نظرة أرثوذكسيّة لفيروس الكورونا

الأب فيسيلين - كاهن رعية رئيس الملائكة ميخائيل الصّربية، أوستراليا

تعريب: شادي مخّول

"لا يجب أن تجزعوا من الكوليرا، بل من الخطايا الكبيرة، فمنجل الموت يحصد الإنسان كالعشب حتّى بدون الكوليرا. لذلك ضَعوا كلّ رجاءكم على الله، الذي من دون سَماحه حتى العصافير لا تموت، فكم بالحريّ الإنسان". (القدّيس أنطونيوس أوبتينا)

نظرة في فيروس الكورونا وجوابُنا:

إن كُنتُم في الكنيسة، أي إن كُنتُم تحاولون من كلّ قوتكم أن تؤمنوا وأن تمارسوا ما تُعلِّمه كنيستنا الأرثوذكسيّة، فعليكم أن تأخذوا التعليم أعلاه بشكلٍ حَرفيّ. لا يجب أن نقول فقط إنّنا نؤمن، بل لِنَرتمِ في أحضان الله وحمايته ولنستغلّ هذه اللّحظة لِنُنَمّي فهمنا الرّوحيّ.

يميل الذين لم يتكوّن إيمانهم بعد إلى الاستسلام للخوف، وهذا يَقودُنا إلى الذُّعر الذي يُفقِدُنا صَوابنا، هكذا نغدو كالحيوانات. فَجارُك الذي كان يبدو رجلاً لطيفًا، يُبدي الآن سُلوكًا هَمَجيًّا لأنّ الخوف والذّعر قد تَجذّرا في داخله.

عندما يُصاب المجتمَع بالذّعر، يَدوسون على بعضهم البعض فتختفي المحبّة. يتقاتل الناس ليحصلوا على آخر لَفّة من ورق المرحاض، إنّهم على استعدادٍ للأذى والقتل ليحصلوا على ما يحتاجونه من أجل أن يبقوا على قيد الحياة. لكن هذا لن يُساعدهم على البقاء، بل سيؤدّي ذلك إلى تراكمٍ للكراهية وإنحدارٍ بطيءٍ نحو الجنون.

قاوِموا الخوف كالشرّ الأكبر. إعترفوا به بتواترٍ قدر الإمكان وسيضعف، إسألوا الله بكلّ قوّتكم أن يساعدكم على مُحارَبَتِه إن لاحَظتُم أنّه قد تجذّر فيكم.

نسمع اليوم أنّ الكاثوليك أزالوا الماء المقدَّس من كنائسهم، وأنّهم لا يريدون أن يتناولوا من نفس الكأس. لماذا؟ الخوف.

ألم تَعُد المناولة من نفس الكأس آمنة؟ هل ستكون آمنة عندما يرحل هذا الفيروس، وثمّ غير آمنة عندما يأتي آخر؟ هل نسأل الناس أن يأتوا بنتائج من أطبّائهم تفيد بأنّهم أصحّاء وقادرون على المناولة؟ أليس هذا جنونًا؟

لماذا يحدث هذا؟ لأن الإيمان يضعف، لأن القدّيسين قد صاروا مَنسيّين، لأنّ عجائب الكنيسة والقدّيسين أصبحت موضع شكّ. سيُمتَحَن إيمان الجميع، لكن إن كُنّا نَألف القدّيسين وكنيستنا الأرثوذكسيّة، يمكننا أن نَستَدِرّ القوَّة والفهمَ  وأن نتخطّى مَخاوِفنا. ليس للذين هم خارج الكنيسة ما يَستَدِرّون منه. سأشارككم مثلًا لمنفعتنا المشتَرَكة.

ذهب القدّيس يوحنا الذي من شنغهاي إلى المستشفى ليناول شخصًا يُعاني من أمراضٍ وإلتهاباتٍ مُميتة. عندما تناول هذا الشخص الأسرار الإلهيّة تقيأها بعد فترةٍ وجيزة. فكان لدى القدّيس يوحنا خَياران، كلاهما صحيحان، إمّا أن يُحرِقَها أو أن يأكلها، فأكلها. كان الجميع قَلِقين للغاية، لكن لم يحصل شيء ولم يمرض. حتى ولو في منطق البشر كان يجب أن يمرض لأن قَيء الشخص المريض يحتوي على عدوى البكتيريا.

هل يمكننا أن نستمد القوّة من هذا، أم نريد أن نستمدّ الخوف من هذا العالم ومن الذين ضَلّوا الطريق منذ زمنٍ بعيد؟

لا تسمحوا للخوف بأن يسيطر على حياتكم. لنسأل الله أن يُساعِدَنا ويعطينا السّلام والشجاعة معًا. آمين.

 

المصدر:

https://www.facebook.com/StMichaelsHomebush/posts/3014368645260254?__tn__=K-R