عبادة الأصنام

القدّيس يوستينوس بوبوفيتش

تعريب: رولا الحاج

 

«وَنَعْلَمُ أَنّ ابن الله قد جاء وَأَعطانا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الحقَّ. ونَحنُ في الحقّ في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإِلهُ الحقّ والحياة الأَبديّة. أيّها الأولاد احْفَظوا أَنْفُسَكُم من الأَصنام. آمين» (1يوحنّا 5: 20- 21).

تُلَخِّص هذه الآية العشرون كلّ بشارة القدّيس يوحنّا اللاهوتيّ وكلّ لاهوته «قد جَاءَ ابْنَ اللهِ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً» لكي نتمكّن من التعرّف عليه بما أنّه الإله الحقيقيّ. ولقد أعطانا القوّة لنصير سُكنى فيه وخاصّته. حتّى إنّنا غدونا في داخله من كلّ كياننا، أي في الإله الحقيقي، وبالتالي، من خلاله، في الحياة الأبدية، لأنّه هو الإله الحقّ والحياة الأبدية.

أمّا المسيحيّون الحقيقيّون الذين يسألون: «أين أنتَ»؟ فالجواب الصحيح هو «نحن في يسوع المسيح». بالرغم من أنّنا نعيش في العالم "القابِع كليًّا في الشرّ"، إلا أنّنا في يسوع المسيح: في الإله الحقيقي وفي الحياة الأبدية. لو لم يُعطِنا الإله الحقيقي "بصيرةً"، لَما أدركنا الإله الحقيقيّ ولَبقينا أثَمة عائشين في الشر إلى الأبد، هذا لأنّ المسيح، الإله والإنسان، هو وحده الإله الحقيقيّ. أولئك الذين لا يدركون هذا ولا يعترفون به هم كَفَرة، لأنّهم لا يعرفون الإله الحقيقيّ. الأمر عينه إذا اعترفوا بإله آخر أو شيء آخر على أنّه الله. أكرّر، إنهم أشرار لأنّهم لا يعترفون بأنّ الرب يسوع المسيح هو الإله الواحد الحقيقيّ. وحقيقة أنّه إلهنا الحقيقيّ فقد ثبت لنا أنّه ليس عنده الحياة الأبدية فحسب، بل هو نفسه الحياة الأبدية، التي يمنحها لجميع الذين يؤمنون به. من هذا نعلم أنّه الإله الحقيقيّ، وهو نفسه الحياة الأبدية التي يمنحها لكلّ الذين يتبعونه. هذه هي الطريقة الأضمن للتمييز بين الإله الحقيقي والآلهة الزائفة. كلّ إله زائف هو كلّ إله لا يتمكّن من مَنحِنا الحياة الأبدية وضَمانِها لنا. وهذا غير مستطاع لأيّ إله ليس بإمكانه أن ينتصر على الموت.

وحده يسوع المسيح استطاع أن يغلب الموت بقيامته. لهذا السبب هو الإله الحقيقيّ والحياة الأبدية. كلّ الباقين هم آلهة زائف. كلّ شهادة لإله آخر غير المسيح أو الاعتراف به أو الكرازة به هو ببساطة عبادة أصنام. كلّ عبادة الأصنام هي في الواقع إثمٌ، لأن تكريمها هو عمل من أعمال الكُفر. ينتمي إلى عبادة الأصنام كل أنواع عبادة الفَتَش[1] حتى أصغر الرموز. ليست عبادة الأصنام مجرد تبجيل للآلهة الزائفة، بل أيضًا للأحجار، والأشجار، والحيوانات، والكواكب، والتماثيل، وأيضًا للبشر، والأبطال، والعلماء، والابتكارات والأفكار، والأهواء، والثقافة، والحضارة، والعلم، والفلسفة، والفن أو أي شيء آخر قد نريد أن يحلّ مكان الإله الحقيقيّ والربّ يسوع المسيح.

لهذا ينهي اللاهوتيّ القدّيس رسالته بعبارة «أيّها الأولاد احْفَظوا أَنْفُسَكُم من الأَصنام»: أي ابتعدوا عن عبادة الأصنام واهربوا من الإثم. 'آمين'.

 

المرجع:

https://pemptousia.com/2021/10/idolatry/

 

[1]  الفَتَش (أو البدّ) وترجمتها التقديس الأعمى، وهو انحراف جنسي ونفسي شهير قوامه إشباع الرغبة الجنسية من طريق الانجذاب إلى أجزاء من الجسد، كالقدم مثلا، أو إلى شيء من الأشياء بعينه، سواء أكان ذلك الشيء حذاء، أو جوربا، أو ثوبا تحتيا.، وهو أكثر شيوعاً لدى الذكور من الإناث. فهو تكرار استخدام أشياء غير حية للحصول على إثارة جنسية - إلا إذا كان الشيء مخصصاً للإثارة الجنسية - مثل ملابس النساء، أو متعلقاتهن من الأحذية أو الجوارب. وقد يشمل النشاط الجنسي الوثن وحده، كما في حالة الاستمناء، أو يدمج الوثن في ممارسة جنسية بأن يطلب من شريكه ارتداء شيء معين (المعرّبة).