الأرشمندريت كليوبا ايليا
تعريب شادي مخول
برز بشكلٍ واضحٍ، بين الفضائل العظيمة التي تُزيّن حياة النّسوة القدّيسات الحاملات الطّيب، شوقهنّ المقدَّس للمسيح، ووقارهنّ، وشجاعة نفوسهنّ. وضع اليهود وبيلاطس حمايةً وحصنًا لدى قبر المسيح مخلّصنا، لئلاّ يأتي تلاميذه ليلًا ويسرقوه. لقد دحرجوا حجرًا كبيرًا على قبر الرَّب، وختموه، ووضعوا جنودًا أقوياء ومسلَّحين ليحرسوه. لكن كلّ ذلك لم يُخِف النّسوة القدّيسات الحاملات الطّيب. شوقهنّ العظيم، ووقارهم المقدَّس، وشجاعة نفوسهم تخطَّت كلّ عوائق اليهود، وكلّ الحرّاس الواقفين عند القبر، لم يثنوا عزمهم، بل فكر واحد ورغبة واحدة قادت أفكارهم وقلوبهم ليخدموا دفن مخلّصهم بملء الإيمان والوقار.
قال سليمان مرَّةً "رجلًا واحدًا بين ألفٍ وجدت، أمّا إمرأة فبين كلّ أولئك لم أجد"(الجامعة 7: 28). ههنا نسوة أكثر شجاعة من الرّجال، أي تلاميذ المسيح الذين إختبؤوا خوفًا من اليهود. أنكر بطرسُ، الحارّ والرّاسخ في الإيمان، الرَّب ثلاث مرّات، فتاب وبكى بمرارةٍ (لو 22: 62). لكنّ النساء، اللواتي هنّ بطبعهنّ متردّداتٌ وضعفاء وخائفين حتى عند غياب الخطر، كنّ في وقت دفن المسيح أكثر قوّةً وشجاعةً من الرّجال. لم يخفن من سخط اليهود وشراسة الجنود، والحرّاس الواقفين عند القبر ولم ترتبك قلوبهنّ.
كان التلاميذ مستنفرين ومشتَّتين في كلّ الجهات كما سبق وتنبّأ لهم المخلِّص، إلاّ أنّ النّساء القدّيسات اجتمعن. كان الرّجال متخفّين، أمّا النّساء فخرجن في وضح النّهار متوجّهات إلى المتجر لابتياع الطّيوب لدهن جسد المسيح المعطي الحياة. أيّتها النساء المغبَّطات، كيف لم تخفن من الخروج بمفردكنّ ليلًا، وكيف تجرّأتنّ على الدنوّ من المكان الذي يحرسه الجنود الملكيّون، وكيف لم تخفن بل جاهدتنّ لدحرجة الحجر وكسر الختم وفتح القبر ودهن جسد الرَّب بالطّيوب؟ هذه الأعمال النسكيّة انبثقت من الشّوق، والوقار، وشجاعة نفوسكنّ.
ضعف المرأة هو بطبيعتها وليس بالفكر والقلب؛ لكن بكلّ الأحوال لم يظهر فيهنّ هذا الضعف النسائيّ، إذ تخطّت أعمالهنّ شجاعة الرّجال. تحقَّقَت فيهنّ كلمات الكتاب المقدَّس "قوّتي في الضّعف تكمل"(2كور 12: 9)، و"إختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء" (1كور 1: 27، مز 8: 2، مت 21: 16). كانت كلمات مخلّصنا حقًّا في قلوبهنّ، هو الذي قال: "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النّفس لا يقدرون أن يقتلوها"(مت 10: 28)، أيضًا يقول الرّوح القدس: "تشجّعوا ولتتشدَّد قلوبكم يا جميع الذين على الرَّب يتوكَّلون"(مز 30: 24). أتْمَمْنَ العمل الرّسولي قبل الرّسل، وأظهرنَ إيمان الشّهداء القدّيسين وشجاعة نفوسهنّ قبلهم.
وبّخ إيليّا، النبيُّ العظيمُ المتّقدُ بالشّوقِ الإلهيّ، آخابَ، وأنتنّ وأربكتنّ حرّاس قبر الرَّب. سَحَقَ جدعون مرّةً كثرةً من المديانيين بثلاث مئة جندي (قضاة 7: 25). أنتنّ، مع يوسف البار ونيقوديموس، أقوى من كلّ تحصينات اليهود وبيلاطس، أصبحتم خدّامًا لا يخافون، مستعدّين للموت من أجل خدمة من جاء ليَخدم، وليسلم روحه فداءً للجنس البشري بكامله. أنتنّ أيّتها النسوة القدّيسات، إجتمعتنّ بشوقٍ وشجاعةِ نفوسٍ مع الكليّة الطهارة مريم العذراء والدة مخلّصنا السّرمديّ، لإتمام أوّل خدمة له. لهذا، أُعطيت لكنّ البركة قبل الرّسل للتبشير بقيامة الرَّب.
أيّها المؤمن الحبيب!
من هنّ تلك النّسوة القدّيسات الحاملات الطّيب اللّواتي تبعن المسيح سويّةً مع الرّسل وحُسبن مستحقّات لتكنّ شهودًا لآلام المسيح، ولدهن جسده المقدَّس بالطّيوب بينما هو مطروحٌ في القبر؟ يُزوّدنا الإنجيل المقدَّس بشكلٍ بسيط بأسمائهم وأعمالهم.
الأولى والأكثر امتلاءً من الشَّوق الرّوحيّ والشّجاعة هي مريم المجدليّة من مدينة مجدل في الجليل.
حاملات الطّيب الأخريات هنّ مريم أمّ يعقوب (مر 16: 1) وأم يوسي (مر 15: 47)، التي هي قريبة والدة الإله؛ مريم، زوجة كليوبا، وسالومة أمّ إبني الرّعد (مت 27: 56؛ 28: 1؛ مر 16: 1؛ لو 24: 10). أيضًا هناك يونا إمرأة خوزي وكيل هيرودوس، وسوسنة وأخر كثيرات كنّ يخدمنه من أموالهنّ (لو 8: 3). من بين حاملات الطيب كانتا مريم ومرثا أختا لعازر من بيت عنيا، حيث كان المخلِّص يمكث عادةً مع التلّاميذ القدّيسين في طريقهم إلى أورشليم أو الجليل.
ما هي فضائل النسوة القدّيسات الحاملات الطّيب؟ بدايةً، آمنوا بشكلٍ راسخ أنّ يسوع المسيح هو ابن الله، المسيّا الذي تكلّم عنه الأنبياء، الذي جاء إلى الأرض ليخلّص جنس البشر. بعد ذلك، عشْنَ حياة طهارة وقداسة بالصلاة والصوم والتقشّف والإحسان، ثابتات بالمحبّة بينهنّ، وحسب طاقتهنّ كنّ يقدّمن الضيافة للمسيح وتلاميذه بمحبّة.
لكن إيمان النسوة القدّيسات الحاملات الطيب وشوقهنّ، غير محدودَين بـهذا. لم يستقبلن الرَّب في منازلهنّ ولم يغسلن رجليه ولم يخدمنه على المائدة ولم يوفّرن له وقتًا للراحة وحسب، بل أكثر من ذلك، تبعن المسيح بشوقٍ وعاينّ عجائبه، واعترفْنَ بجرأةٍ أنّه ابن الله مخلّص العالم.
لكن جرأة حاملات الطّيب العُظمى كُشفَت خلال فترة آلام الرَّب. بعد أن هجره التلاميذ بخوفٍ، وأنكره بطرس، كانت حاملات الطّيب تتبعنه بمفردهنّ من بعيد، وعلى رأسهنّ والدة الإله، ومريم المجدليّة ويوحنا رسول المحبّة، لأنّه يستحيل أن يبتعد عن الحبّ الإلهي.
قد شوهدت جُرأة النسوة الحاملات الطيب وشجاعتهنّ في طريق الصليب نحو الجلجلة. وحدهم مع القدّيس يوحنّا، رافقوا الرَّب إلى الصَّلب، وكانوا شهودًا لآلامه. هم وحدهم صلّوا من أجله بدموعٍ وتنهّدات عميقة، لهذا التفت المخلِّص نحوهم بحنوٍّ قائلًا: "يا بنات أورشليم، لا تبكين عليّ بل ابكين على أنفسكنّ وعلى أولادكنّ... لأنّه إن كانوا بالعود الرَّطب يفعلون هذا، فماذا يكون باليابس؟"(لو23: 28-31).
في الجلجلة، كانت النسوة القدّيسات الحاملات الطيب مع رسول المحبّة غير المائتة، الشاهدين الوحيدين لصلب ربّنا يسوع المسيح. رأوه ينزف ويسقط تحت حِمل الصّليب. رأوه عريانًا، دون لباس، مُنبَسِطًا على الصّليب. رأوا كيف ثُقِبَت يديه ورجليه بالمسامير، وكيف أُغمي عليه من الألم تحت الصليب. سمعوا كلمات التّجديف التي أطلقها اليهود، وإعتراف اللّص، وصلاة المخلِّص المطهّرة: "إيلي، إيلي، لما شبقتني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟"(مت27: 46).
شاهدت النسوة الحاملات الطّيب كيف أَظلَمَت الشّمس، وكيف انذهلت السموات مرتعدةً، وكيف قام المائتون من القبور، وسمعن صلاة ابن الله من أجل مسامحة اليهود القَتَلة: "يا أبتاه، إغفر لهم، لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون"(لو 23: 34). هؤلاء النساء الأكثر شجاعةً من الرّسل، والممتلئات من الشّوق أكثر من التلاميذ، شاهدن القُرعة على لباس المسيح الذي حاكته أيدي والدة الإله، وسمعن كلمته الأخيرة: "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي"(لو23: 46).
كم كان عظيمًا شوقُهنّ وثباتُ إيمانهنّ وشجاعةُ نفوسهنّ. لم يَـخَفنَ من الجنود الرّومانيين السفّاحين. لم يهبن ضراوة اليهود الذي لا يخافون الله، ولم يـخفن من ميتة الرَّب على الصَّليب كالّذين لا رجاء لهم.
لم تقتصر شجاعة النسوة القدّيسات الحاملات الطّيب على الجلجلة فقط. كنّ هناك مساء يوم الجمعة، حين أنزلن الرَّب عن الصليب، وابتعن كفنًا وطيوبًا مع يوسف الرّاميّ، ودهنّ جسده بالطيوب، "وكفّنه بالكتّان، ووضعه في قبرٍ كان منحوتًا في صخرةٍ، ودحرج حجرًا على باب القبر. وكانت مريم المجدليّة ومريم أمّ يوسي تنظران أين وُضع"(مر15: 46-47).
"وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ: لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ . فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلًا لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ"(مر16: 1-10).
هل ترونَ شوق حاملات الطّيب، وجرأتهنّ وثبات إيمانهنّ بابن الله؟ هل ترون شجاعة تلك النسوة القدّيسات؟ جلس التّلاميذ مختبئين، مُقفلين على أنفسهم في غرفةٍ خوفًا من اليهود، إلاّ أنّ حاملات الطّيب ابتعن كفنًا وطيوبًا ليدهنّ جسد المسيح. بكى التلاميذ وانتحبوا على موت الرَّب، لكنّ النسوة أسرعن إلى الجلجلة عند شروق الشّمس ليشاهدن قبره، فاستلمن من رئيس الملائكة جبرائيل بُشرى قيامة الرَّب بهذه الكلمات: "لا تبكين". لاحقًا، حسب أوامره، عُدنَ مسرعاتٍ ليخبرن الرّسلَ أنّ المسيح قد قام، لم يعد موجودًا في القبر!
تمتّعت النّسوة بشجاعةٍ وإيمانٍ كبيرَين، وبالصمود والجرأة. جلس الرّجال مختبئين، أمّا النسوة فأسرعن إلى القبر ودخلن إليه يحملن الطيوب، مشجّعاتٍ بعضهنّ يعضًا، تكلّمن مع الملائكة، وكنّ أوّل من رأى القبر الواهب الحياة والأكفان موضوعةً جانبًا. لم يَهَبنَ ظُلمةَ اللّيل، ولا الجند الحارسين القبر ولا الموت ولا الملائكة، لم يَهَبنَ شيئًا. كان عندهنّ رغبةٌ واحدة، وهي رؤية يسوع، ودهن جسده المقدَّس وتقبيله. كانت النسوة الحاملات الطّيب أوّل الشاهدين لصلب الرَّب وموته ودفنه وقيامتة وأكثرهم إستحقاقًا. كنّ أوّل من نقل الخبر للرّسل والعالم أجمع أنّ المسيح قام، وأنّ الموت والشّرير والجحيم سبيوا، وأنّ الفردوس قد فُتِحَ على مصرعيه.
أين نجد الآن نساءً مثلهنّ، محبّاتٍ للمسيح بثباتٍ بالإيمان وأعمال الخير كالنسوة الحاملات الطيّب في الإنجيل المقدَّس؟
مع ذلك إزداد عدد النّساء في الكنيسة المسيحيّة، كما تخطّى في بعض الأحيان عدد الرّجال. تذكّروا حشد الشّهداء العظيم، كتقلا المعادلة الرّسل وبربارة التي قُتلت من أجل المسيح، من قبل والدها، وكاترينا وإيريني ومريم وصوفيا مع بناتها الثّلاث، فيفرونيا وتاتيانا وفيلوثيا التي من أرغش[i]، وعددًا من النّساء الموقّرات اللّواتي جاهدنَ في الأديار والبراري، صائرات آنيةً للروح القدس وصانعاتٍ للعجائب. نذكر بعضًا منهنّ: مريم المصريّة وإفروسينيا وكسيني وبيلاجيا وميلانيا وباراسكيفا التي من ياش وثيودورا التي من سيخلا وغيرهنّ كثيرات.
يا كلّ العروسات المقدَّسات للمسيح، تلاميذ القدّيسات الحاملات الطّيب والزّاهدات لصلاة الكنيسة، صلّوا من أجلنا جميعًا.
أيّها المؤمن الحبيب!
اليوم هو يوم المرأة المسيحيّة. هنّ خلفاء النسوة الحاملات الطيب، بنات القيامة، خادمات الرَّب، مصابيح الإيمان، روح العائلة. تحفظ النساء المسيحيّات، مؤمنات الكنيسة الأرثوذكسيّة، شعلةَ الإيمان والتقاليد القديمة وشعلة الصلاة المقدَّسة والتّقوى في بيوتنا أكثر من الرّجال. النساء المؤمنات هنّ في الوقت عينه أمّهاتٌ صالحات ومسيحيّاتٌ مكرَّسات، وزوجاتٌ مجدّاتٌ وصادقات، ومثالٌ للمجتمع. النساء المؤمنات هنّ الأوائل في الكنيسة والأوائل في الصّلاة والصّوم والعمل والإحسان وقراءة الكتب المفيدة، والإعتناء بالمرضى وبالجميع. يُحافظنَ على الدّفء الرّوحيّ للإيمان والمحبّة والصّبر والسّلام في الكنيسة وفي العائلة والمجتمع.
عائلاتنا اليوم بحاجةٍ لأمّهاتٍ مدهشاتٍ كأولئك. كنيسة المسيح بحاجة لهكذا بناتٍ أتقياء. مجتمعنا الذي نعيش فيه اليوم هو بحاجةٍ لنساءٍ شريفات تكنّ مثالاً صالحًا للجميع. مع ذلك الكثير من الأمّهات لا يبتغين إنجاب الأولاد، أو أن يقدّمن لهم تربية مسيحيّة. كم من النّساء يقتلون معظم أطفالهم؟! أمّا الأقليّة التي تُنجب الأطفال لا تربّي أولادها على مخافة الله، ولا تهتمّ لأمرهم، فيصبحون عبأً لعائلاتهم وعارًا على المجتمع.
أيّتها الأمّهات، أنتنّ اليوم حاملات الطيب في كنيسة المسيح، لا تُحضرون لله طيوبًا، إنما تُقدّمون له طهارة إيمانٍ وأولادًا صالحين، حسنيّ التربية ومؤمنين. تكلّموا معهم عن الله والقدّيسين والكنيسة وأسلافنا. لا تغروهم بشيء بل أعطوهم ما أمكن من الكتب المفيدة ليقرؤوها. يمكنكم أن تساهموا بشكلٍ كبير بالتجديد الرّوحي للعالم والكنيسة والمجتمع. أضيفوا الزيت المقدَّس إلى نفوس أولادكم، فغدًا ستنبت منهم نفوسًا صالحة، أشخاصًا صالحين وكهنةً مكَرَّسين ومعلّمين لامعين، ومسيحيين مثاليّين. يعتمد مستقبل العائلات وأولاد الكنيسة عليكنّ بشكلٍ خاص. تطلّعوا دائمًا إلى إتمام مهامكم كما فعلت أمّهاتكم. تذكّروا أمّهاتكم القدّيسات!
أيتها البنات اليافعات، إحفظنَ شرفكنَّ من أجل الرَّب، وإيمانكنّ دون شائبة، ما دمتم لم تتلقوا بعد وظيفة أمّ في الكنيسة والمجتمع. وأنتنّ أيضًا أيتها الأرامل والأمّهات الأكبر سنًّا، إنتبهوا على اليافعات، على أولادكنّ، وعلى كلّ الذي يحيطون بكم. لا تكنَّ صامتات! فالأمّهات الشابّات هنّ بحاجةٍ إلى مثالكنّ وتضحياتكنّ، العذارى اليافعات هنّ بحاجةٍ إلى نصائحكنّ، والأولاد والأحفاد بحاجةٍ لصلواتكنّ ودموعكنّ وتوبيخكنّ.
إبدأن كلّ شيءٍ مع الرَّب بصلاة وإعترافٍ متواتر وتواضع أعظم وصبر. فعندما يزداد عدد الأمّهات الصالحات، والأرامل والعذارى الشريفات والمؤمنات، يزداد عدد الأولاد في المنازل والمؤمنين في الكنائس والسلام في العائلات، ويتضاءل الإدمان على الخمر والسكر والطلاق والإجهاض في العالم، وتتلاشى الأمراض والدّموع في العالم، وتكثر النفوس في الفردوس غدًا! آمين.
المسيح قام!
المرجع: https://orthochristian.com/103154.html