المقال الأوّل في الصَّوم للقدِّيس باسيليوس الكبير -الجزء الثّاني-

صفحة القديس غريغوريوس بالاماس

تعريب ميشال بو صعب

 

 

 

 

علينا أن نصوم من دون مراءاة ونطهِّر النفس من الخطيئة

"إدهن رأسك واغسل وجهك" (متى ٦: ١٧)

يدعوكم هذا القول إلى الاشتراك في الأسرار. إن دهنتم رؤوسكم بالزيت، هذا يدلّ على أنّكم نِلْتُم مسحة الزيت المقدّس. اذا اغتسلتم فإنَّكم قد تطهَّرتم. عليكم أن تُعيروا انتباهًا في دواخلكم لما تعنيه هذه الوصيَّة. طهّروا ذواتكم من الخطيئة. إدهنوا رؤوسكم بالزيت المقدّس لتصيروا مشاركين للمسيح وعندها تستطيعون الولوج في الصوم. لا تغيِّروا وجوهَكُم كما يفعلُ المراؤون. سيسودّ وجهُكُم عندما تختبئُ تصرّفاتكم في ظلّ مظهرٍ خارجيٍّ برّاق بسبب الكذب كأنّها تتخفّى وراء الستارة. المراؤون* هم الذين يُظهرون وجهًا آخر على المسرح. قد يكونون عبيدًا، إلّا أنَّهم يلعبون أدوار السّادة. وقد يكونون من عامّة الشعب، إلّا أنّهم يلعبون أدوار الملوك. إذًا، في هذه الحياة أيضًا، كثيرون هم الذين يلعبون أدوارًا وكأنَّهم على المسرح، فقسمٌ منهم يخبّئ المكر في داخله وقسمٌ آخر يظهره أمام الناس. فلا تغيِّروا وجوهكم. ومهما كنتم، دعوا الناس يرون ما أنتم عليه. لا تتظاهروا بالعبوس لكي يقول الناس عنكم أنَّكم جدّييون، لأنَّه ما من فائدةٍ لأيّ عملٍ صالحٍ يُعمل به في العَلَن، كما أنَّه ما من فائدةٍ من الصوم إذا جُعل علنيًا. كلّ عملٍ يهدف إلى الإظهار لا يُثمر في الحياة الأبديّة، بل على العكس لا يجلب سوى المديح من الناس. لذلك، أسرعوا إلى اقتناء عطيّة الصوم. إنَّها عطيّةٌ قديمةٌ لكنَّها لا تشيخ ولا تكبر، إنّها دائمًا جديدة ومملوءةٌ حياة. تُزهر دائمًا وتأتي بثمارٍ شهيّة.

 

*كلمة مرائي في اللغة اليونانيّة القديمة كانت تعني "ممثِّل"

 

المرجع:
http://pemptousia.com/2018/12/1st-discourse-on-fasting-2/