يسوع المسيح: ابن الله وكلمته (أحد الآباء القديسين)

أغاثانجيلوس أسقف فناري

تعريب: جنيفر سعد

 

أحد الآباء القديسين، الذي تحتفل به الكنيسة في زمن الخمسين، مُخَصَّص للآباء القديسين المتوشّحين بالله المجتمعين في المجمع المسكونيّ الأوّل في نيقية، الذي حَضَرَهُ القدّيس أثناسيوس الكبير والقدّيس اسبيريدون صانع العجائب حيث شَهِدوا للإيمان الحقيقيّ.

 

بِحُلول الرّوح القدس وعمله، أعلَنَ المجمع إيمان الكنيسة المستقيم وثَبَّت التّعليم العقائديّ حول الأقنوم الثاني من الثّالوث القدوس، أي أنّ يسوع المسيح ابن الله وكلمته هو إله وإنسان معًا. تكمُن أهميّة المجمع المسكونيّ الأوّل في حقيقة أنّه صان الإيمان من تعليم آريوس الهرطوقيّ ومُؤَيِّديه الذين علّموا أنّ المسيح هو مخلوقٌ وأنكروا ألوهيّته. هذه هي أعظم بِدعة عبر التاريخ، لأنّه كما أوضح الآباء، إذا كان المسيح مخلوقًا، فكيف بإمكانه ان يُخَلِّصَنا؟

 

وفقًا لتعاليم الكنيسة الأرثوذكسيّة، يُظهر إسم يسوع المسيح كلّ الثالوث القدوس. «إن التَّوَجُّه للمسيح هو اعتراف بسائر أقانيم الثّالوث القدّوس. لأنه يُشير إلى الله الذي يَمسَح، إلى الإبن المَمسوح وإلى أداة المَسح (الخَتم)» (القديس باسيليوس الكبير). لقد أُعلِنَ لنا إله ابراهيم واسحق ويعقوب في شخص المسيح من خلال تَجَسُّدِه. إنّ كلمة الله المُتَجَسِّد، يسوع التّاريخي، الذي هو إنسان وإله، هو تحديدًا جوهر إعلان الله أي جوهر الإيمان.

 

المسيح والكنيسة

في الإيمان الأرثوذكسيّ وخبرة الكنيسة، لا ينفصل المسيح عن الكنيسة التي هي جسده. كذلك الأمر، لا تنفصل الكنيسة عن المسيح الذي هو رأسها وأساسها وروحها وجوهرها. يرتكب الذّين يفصلون المسيح عن الكنيسة أو الكنيسة عن المسيح  أفظع خطأ  ويسقطون في الضّلال والهرطقات الأكثر خطورة. يعتبرون «الله الكلمة المتجسّد» مخلوقًا ويُجَرِّدونه من ألوهيته ويفصلونه عن جسده. لكن هذا يعني أيضًا أنّهم يفصلونه عنّا وعن العالم.

 

في شخص المسيح، الإله والإنسان، إندَلَعَت أعظم معركة ونتيجة لذلك أُبيدت قوّة الخطيئة، ولعنة الناموس، ومصير الإنسان المُحتّم، وسلطة الموت. يلبسُ الذّين اعتمدوا باسم الثّالوث القدوس المسيحَ ويتّحدون بجسده؛ أي الكنيسة، فينتصرون بنعمة الرّوح القدس.

 

هويّتنا الأرثوذكسيّة

يُسلّمنا الآباء القدّيسون كيفيّة الجهاد نحو تحرير الإنسان من الدّاخل والخارج ونحو اختبار هويّتنا.  ما نحتاجه هو السّماح لأنفسنا أن نشتعل شغفًا من إلهامهم المُلتهب، لأنّهم كانوا يعلمون جيّدًا أنّ أكبر عدوّ لأي شعب هو فقدان الإحساس بالنّفس، إنحطاط الفَرديّة الثّقافيّة، وتشويه التّقاليد.

 

أكبر خِداع نَنْهَمِك فيه، فيما يتعلّق بذواتنا ومشاكلنا التي نواجهها، هو اعتقادنا أنّ الجوهر يكمُن في عمق الرّغبات عوضًا عَمّا في روحنا. نكون شهودًا على إيماننا وثقافتنا فقط من خلال الحفاظ على هويّتنا والإدراك الذّاتي وصَوْنِهِما. شهود لأنفسنا ومستحقّون أن نتمسّك بِتُراثِنا وتقليدِنا المَحفوظَين في قلوب الأجيال المُتَتالية.

 

بكلام آخر، يجب أن نركّز على الكنيسة وننمو فيها ونختبر التقليد المقدّس الذّي يحتوي على كامل الإعلانات والرّؤى وعلى التّذوّق للحياة الآتية والنّعيم.

 

https://pemptousia.com/2020/05/jesus-christ-the-son-and-word-of-god-sunday-of-the-holy-fathers/