في انتصاف العيد الخمسين

الأب سيرافيم روز

تعريب: مارك البيطار

 

لَرُبَّما بالنسبة للعديد منا، الأسابيع التي تَلي العيد البَهيّ لقيامة رَبِّنا يسوع المسيح هي فترة استرخاء وحتى تَساهُل. تنتهي قَسوة الصيام، يتباهى الجسدُ بينما تزداد الروحُ ضُعفًا. ولكن للأسف إذا كان الأمر كذلك، فهذا خطَأُنا وليس خطأ الكنيسة المُقَدَّسة. لأنّها لم تتوقّف أبدًا عن جَذْب أذهاننا إلى فوق وإرشادنا إلى الأفكار والأفعال الموافقة للمسيحيّين الأرثوذكسيّين في هذا الموسم المُقَدَّس.

إنّ كلّ يوم أحد، بعد عيد الفصح، له إسم خاص مأخوذ من قراءة الإنجيل المُعَيَّنة؛ بين عيدَي الفصح والصُّعود، هناك أيّام الأحد من القديس توما وحاملات الطيب والمُخَلَّع والسامريّة والأعمى. هناك عيد خاص آخر، والذي عادة ما يَتِمُّ الإيلاء له بقليل من الاهتمام، يأتي يوم الأربعاء من الأسبوع الرابع بعد عيد الفصح ويُسَمّى "إنتِصاف الخَمسين". يُحيي هذا العيدُ الحدثَ في حياة المخلّص، في مُنتَصَف عيد المَظال من العهد القديم، علّم في الهيكل عن إرساله من الله وعن الماء الحيّ لمواهب الروح القدس التي تروي كلّ هؤلاء العطشى الذين يستقبلونه (يوحنا 7: 14-39).

يحتفل به أيضًا المسيحيّون الأرثوذكس. يأتي هذا العيد في منتصف الطريق تمامًا بين عيد الفصح وعيد العنصرة، ويعمل كحلقة وَصْل بينهما. ويُواصَل الاحتفال بقيامة ربّنا، مع التأكيد على طبيعته الإلهيّة ومجده؛ لأنّه لا يمكن أن يتغلّب على الموت إلّا الله. في الوقت نفسه، يُذَكِّرنا بالإرسال القريب للروح القدس ويجهّزنا له، ويعلّمنا أن نجد في المسيح إلهنا مصدرَ الحياة والنعمة، الذي يرسل الروح القدس (يوحنا 16: 7)، وأن نصبح أنفسنا ليس مُجَرَّد مُتَلَقّين، بل حتى مُعطين مواهب الروح القدس: "مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيّ" (يوحنا 7: 38).

لقد أصبح الإيمان ضعيفًا في عصرنا، وقلّة قليلة ترقى إلى مستوى هذا التعليم: ولكن حتى بالنسبة للأضعف، هناك درس واحد على الأقلّ يمكن اكتسابه من تعليم هذا العيد في منتصف يوم الخمسين: العطش. حتى عندما نتغذّى على الأشياء الصالحة في هذه الأرض، المَسموح بها لنا في هذا الموسم المُبهِج، يجب علينا أيضًا التَّعَطُّش لما يقع فوق الأرض، لأننا ننتظر الروح القدس حتى أثناء تَمَتُّعِنا بحضور الربّ القائم من بين الأموات. هكذا نرتّل في طروبارية العيد:

طروبارية العيد باللّحن الثامن:

في انتصاف العيد إسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلّص لأنّكَ هتفتَ نحوَ الكلّ قائلًا: من كانَ عطشانًا فليأتِ إليَّ ويَشرب. فيا ينبوع حياتنا، أيّها المسيح الإله المجد لك.

 

http://orthochristian.com/79119.html