الأب يوحنا رومانيدس
تعريب شادي مخّول
بصرف النَّظَر عن تعليم ربِّنا بما يختصّ بانبثاق الرُّوحِ القُدُسِ (كما وردَ في يوحنا 15: 26)، فقد تشوَّشَ الفهمُ لهذا السرِّ بمحاولة الدِّفاع عن إضافة عبارة «والإبن» (filioque) إلى دستور الإيمان، وهي عبارةٌ غير كتابيَّة كما شُرِّعَ على مدى عدَّةِ قرون. على الرَّغم من أنَّ هذه الإضافة قد أصبحت الإرث اللَّاهوتي للَّاهوت المسيحي الغربي، فهي ليست بأي حالٍ مسألةً مُعَقَّدة، ولا حاجزًا مَنيعًا أمام الوحدة المسيحيَّة. عودوا إلى الكتاب المُقَدَّس وابدأوا من هناك – لا تنتهوا هناك محاولين صياغة مفاهيم لاهوتيَّة مُستَحدَثَة.
إضافة «والإبن» هي هرطقة لأنَّها تُشوِّشُ خصائصَ أقنوم الآب، أي العِلَّة البادئة، مع خصائص الإبن، ونتيجةً لذلك فهي تقدِّمُ ما يُشبه الصابِليوسيَّة[1]. هذه هي الحالُ إن كان مفهوم العِلَّة البادئة يخصُّ كلًّا من أقنومَي الآب والابن، دون الرّوح القدس. بحسب القديس فوتيوس، إن كان أقنوما الآب والإبن هما علَّةَ وجود الرُّوح القُدُس، يكون هناك مبدآن للألوهة، أمَّا إن اعتقدوا أنَّ الآب والابنَ هما علَّةٌ واحدة، يكون هناك شبه صابِليوسيَّة كما ذكرنا أعلاه، بكلامٍ آخَر دَمْج خصائص الآب والإبن الأقنوميَّة غير القابلة للمشارَكَة. إن كان الجوهر، لا الأقنوم، هو العِلَّةُ، يكون الرُّوح القدس مخلوقًا. لأنَّ العقيدةَ القائلةَ بأنَّ الجوهرَ هو علَّةُ وجودِ أقنومٍ آخَر هي عقيدةُ الأفنومِيّين[2] لأنَّهم حدَّدوا أنَّ جوهرَ الآبِ هو علَّةُ وجودِ الابنِ مُحاوِلين، على هذا الأساس، إثبات اعتقادهم بأنَّ الإبن مخلوق.
بناءً على ذلك، إن كان جوهرُ الآبِ والابنِ هو علَّةَ وجود الرُّوحِ القدس، يكون الرُّوحُ القدسُ خليقة. هو خليقة أيضًا، إن كان سبب وجوده، أو انبثاقه، هو قوَّةً مشتركةً للآب والابن ويفتقر إليها الرُّوح القدس. هذا هو الحال، كما تجادَلَ الأرثوذكسيّون مع محاربي الرَّوح القدس، فافتقارُ الرُّوحِ القدسِ، حتى ولو لقوَّةٍ واحدةٍ مشتَرَكةٍ بين الآبِ والابنِ، يُثبتُ طبيعته المخلوقة. تقود العقيدة الأولى إلى شبه صابليوسيَّة، أمَّا الأُخرى فإلى الأفنوميَّة، أو إلى هرطقة محاربي الرُّوحِ القدس حيث يُصبح الرُّوحُ القدسُ خليقة.
اليوم، يجب على اللاتين، أي اللَّاهوتيّين الكاثوليك، إن أرادوا أن يُراجعوا أسُسَ لاهوتهم، ليس فقط أن يأخذوا لاهوت الآباء بِجَدّيَّة، وهو الذي يُشكِّلُ أساس قرارات المَجمعَين المسكونيَّين الأول والثاني، إنَّما أيضًا عليهم أن يُراجعوا المصطلحات الثالوثيَّة المرتكزة على تعاليم أوغسطينوس.
المصدر:
https://preachersinstitute.com/2010/05/31/why-the-filioque-is-a-heresy/
[1]. آمن صابيليوس بأنَّ الآب هو الإبن والإبن هو الآب. من حيث الشخص هما واحد ومن حيث الإسم هما إثنين. الآب نفسه يمتدّ إلى الإبن وإلى الروح القدس فالآب هو نفسه الإبن وهو نفسه الروح، ثلاثة أسماء لوجودٍ واحد. الله وحدة تظهر أحياناً كإبنٍ وأحياناً أخرى كروحٍ قدسٍ. هكذا الله أو الإبن أو الروح ثلاثة أسماء أو أقنعة أو مظاهر أو أشكال وقتية لإعلان الإله الواحد. الإله نفسه استعلن وعمل بشخص الآب كخالقٍ وواضعٍ للناموس وبشخص الإبن كفادٍ ومخلصٍ للبشر منذ ميلاده حتى صعوده وبشخص الروح القدس الذي يعمل من يوم صعود المسيح إلى يومنا هذا. (المعرِّب)
[2]. إتَّبعَ إفنوميوس الكيزيكي نوعًا من الآريوسيَّة معتبرًا أنَّ الآبَ لا بدء له، أما الابنُ فهو خليقةُ الآب، وأما الرُّوحُ القدسُ فهو خليقةُ الخليقة. بذلك يعتبرُ أنَّ الابن والرُّوحَ القدسَ هما عبدان للآب ومتغيِّران، بالتَّالي هو يرفض وحدة الجوهرِ بين الأقانيم الثلاثة. (المعرِّب)