الثّالوث القدّوس واحدٌ في الجوهر وغيرُ منقسم

القدّيس يوحنّا مكسيموفيتش

تعريب: ستيفاني سركيس

 

للآب والابن والرّوح القدّوس طبيعةٌ واحدة، وجوهرٌ واحد. وهكذا، الأقانيم الثّلاثة هي الثّالوث الواحد في الجوهر.

للبشر أيضًا طبيعةٌ واحدة. لكن حيث إنّ الله هو ثالوثٌ واحدٌ في الجوهر، أمّا عند البشر، فتحصل انقسامات باستمرار...

عند الآب والابن والرّوح القدس فكرٌ واحد، ومشيئةٌ واحدة، وفِعلٌ واحد.

ما يرغب به الآبُ، هو أيضًا ما يرغب به الابنُ وما يرغب به الرّوحُ القدس أيضًا.

وما يحبّه الابنُ، يحبّه الآبُ والروحُ القدس أيضًا.

ما يُسِرّ الروحَ القدس، يُسِرّ الآبَ والابنَ أيضًا.

كما أن فِعلَهم واحد، يحصل كلّ شيء بوحدة وتَناغُم.

لكن هذا لا ينطبق على البشر، إذ لديهم دائمًا نِزاعات مستمرة، ورغبات متنوّعة.

للطفل رغباتُه الخاصة منذ صِغَرِه، ومشيئتُه الخاصة، وعِصيانُه لوالدَيه اللذَين يُحِبّانه. وكلّما كَبُرَ، فَصَلَ نفسه عنهما أكثر، فيصبح بعدها غريبًا تمامًا عنهما، وهو أمر لم يَعُد غير مألوف في زمننا هذا.

بالإجمال، لا يوجد إجماع في الرّأي بين النّاس؛ بل على العكس، هناك انقسامات مستمرّة في كلّ شيء، عَداوات، مُشاجَرات بين أشخاص مختلفين، وحروب بين الشعوب.

كان آدم وحوّاء قبل السّقوط مُتَّفِقَين في ما بينهما في كلّ شيء، كانوا واحدًا في الرّوح.

لكن بعد خطيئتهما، سُرعان ما شعروا بالغُربة. ولكي يُبَرِّئ آدم نفسه أمام الله، ألقى اللَوم على حوّاء. ففَصَلَتْهُم الخطيئة وهي لا تزال تفصل وتفصل الجنس البشريّ. ففي تحرير أنفسنا من الخطيئة، نقترب من الله، وبامتلائنا من نعمته، نشعر بوحدتنا مع بقيّة البشر. وهذه الوحدة هي بعيدة عن أن تكون كاملة وممتلئة ما دام كلّ واحد مِنّا لديه ثغرات من الخطيئة. كلّما اقتربنا من الله، اقتربنا من بعضنا البعض، بالطريقة ذاتها التي تقترب فيها أشعّة الشمس من بعضها البعض كلّما اقتربت من الشمس.

في ملكوت الله الآتي ستكون هناك وحدة ومحبّة متبادلة وتَناغُم. لكنّ الثالوث القدّوس هو دائمًا لا يتغيّر، هو كاملٌ وواحدٌ في الجوهر غير منقسم.

يظلّ الثالوثُ الواحدُ غير المنقسم ثالوثاً واحدًا دائمًا. يظلّ الآبُ دائمًا آبًا والابنُ ابنًا والرّوحُ القدسُ روحًا قدُسًا .

بالإضافة إلى خصائصهم الشّخصيّة، كلّ شيء فيهم هو واحد ومشترك. لِذا، فالثّالوث القّدّوس هو إلهٌ واحد.

نهتف إلى الله، قدّوس قدّوس قدّوس. يدلّ هذا التكرار الثّلاثيّ لكلمة قدّوس على الثّالوث، وبأنّ الله هو الثّالوث القدّوس. ولكن لا يستطيع المرء أن يقول قدّوس (بِصيغة الجَمع)، لأنّهم ليسوا ثلاث آلهة، بل إله واحد.
 

The Orthodox Word, May-June 1986, page 93.