لـلبروفيسور كريستوفر فنيامين
ترجمة بورفيريا هيكل
في يومٍ من الأيام، حين كنتُ طالب لاهوتٍ في جامعة تسالونيك، سألني الأب زخريا إذا كنتُ أرغب بمرافقته لرؤية الشيخ بورفيريوس في أثينا لأخذ بركته، فوافقتُ بحماس.
سافرنا إلى أثينا جواً وكانت الرحلة مبهجة، لأننا كنّا نرتّل تراتيل الخميس العظيم (أنديفونات الأناجيل الاثني عشر) كلّ الطريق. غير أنّ الجزء الأخير من الرحلة كان مخيفاً لأنّ الطائرة انحرفت عن مسارها أثناء هبوطها.
في تلك الليلة مكثنا في منزلٍ صغير، وكلّ ما أتذكّره هو أنّني عندما استيقظتُ سمعتُ الأب زخريا يصلّي. فكّرت في الانضمام إليه، لكنّني قرّرت عوضها البقاء في غرفتي لأنّ صلاته كانت حارّة. أمّا الأمر الآخر والوحيد الذي أتذكّره في ذلك الصباح هو أنّنا تناولنا ألذّ تفاحٍ تذوّقته في حياتي.
أصبحنا جاهزين وانطلقنا في الطريق إلى حيث يعيش الشيخ. عند وصولنا، رأيناه أمامنا مباشرةً وكان هذا أمراً غير مألوف لأنّ الناس عادةً ينتظرون خارج قلّايته لرؤيته.
استقبلنا الشيخ مباشرةً، وبعد دخولنا القلاية سأل الشيخ بورفيريوس الأب زخريا عمّا إذا كان يعلم كيفية صنع البخور، فأجابه الأب زخريا بهدوءٍ بأنه يعلم ذلك وبأنّ هذا كان أحد خدمته اليومية في الدير لسنواتٍ عدة. فقال له الشيخ بورفيريوس: "أخبرني كيف تصنع البخور؟"
ارتبكت، وكذلك الأب زخريا كما أعتقد، لسبب اهتمام الشيخ بموضوعٍ كهذا وفي ذلك الوقت تحديداً، غير أنّ الأب زخريا تابع بصبرٍ وصف كيفية صنع البخور. بصراحةٍ، لم أكن على علمٍ بالتفاصيل لأنني لم أصنع البخور من قبل. لكن في وقتٍ ما، قاطع الشيخ الأب زخريا خلال وصفه وقال شيئاً كهذا: "آه هنا، إذا قمت بذلك على هذا النحو سيحترق البخور بطريقةٍ أبطئ."
فأجاب الأب زخريا: "نعم، فهمت! شكراً ياروندا؛ لكن ليس هذا ما جئتُ لأجله".
فكان جواب الأب بورفيريوس: "نعم، أختك. لا يمكنها أن تنجب طفلاً. إنّه أمرٌ نفسي، ولكنّها ستنجب طفلاً بعد عام".
نظرنا أنا والأب زخريا الواحد بالآخر باندهاش. فقد أخبرني الأب زخريا عن أخته في طريقنا إلى تسالونيك، فكنت على علمٍ بهاجسه، لكن كيف علم الشيخ بالأمر؟
ردّاً على ذلك، وبعد صمتٍ قصيرٍ مذهل، سأل الأب زخريا الشيخ بورفيريوس عمّا إذا كان عدم إنجاب الأولاد في وضعٍ كهذا أمرٌ مبارك. هزّ الشيخ بورفيريوس برأسه وقال: " كلا. امضوا وتكاثروا".
وقد حصلت أمورٌ كثيرة أخرى في ذلك اليوم متعلّقة بهذه الحادثة. لكنّني غالباً ما أتحيّر كيف سمح لي الربّ بأن أشارك بهذه الرؤيا. كنتُ أعلم أنّ صلاتي ضعيفة لأقف مع الأب زخريا ذلك الصباح، وعلى الرغم من ذلك، سمح لي الربّ أن أكون شاهد عيان لرؤيا الشيخ وحكمته، والأهمّ من ذلك تواضعه المشابه لتواضع المسيح.
المجد لله الذي هو عجيبٌ في قديسيه.
اغفروا لي يا إخوتي، وبمناسبة تذكار القدّيس بورفيريوس أتمنّى لكم عيداً مباركاً.
كريستوفر فنيامين.
المرجع: MOUNT THABOR PUBLISHING Newsletter (2 December 2016)