الشيخ أثناسيوس ميتيليناوس
تعريب: روي صوايا
هناك سؤال آخَر تمّ طَرحُه:
"لقد سمعت أنّ الحيوانات، على عكس البشر، ليس لها حياةٌ بعد الموت. هل هذا صحيح؟ وإذا كان الأمر كذلك، أليس هذا ظُلم؟ علاوة على ذلك، كيف سيتمكّن النّاس من أن يعيشوا بعد موتهم من دون وجود هذه المخلوقات الأليفة ورفقَتِها؟"
ثَمّة هرّ أو كلب بالتأكيد في أغلب المنازل، وهذه حيوانات أليفة. بالطّبع إذا كان لدى المرء بقرة، لا نعرف ما إذا نعتبرها حيوانه الأليف، ولكن فيما يتعلّق بهذه المسألة، إسمعوا وسترَون: إنّه من المؤكَّد، يا أولادي، أنّ الحيوانات ليس لديها حياة بعد الموت. وحده الإنسان الذي خَلَقَهُ الله له نفس خالدة، وعلاوةً على ذلك، له فرصةٌ للقيامة إذ إنّ النفس تعود إلى الجسد، الجسد القديم، الّذي سوف يصير جديدًا. هذه الميزة ليست موجودة عند الحيوانات. لاحِظوا أيضًا أنّه بما أنّ نفسَ الإنسانِ مخلوقةٌ، فهي ليست خالدةً من تِلقاء نفسِها؛ إنّها خالدةٌ لأنَّ هذا ما يشاؤه الله. لقد قال الرّسول بولسُ ذلك لتيموثاوس: «...مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الّذي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، الّذي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ» (1 تيموثاوس 6: 15-16). لا الملائكة خالدة بطبيعتها ولا الشّياطين، فلا تَدَعوا هذا يُضِلُّكم، لأنّ جميعهم مخلوقات. لذلك، من المُحتَمَل أن يعودوا، في وقت ما، إلى العَدَم. لكنّهم لا يُقدِمون على ذلك لأنّ الله يشاء ألّا يعودوا إلى العَدَم. وبالطريقة عينها، الإنسان خالد: لأنّ هذا ما يشاؤه الله. ومع ذلك، لا يريد الله أن تكونَ الحيواناتُ خالدةً.
هذا ليس ظُلمًا على الإطلاق. كلا، لأنّه، كما كتب أحد الآباء القديسين في مكان ما - القدّيس الذهبيّ الفم على ما أذكُر - أنّ الحيوانات عاشت حياتَها ولا يتعيّن عليها أن تواجه الدّينونة أو الجحيم. في المبدأ، بحسب وجهة النّظر هذه، على الإنسان أن يكونَ مُنتَبِهًا خلال حياته لأنّه سيواجه الدّينونة والجحيم معًا. غير أنّ الحيوانات، طبعًا، ليس لها ملكوت الله، وفي هذه الحالة، ليس لها جحيم. تعيش لمدّة طويلة فحسب، ثم تنتهي، وتموت. هذا ما يشاؤه الله. وكلُّ ما يشاؤه الله هو أيضًا عَدْلٌ. إنّ مبدأ ما هو عَدل، ويجب أن تعرفوه، أنه مُستَمَدٌّ دائمًا مما يشاؤه الله ومِمّا يفعله. ومن هنا يأتي مبدأ ما هو عَدل، ولا يأتي من بعض الأُسُس المنطقيّة الّتي نتحدّث عنها نحن أنفسَنا حين نسأل: "أليس من الظّلم أنّ الحيوانات ليس لها حياة بعد الموت؟"
وإليكم سبب آخر: في ملكوت الله لن يكون هناك مملكة حيوانيّة أو مملكة نباتيّة. نُجيب على هذا السؤال: "وماذا سنفعل من دون تلك الحيوانات الأليفة في الحياة بعد الموت؟ ألن تكون معنا؟" كلا، لن يكون هناك حيوانات. في الحياة بعد الموت، في ملكوت الله، سأكرّر، لن يكون هناك لا مملكة نباتيّة ولا مملكة حيوانيّة. ماذا سوف يكون هناك؟ إنّه من المستحيل لي أن أخبركم أو أن نتخيّل ما سيكون. يقول الرسول بولس: "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (1 كورنثس 2: 9) بعبارة أخرى، يُعلَن ما يكشف عن رغبَتِنا [الحقيقيّة]. (أنظر 1 كورنثس 2: 12) وهذا يعني أنّه لم يَخطُر على بال الإنسان أن يرغب - لأنّه لا يعرف ماذا يمكنه أن يرغب – بأي شيء يَجول في قلبِه ويقول: "آه! هذا ما أريده..." تلك الأشياء الّتي أعَدَّها الله، تلك الأشياء الّتي أعَدَّها الله للذين يُحِبّونه.
بِغَضّ النّظر عن الطّريقة الّتي نُقارِب فيها هذا الموضوع، الحيوانات لن تقومَ ولن يكون لديها حياة بعدَ الموت.