العَلْمَنة

الأرشمندريت جاورجيوس كابسانيس، رئيس دير غريغوريو في جبل آثوس.
تعريب: ماهر سلّوم.

 

تواجه الكنيسة اليوم، جِدالاً مشابهًا للحرب على الأيقونات: يَجري الضَّغط عليها من قِبَل المجتمع العِلمانيّ، لكي تتكيّف مع قِيَمِه ومُثُلِه، كي تصبح الكنيسة علمانيّةً أيضًا.
 

خطرُ العَلْمَنة على الكنيسة كبيرٌ: بدل أن تساعد الكنيسةُ المجتمعَ كي يصبح كَنَسِيًّا، يحاول العالَمُ أن يؤثّر على الكنيسة كي تتحوّل إلى كنيسة دهريّة؛ إذًا، سوف تحافظ الكنيسة على شكلها وأُسُسِها، لكنّها ستفقد إيمانها؛ سيكون مصيرها مثل البابويّة التي كتب عنها القدّيس نكتاريوس:
«من خلال عقيدة العصمة البابويّة، فقدت الكنيسةُ الغربيّةُ حرّيّتَها الروحيّة، وفقدت حلاوة هذه الحرّيّة، وتزعزعت أساساتها، وحُرِمَت من نعمة الرّوح القدس ومن حضور المسيح؛ فحوّلت من نفسٍ وروحٍ، إلى جسدٍ أبْكم».

 

إنّ جوهر العَلْمَنة، هو مركزيّة الإنسان؛ أمّا جوهر الكنيسة، هو مركزيّة الإله-الإنسان. إذا فقدت الكنيسةُ أو ضاءلت طبيعتَها الإلهيّة-الإنسانيّة، فهي تنحدر من كَونِها رُكنًا دينيًّا إلى واحدة من أديان العالم المتعدّدة.
 

يقبل الناس العِلْمانيّون الكنيسةَ، على أنّها إحدى ديانات العالم، وليس أنّها الحقيقة الوحيدة الّتي تُخلِّص النّاس بالمسيح؛ وبهذه الذِّهنيّة، يحاولون مساواة الكنيسة الأرثوذكسيّة بالأديان الأخرى. هذا يؤدّي إلى دين عالميّ، من خلال تَعاضُد الأديان جميعها. والهدف ليس الحقيقة الّتي تُخَلِّص؛ بل السّلام العالميّ. بالطَّبع، هذا الطُّموحُ يَصُبّ في مَصالِح قادة العالم في هذا الزَّمَن، الّذين يُريدون أن تخضع الدّول لسلطتهم، وأن تكون سِلميّةً (مُجبَرة على الإذعان) من خلال اشتراك الأديان.
 

لا يعترف الأرثوذكس بالمسيح في الاجتماعات ما بين الأديان؛ وهكذا يسمحون للكنيسة أن تكون في لائحة الأديان التّوحيديّة، إلى جانب اليهوديّة والمحمّديّة. لكن، هناك تعليم أساسيّ في العهد الجديد وفي تعاليم الآباء القدّيسين: إنّ الّذين لا يؤمنون بالأقانيم الثّلاثة في الثّالوث القدّوس، وبكلمة الله المُتَجَسِّد؛ هم مُلحِدون. «مَنْ لَا يُكْرِمُ ٱلِٱبْنَ لَا يُكْرِمُ ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ» (يوحنا 23:5). «وَٱلَّذِي لَا يُؤْمِنُ بِٱلِٱبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللهِ» (يوحنا 36:3). وبحسب القدّيس باسيليوس الكبير: «أولئك الّذين لم يؤمنوا بالابن؛ لا يؤمنون بالآب».

 

https://pemptousia.com/2019/04/secularization/