التّعليم الأرثوذكسيّ

حول الخوف من انتقال الأمراض عبر المناولة المقدّسة وتقبيل يد الكاهن والتّواجد في كنيسة الله المقدّسة

يوئيل، متروبوليت إيديسّا

تعريب فيرنا جدعون

 

نَظَرًا إلى الأحداث الأخيرة، وبعد تعليق القداديس الإلهيّة بسبب الفيروس المُستَجَدّ، نودّ أن نعرِضَ بكلِّ تواضعٍ موقف كنيستنا المقدّسة عمّا إذا كانت الأمراض، على أنواعها، تنتقل عبر الأسرار الإلهيّة أو عبر وسائلها المقدِّسة، وعبر تقبيل الإيقونات المقدّسة، وتقبيل أيدي الكهنة، أو حتّى بمجرّد التّواجد داخل الكنيسة المقدّسة.

 

1. فيما يتعلّق بسرّ المناولة المقدّسة: هناك إجماع من قِبَل الكنيسة العالميّة حول استحالة نقل جسد المسيح ودمه لأيّ مرض. هذا تعليم  كنيستُنا، وهذا ما أُثبِتَ بالخِبرة؛ فمِنَ الكهنة مَن خَدموا لِعقودٍ في مستشفياتِ أمراضٍ مُعدِيَة ومُتناقَلة بسهولة ولا علاج لها في ذلك الوقت، ومع ذلك لَم يمرضوا قطّ. لهذا السّبب، كانت خطأً جسيمًا مناولةُ أحد كهنة أبرشيتنا بملاعق تُستعمل لمرّةٍ واحدة.

 

2.  بالنّسبة إلى تقبيل أيدي الكهنة والتّواجد في الكنيسة، فإنّ التّوقيت الذي طُرِحَت فيه هذه التّساؤلات ملائم جدًّا.

أ. قد احتفلنا في الأحد الثّاني من الصّوم الكبير، بذكرى القدّيس غريغوريوس بالاماس، الذي وعظَ بشكلٍ كثيفٍ، قولًا وفعلًا، عن إمكانيّة اشتراكنا بالقوى الإلهيّة غير المخلوقة. والعكس بالعكس، إنَّ مَن امتنع مِنّا عن الاشتراك في العبادة أيّام الآحاد، قد بشّر، عَمَلِيًّا، بهرطقة برلعام، الذي أنكر إمكانية اشتراك الطّبيعة البشريّة بالقوى الإلهيّة غير المخلوقة.

ب. لا شكّ أنّ الكاهن هو إنسان، ضعيفٌ وساقطٌ، يجاهد لتطهير إنسانه الدّاخليّ. ولكن مع ذلك، إنَّ الكاهنَ "المتسربلَ بنعمةِ الكهنوت"، يشارك في القوى الإلهية والّتي تنعكس منه، بفضلِ وظيفته الكهنوتية، بِغَضّ النّظر عن قداستِه الشّخصيّة. بالطّبع، إن كان الكاهن رجلًا بارًّا، فسيبثُّ النّعمة بشكلٍ مُضاعَف. ومع ذلك، من المهمّ أن نُعيد أنّنا عند تقبيلنا لأيدي الكهنة، نشارك بقوى الله غير المخلوقة الإلهيّة، ونتلقّى النّعمة الإلهيّة على حسب إيماننا وتَقوانا.

ج. اعتاد القدّيس باييسيوس من الجبل المقدَّس (1994) أن يقول، الذي كان دائمًا يقبِّل بتقوى جمّة أيدي الكهنة الذين يترأَّسون القدّاس الإلهيّ: "إنَّ يديّ الكاهن لَيْسَتا مُلكًا له".

د. إن كنّا نعتقد بأنّ الكاهن ينقل الأمراض، فنحن بذلك ننكر نعمة الكهنوت المقدَّس، وبالنّتيجة ننكر نعمة الله. عندما نشكّك وننكر بأعمالنا، القوى الإلهيّة غير المخلوقة، نصنع بالتّالي إلهًا آخر، ونرفض الإله الحقيقيّ.

ه. ينطبق الشّيء عَيْنُه على الكنائس المقدَّسة. إنَّ الكنيسة هي جسد إلهنا الحيّ. وهذا الأمر ليس مُجَرَّد رمز. ففي كنيستنا، تُجسّد الأشكال والرّموز ميزةً جوهريّة، ألا وهي الحقيقة، ولهذا السّبب نحن نحرص على أهمية هذه الرّموز. والحقيقة هي أنّ الكنيسة المقدّسة، بصفتها جسد المسيح، لا يمكن أن تكون مكانًا تنتقل فيه الأمراض. إن شككنا بهذا فنحن نشكّك بوجود النّعمة فيهما، ونساوي بالتّالي بين الكنيسة وأيّة صالة اجتماعات عاديّة.

 

3. ينتهي هذا الحديث المؤلم بسؤال جِدّيّ وملاحظة مؤسفة.

أ. السّؤال هو: أحقًّا نؤمن بالله؟ وإن كنّا نؤمن فبأيّ إله؟ بإلهٍ برلعاميّ قد صَنَّعَهُ منطقُنا الشّخصيّ؟ بإلهٍ ننسب إليه مقدارَ نعمةٍ بمقدار ما يَسَعُهُ عقلنا البائس؟

ب. نلاحظ وبمرارةٍ أنّنا عن غير قصد، نجدّف على الرّوح القدس. نحن نملك فكرًا هرطوقيًّا، حتّى عند إعلاننا لإيماننا الأرثوذكسيّ. فعبر التّشكيك بالرّوح القدس، نجد أنفسنا مُجَدِّفين عليه، ونحن في خطر خسارتنا للغفران في هذه الحياة كما وفي الدّهر الآتي.

ج. عندما نخاف من تقبيل الإيقونات المقدّسة، وتقبيل يد الكاهن، والتّواجد داخل الكنيسة المقدّسة، ننكر بالتّالي من خلال تصرّفاتنا، نعمة الرّوح القدس الخلاصيّة والمقدِّسَة. نعتبر أنَّ الرّوح القدس قابلٌ لأن ينقل الدّنس والنّجاسة، وهذا إنّما هو تجديف عظيم.

 

4. لذلك، فلنعترف عبر أعمالنا، ما نعترف به بشفاهنا، أي إيماننا بأنَّ النعمة الإلهيّة تكمن في الإيقونات المقدّسة وفي الكهنة وفي الكنائس المقدّسة.

أ. يعتمد اشتراكنا في النّعمة على مقدار إيماننا. إنّ مقدار النّعمة الذي نتلقّاه، مقترنٌ بشكلٍ مباشر بمقدار الإيمان الذي نمتلكه.

ب. إلّا أنّ وجود هذه النّعمة لا يعتمد على إيماننا. الله، الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي (رؤيا 1: 8) لا يتوقّف عن الوجود إن كنّا لا نؤمن به.

ج. بالتّالي، نحن نتقبّل ضغوطات القوانين المدنيّة لإيقاف الخِدَم الإلهيّة بِعَين التأديبٍ الإلهيّ لأنّنا خطِئنا، أَخْطَأْنَا وَأَثِمْنَا وَعَمِلْنَا الشَّرَّ، وَتَمَرَّدْنَا وَحِدْنَا عَنْ وَصَايَا وَعَنْ أَحْكَام ربّنا (دانيال 9: 5).

د. إلّا أنّنا نرفض تبرير الدّولة بوجود خطرٍ من نقل العدوى في كنيسة المسيح المقدّسة وعبر الأسرار الإلهيّة الّتي تُتَمَّم داخلها…

5. باختصار، من المستحيل إلتقاط أيّ عدوى أو مرض عبر المناولة المقدّسة والإيقونات المقدّسة وتقبيل أيدي الكهنة، أو من خلال تَواجُدِنا داخل الكنيسة المقدّسة. إن كنّا نؤمن بذلك من كلّ قلوبنا، فسننال بِوَفرةٍ نعمة ربّنا في حياتنا. إن كنّا ننكر أو نشكّك بذلك، فسنكون بالتّالي نُعاني من هرطقة برلعام وبدعة محاربي الإيقونات؛ ننكر الله، ونجدّف على الرّوح القدس.

لذلك، فلنستقم! فلنؤمن إيمانًا صحيحًا وببساطة، ونعمة الله الآب وشركة الرّوح القدس ستكون معنا جميعًا. آمين!

 

المصدر

https://orthodoxethos.com/post/orthodox-church-teaching-on-whether-there-is-a-danger-of-spreading-disease-through-the-holy-communion-or-kissing-the-hand-of-the-priest