في كلٍّ من العهدين القديم والجديد. وهذه هي الوصفة: «فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى الأَرْضِ آمِنِينَ» (لاويّين 18:25).

هكذا تكلّم الله في الأعالي، من خلال الأنبياء في العهد القديم. وفي العهد الجديد، قال من خلال الرّسل: «أولئك الّذين يحبّون لا يخافون. وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ» (1 يوحنّا 3:2).

يا أيّها النّاس، ويا شعوبَ الأرض، إن كنتم ترغبون في أن تعيشوا بِسلامٍ في بلادكم، دون خوفٍ، سلّحوا أنفسكم بالسّلاح الّذي سَبَقَ وَذكرناه: المحبّة.


 

https://pemptousia.com/2022/07/our-weapons-against-fear/