أبرارٌ رومانيُّون معاصرون: الأب إيلاريون فيلايا

  

الأب إيلاريون فيلايا (21 آذار، 1903 – 18 أيلول، 1961)

تعريب شادي مخّول

 

ما أشدَّ حبِّي لِناموسِكَ، يا ربُّ. فهو تأمُّلي النَّهارَ كُلَّهُ (مز 118: 97).

هو ابن كاهنٍ من هونيدوارا (Hunedoara). كان الأب إيلاريون فيلايا لاهوتيًّا عميقًا ومختبرًا للصلاة غير المنقطعة. لقد ارتقى على درب ثابور عبر حياةٍ محتفَّةٍ بالمصاعب. هناك وجدَ نور المسيح المشرق اللَّامخلوق.

حاز الأب إيلاريون على شهادةٍ جامعيَّةٍ في اللَّاهوت من جامعة سيبيو وأخرى في الأدب والفلسفة من كلوج، كما نال شهادة الدكتوراه في اللَّاهوت من بوخارست. وضع مواهبه بجدٍّ ليستخدمها كأستاذٍ للعقائد واللَّاهوت الدفاعي، وكرئيسٍ لمعهد آراد اللَّاهوتي، وكأبٍ معرِّفٍ في كاتدرائيَّة آراد، التي جعل منها مركزًا حقيقيًّا للثقافة والممارَسة الدينيَّة.

كان نشاطه الدراسي مثيرًا للإعجاب – إذ كتب مئات المقالات والدراسات اللَّاهوتيَّة والعظات وسير القديسين، كما كتب سلسلة «نحو ثابور»، هذه الأعمال تُعتَبَر فيلوكاليا حقيقيَّة.

جذب هذا الأب، بمحبَّته للآخرين وكمثالٍ حيٍّ للإيمان والتضحية وبفصاحته، مئات المؤمنين وخاصَّةً الشبَّان، الذين يتوقون إلى كنوز الأرثوذكسيَّة – هذا ما جعله مستهدفًا من قبل رجال الأمن. اعتُقلَ لأوَّل مرَّة سنة 1949 واحتُجِزَ لسنة كاملةٍ في سجن أيود Aiud. بعد أن أُطلِقَ سراحه وعاد بين المؤمنين، عاوَد بهذا الشَّغفِ عينه عمله البشاري، واعترف بالإيمان الحقيقيّ بالعظات والمقالات.

اعتُقِلَ مرَّةً أخرى سنة 1958 وخضعَ لتحقيقٍ عنيف. حُكِمَ عليه بعشرين سنة من الأشغال الشاقَّة بتهمة «أنشطة ضدّ الطَّبقة العاملة»، وسُجنَ بدايةً في سجن غيرلا Gherla ثمَّ في أيود Aiud مجدَّدًا. هنا، برفقة الأب دوميترو ستانيلواي، حافظَ على شُعلةِ الصلاة متَّقدة، وكان يُقيم ليتورجيا القدَّاس الإلهي للمساجين في زنزانته سرًّا، كلَّما أُتيحَ له ذلك.

كانت الصَّلاة، بالحقيقة، أكبر سندٍ له في تجارب حياته، والطَّريقة الوحيدة للاقتراب من المسيح. كتب الأب إيلاريون: «إنَّ الخطيئة هي ما يُبعدنا عن الله ويُلطِّخ نفوسنا، والصَّلاة هي التي تطهّرنا وتقدّسنا وتُعيد فتح الطريق نحو محبَّة الله ونوره. من يتقدَّم في الصَّلاة يقترب من الله. الإنسان الذي يجلس بين الزّهور لوقتٍ طويل يحمل أريجها. كذلك، الإنسان الذي يمضي وقتًا طويلًا في الصلاة: ستحمل نفسه أريجَ الحياة الإلهيَّة».

وكسائر الذين يتبعون المسيح، لم يهب الأب إيلاريون الذين يقتلون الجسد لكنَّه حرص على إبقاء أيدي الغدَّار بعيدةً عن نفسه النقيَّة. وبرفضه لأيّ نوعٍ من أنواع المساومة مع النظام الملحد، حمل صليبه بمهابةٍ، وبقي رسولًا للمسيح خلفَ قضبان السّجن إلى النهاية.

إنَّ البرد والجوع وسائر العذابات التي كابدها سارعت في رقاده، رقادًا يُشرقُ بإكليل الشهادة. رُميَ جسده دون صليبٍ ولا إسمٍ في Râpa Robilor (وادي العبيد) في أيود، مرقد النخبة الروحيّة في رومانيا ما بعد الحرب.

 

المصدر:

https://pemptousia.com/2017/09/contemporary-virtuous-romanians-father-ilarion-felea