الأرشمندريت يوستينوس بارفو
تعريب: مجموعة القديس غريغوريوس بالاماس
قال الشيخ، مُشيرًا إلى الحياة المعاصرة: «اليوم، يعيش الناس من أجل المظاهر وهم جُبَناء جدًّا لدرجة أنّهم لا يريدون حتى البحث عن «الحقّ» ولا الدفاع عن اسم المسيح. نحن ضعفاء، ومُنهَكون، وخائفون من هذا العالم الذي يريد أن يقسّم دُوَلَنا وحياتنا. توجد نزعة دائمة لِتَفَتُّت وتدهور الحياة الروحية لدى الأرثوذكس. الحل هو الحفاظ على إيماننا رغم كل الصعوبات والمعاناة».
وأضاف قائلًا: «الحياة ليست سهلة في هذه الأيام. ولكن إن سمح الربّ أن نتألّم فعلينا أن نُطيع ونقبل بفرح كلّ ما يحدث لنا كأنّه آتٍ من يد الله وليس من العدو. والأكثر صعوبة اليوم هو أنّنا اعتدنا على وسائل الراحة، والتلفاز، الحياة الناعمة والحُرِّيات المختلفة. حسنًا، يا أعزّائي، أصبح التأثير السلبيّ لهذه الحريات واضِحًا لنا الآن: لقد تلاشت قوى نفوسنا. ثَقُلَ عقلنا وضَعُفَ جسدنا بالأطعمة السامة التي يُطعمنا إيّاها حكامنا. ولم نعتَد على خوض أيّة حرب سواء روحيّة أم جسديّة. لذا من فضلكم لا تبحثوا عن حلول! لا توجد حلول بشرية. الحلّ هو أن تموت من أجل المسيح».
لقد أدرك أنّ حياتنا كلّها، كمسيحيّين، يجب أن تكون استشهادًا دائمًا لذواتنا الخاطئة واستعدادًا لميتة شهيد- نحن بحاجة لاقتناء نقاوة قلب طفل والتحلي بشجاعة كبيرة في أوقات الاضطهاد.
حاول الأب يوستينوس حثّ الناس للاستعداد روحيًّا لكل ما تخبّئه لهم الحياة:
«في أوقات الاضطهاد، على المسيحيين أن يلتفّوا حول الكهنة. سيمنح القداس الإلهي والقُدُسات المسيحيين القوّة لتحمّل الجوع وسيحمونهم من كل شر، تحت ستر وحماية العذراء المباركة. عليهم أيضًا أن يردّدوا صلاة يسوع ويتوجّهوا للعذراء مريم قائلين: أيّتها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا.. هذه الصلوات القصيرة أنقذتنا في السجن وهكذا تمكنّا من مقاومة اضطهاد النظام الشيوعي، دون الخضوع للوحش الأحمر.
لكن هذه التوجيهات هي للمسيحيّين الفاترين لأنّ الغيورين مستعدون دائمًا- لا ينتظرون الاضطهاد أو الحرب للاعتناء بنفوسهم! بالنسبة للمسيحي الحقيقي لا يهم متى تأتي الحرب أو الاضطهاد. المسيحي الحقيقي مستعد دائمًا، مع مصباح روحه المشتعل للقاء الختن السماوي. المسيحي الحقيقي لا يحيا بخوف وقلق حول متى تندلع حربٌ أو متى تسقط قنبلة على رأسه. هو يبحث عن طرق للتضحية أكثر من أجل قريبه، ومن أجل الله. المسيحي الحقيقي يطلب ملكوت السماوات في داخله ولا يخاف من أي شيء في هذه الحياة الوقتية. بالنسبة إليه، الحزن هو فرح والصليب هو قيامة.
على أيّة حال، حياتنا بين يديّ الله وهو وحده يعرف نهاية الإنسان. لذلك، دعونا لا نخاف حين نسمع بحروب أو غيرها من الأحداث الرهيبة، لأنّ كل هذه الأشياء لا بدّ أن تحدث، كما قال مخلّصنا (متّى 6:24 ومرقس 7:13). ما يجب بالأحرى أن نخاف منه هو حقيقة أن نفوسنا ليست مستعدّة للقاء المسيح».
المصدر: