العلاقة بين الشّيخ يعقوب تساليكيس والقدّيسة باراسكيفي

تعريب جنيفر سعد

 

المقالة التّالية هي مُقتَطَف من كتاب «حديقة الرّوح القدس: الشّيخ يعقوب تساليكيس من إيفيا (1991) » للكاتب ستيليانوس بابادوبولس، وتسرد العلاقة بين الشّيخ يعقوب تساليكيس من القرن العشرين والقديسة الشّهيدة باراسكيفي من القرن الثّاني، بدءًا من طفولته في قرية كورنثوس حيث استقرّت عائلته بعد أن تهجّرت من آسيا الصّغرى في أوائل قرن العشرين.

 

ظهورات القدّيسة باراسكيفي

يذهب كلّ طفلٍ إلى المدرسةِ مرّة واحدة في اليومِ، أمّا يعقوب الصّغير فيذهب مرّتين. لقد أحبَّها كثيرًا، ففي السنوات الأولى تمّ إيواء المدرسة في كنيسة القديسة باراسكيفي. كان يذهبُ وحده مساءً لإضاءة قناديل الزّيت ويحبّ البقاءَ حتّى حُلول الظّلام. كان يصلّي حسب معرفته وقُدرته، ثم يتّجه نزولًا عبر غابة الصّنوبر نحو منزله.

ذات مساءٍ، وهو في الثّامنةِ أو التّاسعةِ من العمر، ظَهرَتْ أمامَه أثناءَ الصّلاةِ القدّيسة باراسكيفي كما تبدو في إيقونتها. كان خائفًا فَفرَّ بعيدًا ووصلَ إلى المنزلِ لاهثًا. ارتعب جدًّا حتّى أنّه لمْ يَلتفِت الى الوراءِ. وبعدَ بِضْعة أيّامٍ ذهبَ مرّة أخرى لإضاءة الشّموع وظهرتْ له القديسة باراسكيفي ثانيةً. ارتعب من جديد وهربَ، لكن القدّيسة خرجَت من الكنيسةِ وحدّثتِ الصّبي بلُطْفٍ وهدّأتْهُ. توقّفَ عن الرّكضِ ليعود ويرى من كان يُكلّمهُ. وضّحتِ القدّيسة لهُ من تكون وقالَتْ لهُ ألاّ يَخاف. عاد الصّبي خجولًا الى الكنيسةِ. جلسَ بجانِبِها وأصْغى لها بانتباهٍ. تكرّرت مرارًا ظهورات القدّيسة باراسكيفي. اعتادَ يعقوب لذلك ولم يَعُد يخاف. جلسَا جنبًا إلى جنبٍ وتَحَادثا. وكانت لهذا الصّغير دالّة وجُرأة بريئة مع القديسة!

في أوّل ظهورٍ للقدّيسة، بعد تَخَلُّص الصّبي من الخجلِ، قالتْ له: « عزيزي يعقوب، ماذا تريدني أن أعطيكَ للصّلوات التي ترفعها في كنيستي؟» لم يعرفْ ما يطلب. وفي المساءِ سأل والدته ثيودورا، فنصَحَتْه: «أطلبْ منها أن تُخبرك عن ثَروَتِك». ظهرتْ له القديسة في الليلةِ التاليةِ وقالتْ له: «اصغِ إليّ. ستُعاين مجدًا، وسيقصدُكَ الكثير من النّاس وستحصل على الكثير من المال ولكنّه لن يبقى معك».

وبالفعل تحقّق كلّ ذلك، إذ تمّ تكريم الشّيخ من قِبَلِ الأغنياء والفقراء والحكماء والأمّيّين والحكّام والمحكومين وأساتذة الجامعات والقضاة الرَّفيعي المستوى والرّهبان والكهنة والأساقفة والبطاركة الّذين جاؤوا إلى الدّير في السّنوات الأخيرة للقائه وللاعتراف وللحصول على منفعة روحيّة منه ولأخذ بركته. وقد حصل على مال كثير، خاصّة في السّنوات الأخيرة، لكنّه قدّمها للمحتاجين. لم يبقَ شيء في "كيسِهِ" إذ كان يضع المال في كيس منسوج صغير، والذي لم يفرغ أبدًا بغض النّظر عن المبلغ الذي كان يتبرّع به. 

روى الأب يعقوب هذه الأحداث وأضاف: «بكلّ الأحوال يا أخي، هل كذبت عليّ القديسة باراسكيفي؟ هل كانت الثروة التي أعطتني إيّاها صغيرة؟ جعلتني كاهنًا لممارسة أسرار الله!»

 

القدّيسة باراسكيفي تُحذّر يعقوب

منذ عام 1938 لغاية عام 1940، ازداد يعقوب نُسكًا. كان يأكل قليلًا وينام قليلًا ويصلّي لساعات طويلة في الليل، بينما يعمل بِكَدٍّ خلال النّهار مثل سائر القروِيّين وأكثر. بدأت صحّة والِدَيه بالتّراجع بسبب المرض، ممّا جَعَلَه يصبح سَنَدًا لأهله.

اكتسب أيضًا نقاوة القلب والفكر من خلال النّسك والصّلاة، بحيث أصبح يتنبّأ بالشّرور العظيمة التي تقترب.

جاء التّحذير الكبير. كانت القديسة باراسكيفي تظهر له مرّات عديدة منذ عام 1940. وذات ليلة ظهرت له قلقة وحزينة وقالت له: «تعالَ يا بني، أريد أن أخبرك شيئًا. الحرب تقترب!»

وجاء الشرّ العظيم! وهي الحرب العالميّة الثّانية والحرب اليونانية-الإيطاليّة.

 

المصدر:

https://www.johnsanidopoulos.com/2015/07/the-relationship-between-elder-iakovos.html?m=1