في رسالة للقدّيس الصربيّ المعاصر نيقولاي فليميروفيتش عن البابا الأرثوذكسيّ"، يقول فيها:
"الأرثوذكسيّة لها بابا خاصّ بها، أقدم من كل البابوات والبطاركة الّذين في العالم. إنّه لها من البدء وسيكون لها حتّى نهاية الزمان. إنّه البابا ذاته الّذي كان جميع رسل المسيح يستدعونه: الروح القدس. روح الحكمة والفهم، روح التعزية وقوّة الله، إنّه بابا كنيسة المسيح الحقيقيّ والدائم وإلى الأبد، من دون بديل أو آخر يحلّ محلّه، من دون جدل أو اختيار، من دون سلف أو خلف. وأنّ الرسل اعترفوا أنّ الروح القدس هو رئيسهم الأعلى وباباهم تُثبّته وثيقة كُتبت بأيديهم ذاتها في المجمع الرسوليّ في أورشليم، حين قالوا هذه الكلمات الهامّة: "لأنّه قد رأى الروح القدس ونحن" (أع28:15). واضح أنّ الرسل وضعوا الروح القدس قبلهم وفوقهم. قبل ذلك وفي كل اجتماع كانوا يُصلّون له، يستدعونه، يُخضعون ذواتهم كليًّا له. أليس كل شيوخ الكنيسة الأرثوذكسيّة يعملون هذا إلى اليوم؟
حين كانت تُعقد المجامع كانوا يتذكّرون أوّلاً باباهم المعصوم عن الخطأ: الروح القدس. كانوا يستدعونه بخوف ورعدة قبل البدء بأيّ عمل وكانوا يُخضعون ذواتهم كليًّا له... والروح القدس الكليّ الصلاح والكليّ القوّة والكليّ الحكمة يقود كل شيء، يُشدّد كلّ شيء، يُلهم كل شيء، الكنيسة والدولة والنظام التعليميّ. إنّه يحكم كل واحد في كلّ شيء، لكن ليس عبر القوّة كالديكتاتوريّين الأرضيّين لكن بالأحرى كأب، بحكمة ومحبّة. إنّه أبونا عبر المعموديّة الّذي به اعتمدنا. وتعلمون أنّ كلمة "بابا" باليونانيّة تعني "أب". إذًا، بالمعنى الحقيقيّ والتاريخيّ والأخلاقيّ، الروح القدس هو أبونا والبابا الخاصّ بنا. حينها لماذا تحتاج الكنيسة الأرثوذكسيّة أب آخر أو بابا آخر؟ ألم يُحذّرنا الربّ يسوع المسيح بأن نكون حذرين من البابوات والآباء الأرضيّين؟ لقد أوصى من تسعة عشر قرنًا: "لا تَدْعوا لكم أبًا على الأرض، لأنّ أباكُم (باباكم) واحدٌ الّذي في السّماوات" (مت9:23)