رسائل من الشيخ يوسف الفاتوبيذي

(الرسالة الثانية - ماذا يمكن للمرء أن يقول عن التجارب؟)
الإسقيط الجديد 21 كانون الثاني 1987
تعريب: مارك عوض

 

إلى ابني الحبيب، كأبٍ لكَ أصلّي أنْ تَكونَ نِعْمَةُ المسيحِ معَ روحِكَ.

لَقدْ تلقَّيْتُ رسالتَكَ الّتي كانَتْ أصغر من جريدةٍ بقليلٍ، بالرُّغْمِ من أنَّهُ من الممكنِ أنْ تَكونَ بِكِبرِها! الأب أثناسيوس والأب ثيونا يَهُمّان بالمغادرةِ إلى تسالونيكي لرؤيةِ بعضِ الأطباءِ ولِتَنسيق الكتابِ، وربّما سيتحدَّثان معَك هناك. لقد سُررْتُ جدًّا بعدَ سماعي أخبار (فلان)، فهَنيئًا لهُ أنَّهُ أنشَأ عائلةً، فالوقت يمضي، ويبدو أنّ هذا يجعل كلّ شيء يتطلَّبُ جهْدًا كبيرًا.

ماذا يمكنُ للمرءِ أن يقولَ عن التَّجارِبِ؟ هل نتكلّم عن تلكَ التي نواجِهُها حاليًّا، أم تلكَ التي سوف نواجِهُها؟ بالنسبةِ للَّتي تحدث لنا الآن، فهي إمّا انتهت، أو ما زالَتْ قائمة، لكنَّها أقلُّ خطورةٍ وحِدَّةٍ من تلكَ الَّتي ستواجهنا في المستقبل. وبالتالي، عليْنا أنْ نَعِيَ حتْمًا وجوبَ الاستعداد لها بشكلٍ أفضل من الاستعداد الذي قُمنا به حتى الآن. أمّا بالنسبةِ لنا، فقد دخَلْنا في صراعٍ مجهولٍ حتى الآن. أعيد أن الكاهن حاضِرٌ، فلننتظرْ ولنرَ أينَ سَيَقودنا هذا. لقد سَبَقَ آباؤنا وتنبَّؤوا أنّه ستأتي أيام سَوْفَ يُمْتَحَن فيها جميع الأحياء. من الآنَ وإلى ما تَبقَّى من المستقبلِ، علينا التَّحَلّي بالصبر، آمين.ِ أولئِكَ الَّذيْنَ يُريدونَ أنْ يَكونوا وَرِعينَ سيُمتَحَنون. وأيضًا «يجبُ أنْ نَمُرَّ بالكثيرِ منَ التَّجارِبِ، لنَتَمَكَّنَ من الدُّخولِ إلى الحياةِ الأبديةِ».

هذا ما يميلُ إليْهِ العالمُ غير العادل الذي نعيشُ فيهِ. ما نراهُ اليومَ، ليس سوى بِدايَة ممّا هو مُزمِعٌ أن يحدث في المستقبلِ القريبِ، بُغيَةَ تصحيحِ العدالةِ الاجتماعيَّةِ! لذلك، في المستقبلِ، لا تتساءلوا «لماذا يحصل هذا؟» أو «لماذا يحدث ذلك؟» ثمّة أمر آخر عليكم أن تقلقوا بشأنه وهو: «كيف نتحلّى بالصَّبْرِ ونثابر في الصَّلاةِ من أجل ما سنواجهه». كلّ شي يحصل بهدف: أنْ نُحِبَّ المسيح، ونفهم معنى الصَّلب، وهو أمر نحتاجُهُ بِشِدَّةٍ في أيّامِنا هذِه. كلّ ما هو بشر يتغيَّرُ يتحوّل ويتبَدَّل. للأسفِ، نحن نبْقى على حالِنا، وفي مرّاتٍ كثيرة نتصارع مع ذاتِنا.

أمَّا بالنسْبَةِ إليّ، لقد هَرِمتُ، فقدْ أصبَحَتْ ساقايَ عَديمَتَي الفائِدَةِ تمامًا. بشكلٍ عامٍّ، نحن مرضى في أغلب الأوقات. الهواتفُ مُعَطَّلة حاليًّا، لذلِكَ نحن نتمتّع أخيرًا ببعضٍ من السّلام. للأسف، سوفَ يُصْلِحونَها، وسيبدأ الحَفل من جديد! كلّ يوم، لا نسمع إلاّ بالمشاكل وحالاتِ الطَّلاقِ والأمراضِ وصعوباتِ الحياةِ، وقلوبُنا تتألّم. كيف صار العالم بدون وجود الله! مثل الأدغال، حَلَبة صِراعٍ بين البَشَرِ! لتكنْ رحمةُ الربِّ علينا!

مع كامل محبّتي ومودّتي، أصلّي من أجلِكم جميعًا.

أبوك الحقير، يوسف.

https://pemptousia.com/2011/11/letters-by-elder-joseph-of-vatopedi-no-2/