القدّيس نيقولاي فليميروفيتش
تعريب جنيفر سعد
بالصّوم يرتقي الإنسان روحيًّا فوق سِجْنه الدّنيويّ ليخترق ظلام الحياة الشّهوانيّة إلى نورِ ملكوت الله، مَسكِنِه الحقيقيّ.
الصّومُ يجعل المرءَ قويًّا وغير متزعزعٍ وشُجاعًا أمام البشر والشّياطين.
كما ويجعل الصّومُ الإنسانَ كريمًا، مُتواضعًا، رحيمًا ومُطيعًا.
بالصّوم استحقّ موسى أنْ يَسْتلِم الوصايا من يدَيّ الله.
بالصّوم أغْلقَ إيليّا السَّمَاء وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ لمُدّة ثلاث سنوات، وبالصّوم أسْقَطَ النّار من السّماء على عابِدي الأوثان وبالصّوم أصبح نقيًّا حتى أنّه كان قادرًا على التّحدُّث مع الله في حوريب.
بالصّوم تمّ إنقاذ دانيال من جبّ الأسود والأطفال من أتّون النّار المتقدة.
بالصّوم رَفعَ الملكُ داوود قلبهُ الى الرّبِ وحلّتْ عليه نِعمة الله وأنْشد أجْمل الصّلوات التي لا مَثيل لها الّتي قد رَفَعَها أيّ إنسانٍ على الإطلاق الى الله قبل مجيء المسيح.
بالصّوم قام الملك يَهُوشَافَاطَ بسحق أعدائه بَنِي عَمُّونَ وَمُوآبَ (أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي 23:20).
بالصّوم تمّ إنقاذ اليهود من اضطهاد هامان، نائب الملك (أَسْتِير 3:4).
بالصّوم تمّ إنقاذ مدينة نينوى من الدّمار الّذي تنبّأ به النّبي يونان.
بالصّومِ أصبح يُوحَنَّا الْمَعْمدَان أَعْظَم المَوْلودِينَ مِنَ النِّسَاءِ.
مُحصّنًا بالصّوم، تغلّب القدّيس أنطونيوس على جميع مَحافِل الشّياطين وطَرَدَهم عنه. ماذا؟ فقط القدّيس أنطونيوس؟ قامت مجموعة لا تُحصى من القدّيسين المسيحيّين، رجالًا ونساء، بِتَنْقية وتَقوِية أنفسهم بالصّوم وأصبحوا أعظم الأبطال في تاريخ البشريّة. فسحقوا اشَدَّ الصُّعوبات سَحقًا؛ ألا وهي نفسهم. فَبِسَحْق نَفسِهم سَحَقُوا العالم والشّيطان.
يقول القدّيس باسيليوس: «الصّوم يُحَصِّنُ العقل».
ويقول القدّيس ثيوذوروس: «النّساكُ المُسْتقيمون يُمسِكُون عن الطّعامِ ليس لأنّهم يعتبرون ذلك شرًّا بحدّ ذاته، وإنّما لكَبْح جَماح أعضاء الجسد من خلال ضبط النّفس».
ويقول المغبوط ايرونيموس: «بالنّسبة الى الله، خالق وربّ الكَوْن، فإنَّ صوت قرقعة المعدة ليس ضروريًّا، ولكن من دونه لا يكون هناك ضبط للنّفس».
وفي الختام، ألم يستهلّ الرّب يسوع المسيح بنفسه خِدمتَه الإلهيّة لخلاص البشر بصومٍ طويل دام أربعين يومًا؟ ألمْ يُظهر بذلك أنّه علينا أن نبدأ بدايةً جدّيةً لحياتنا كمسيحيّين بالصّوم؟ الصّوم أوّلًا، ومن ثمّ من خلاله ومعه يأتي الباقي. أظهر الرّب بنفسه كم هو عظيمٌ سلاح الصّوم. بهذا السّلاح غَلبَ الشّيطان في البرّيّة وبه تغلّب على الشّهوات الشّيطانيّة الأساسيّة الثّلاثة التي جَرَّبَه بها الشّيطان: حبّ الرّاحة وحبّ المَجْد وحبّ المال. هذه هي ثلاث شهوات مُدمِّرة وهي الفِخاخ الثّلاثة الكبرى حيث العدو الشّيطانيّ للجنس البشريّ يُجَرّب بها جنود المسيح.
المصدر:
https://www.johnsanidopoulos.com/2019/03/why-orthodox-christians-fast-st-nikolai.html