للشيخ أفرام فيلوثيو
تعريب جولي سعد
لم أُحَدَّثْكَ سابقًا عن هذا الموضوع. إنّه إهمالٌ مِنّي، فلنقل إنّه مسؤوليّتي.
قلبُنا هو مركز الحركات ما فوق الطبيعيّة، الطبيعيّة وغير الطبيعيّة. كلّ شيءٍ يبدأ من القلب. إذا تتطّهرالقلب يحضر الله ويمكننا أن نراه. كيف نراه؟ هل يعقل أن يكون الله مُتَنَكِّرًا بإنسان؟ هل لديه شكل بشريّ كي نستطيع رؤيته؟ كلا، فالله غير منظور. الله روحٌ، والروح حاضر في كل مكان. وهو موجود أيضًا في قلب الإنسان، بشرط أن يكون القلب إناءً ملائمًا. ليتحقّق ذلك، يجب أن يكون طاهرًا. لا يعني ذلك أن نغسله بالماء، لكن يجب أن يتطهّر من الأفكار الدَّنِسة. ولكي يتنقّى القلب فهو بحاجة لجرعات من الدواء. وهذا الدواء هو الصلاة.
أينما يذهب الملك، يهرب أعداؤه، وأينما يذهب المسيح- إسمه القدوس- تهرب جحافل الشياطين. وعندما يجلس المسيح على عرش الحُكم، حينها كلّ شيء يكون تحت الطاعة. تمامًا كما هي الحال عندما يسيطر الملك على دولة ويذهب ليُنَصَّب في العاصمة فيُخضِع جميع الذين كانوا مُتَمَرِّدين وينشر الجنود والأسلحة في البلاد، فتُخْمَد كلّ الإضطرابات الداخليّة. يتمكّن عندها من أن يملك على الشعب بسلام وفرح. بكلام آخر، يجلس الملك على عرشه، ويرى أنّ كلّ شيء تحت السيطرة فيتهلّل ويبتهج.
هكذا هي الحال في قلوبنا أيضًا. ففي الداخل هناك أعداء متمرّدون: أفكار سيئة، أهواء، ضُعُفات، تشويشات، اضطرابات، قلق، وتجاذبات. كلّ شيء يحدث في القلب. من أجل ترتيب حالة القلب هذه وإخضاعه، يجب على المسيح الملك أن يأتي مع جنوده ليستلم زمام الأمور، لكي يطرد الشيطان، ويُهدئ كلّ قلق ناتج عن أهوائنا وضعفاتنا، ولكي يحكم كإمبرطور قدير. إستنادًا للآباء، هذه الحالة معروفة بإسم سكينة القلب، أي أن تسود الصلاة بدون انقطاع وأن تخلق نقاءً وقلبًا هادئًا.
هناك طرق عديدة للصلاة. بالطبع هناك الصلاة بصوت عالٍ، تلاوة كلمات الصلاة بأفواهنا. هذه هي الطريقة التي يجب أن نستخدمها في البداية،عندما تبدأ الصلاة بالعمل، كي نصل إلى تحقيق هدفنا.
بما أن الذهن في حركة مستمرّة، ليس بالطبيعة، بل عن طريق الإساءة واللامبالاة، وإلى حدٍّ كبير، بسبب الجهل، فإنّه يتجوّل في كلّ مكان، ويَجوب أنحاء العالم، ويجد راحة في الملذّات الحِسّيّة. في بعض الأحيان يتّجه إلى الملذّات الجسديّة، وأحيانًا أخرى إلى أهواء أخرى. ولأنّ الذّهن بإستطاعته أن يرتفع وأن يحلّق إلى أي مكان يريد، ويتشتّت في عدّة أمور. ولكن أينما ذهب، ومهما فكّر، فالذّهن يفكر دائمًا في اللّذة والمتعة.
لأجل هذا، إن كنت تريد أن تقتني الصلاة غير المنقطعة وأن تنظف ذهنك المُشَوَّش – ذلك الشّارِد الذي يتسلل في جميع الأزِقّة - بحيث يقوم بما ذكرنا ويصبح سيد المنزل، عليك أن تقدّم له شيئًا كي يهدأ وإلّا، سيسعى الى البحث عن المتعة والإستمتاع في كل مكان كما قلنا. لذا علينا أن نجذبه بطريقة لطيفة. على المبتدئ، الذي ما يزال يتعلّم الصلاة، أن يبدأ باستخدام فمه ويقول «ربّي يسوع المسيح إرحمني» ويبذل جهدًا لإبعاد الذّهن عن الإهتمامات الدنيويّة. فالصوت الذي ينتج عن تلاوة الصّلاة والذي يُسمَع، سوف يجذب الذهن نحو الصلاة. أي أن الصوت الناتج عن تحريك اللسان تدريجيًّا يجمع الذّهن الذي كان مُشَتَّتًا. النوايا الحسنة والجهد والحذر والهدف الذي نرغب في تحقيقه - الصلاة غير المنقطعة - كلّها تساعدنا على البدء في تركيز أذهاننا.
لكن مع مرور الوقت، عندما نستمر في تكرار الصلاة، فإنّها تبدأ في خلق إكتفاء معيّن وفرح وسلام، شيء روحيَ. هذا عمل الله. هذه البهجة تجذب الذهن. مع تقدُّمِنا، فإنّ هذه الصلاة الشفويّة تجذب الذهن إلى الداخل. هناك حرية أيضًا تُمنح للذّهن لتكرار الصلاة، بدون إستخدام الفم أو الشفاه. وبعبارة أخرى، تبدأ الثمار بالظّهور. ثم نبدأ في تلاوة الصلاة أحيانًا بالشفاه وأحيانًا بالذّهن إلى أن يَسود الذهن تدريجيًّا في الصلاة. فعندما يكون الذّهن مُنهَمِكًا بالصلاة بإستمرار، تبدأ الصلاة في الدخول إلى القلب، أي عندما نرى القلب يردّد الصلاة.
https://pemptousia.com/2017/02/teaching-on-the-prayer-of-the-heart/