القدّيس غريغوريوس بالاماس والمَجمَعُ السّماويّ

بطريرك فيلوثيوس كوكينوس

ترجمة فيرنا جدعون

 

لقد دوَّنَ الرؤيا التّالية البطريرك فيلوثيوس كوكينوس، كاتِبُ سيرةَ حياةِ القدّيس غريغوريوس بالاماس، وقد أعاد ذِكرَها الأب أثناسيوس الذي من باروس عندما كتبَ سيرة حياةِ القدّيس غريغوريوس بالاماس.

سَكَنَ في اللّافرا الكبيرِ للقدّيسِ أثناسيوس في الجبلِ المقدّس، راهبٌ مُتنسّكٌ بامتياز. وإذ كان ذلك النّاسكُ الهدوئيُّ يُمضي وقتَهُ بالعُزلةِ والصّلاة، لم يرَهُ أو يسمع صوتَهُ أحدٌ باستثناءِ راهبٍ أو اثنين. رَغِبَ مرّةً أن يكشِف لهُ الله عن حالةَ القدّيسِ غريغوريوس بالاماس، أي بما معناه، أينَ ومعَ مَن مِن مُختاري الله هو متواجِدٌ. بعد توسُّلاتٍ إلى الله ليلاً ونهارًا ولفترةٍ طويلة، عاين الرؤيا التّالية.

وجد الراهبِ الهدوئيِّ نفسه في مدينةِ القسطنطينيّة العاصمة، واقفًا داخلَ كنيسةِ "حكمةِ الله" (آجيا صوفيا) الضخمةِ الرائعةِ الجمال، مع أنّه لم يسبِق لهُ أن رأى الكنيسةَ ولا العاصمةَ من قَبل. في وسطِ الكنيسةِ، شاهَدَ مجمعًا كنسيًّا مُنعقِدًا. من بينِ الآباءِ الحاضرين، استطاع التعرُّفَ على القدّيسين: أثناسيوس الكبير، باسيليوس، غريغوريوس اللاهوتيّ، يوحنّا الذهبيّ الفم، غريغوريوس النيصصي، كيريلُّس الحكيم، وجَمعًا من اللّاهوتيّينَ القدّيسين. فيما تابعَ المجتمعونَ حوارَهُم، حاولَ النّاسكُ الهدوئيُّ التقيُّ الآنِفُ ذِكرُه، أن يُفنِّدَ موضوعَ حوارِهِم، إلّا أنّه لم يتمكّن من معرفةِ أيِّ شيءٍ. من ثمَّ بدا له أنّ المجتمعينَ قد شارَفوا على إنهاءِ حديثِهِم. تمكّنَ أخيرًا من سماعهِم يُعلِنون بالإجماع: "إنّه لَمِن المستحيلِ لنا أن نُصَوِّت أو نُصادِق على القرارِ الحاليِّ من دون غريغوريوس، أسقف تسالونيكي.

على الفور، أُوفِدَ مُفَوّضٌ لدعوةِ الأسقفِ إلى المجمعِ المقدَّس. بعد قليل، عادَ المُفَوّضُ وأخبَرَهُم بأنّه من المستحيلِ الاقترابُ من الأسقف أو التحدُّثِ معهُ في ذلكَ الوقت، لأنّه واقف بجانبِ عَرشِ المَلك، يتحدّثُ معه على انفرادٍ. فطلبَ اللّاهوتيّيونَ من المفوَّض أن يذهبَ مجدّدًا ويلبثَ هناك إلى أن يحينَ الوقت المناسب للتّحدّثِ مع الأسقف. ولمّا حان الوقت، توجّه المفوّض إلى القدّيس قائلاً : "من غيرِ الممكنِ أن يُصادِقَ المجمعُ على القرارات من دونَ حضورِ سيادَتِكَ".

فورَ سماعِهِ  ذلك الكلام، توجّه القدّيسُ غريغوريوس بالاماس إلى المجمع. ولمّا رأى المجتمعون القدّيس آتيًا وقفوا ورحبوا به. ومن ثمَّ أفسحوا لهُ المجالَ ليجلسَ في وسَطِهِم في المكانِ الرئيسيّ، حيث كان يجلس الأقمار الثلاثة: القدّيس باسيليوس الكبير ويوحنّا الذهبيّ الفم وغريغوريوس اللّاهوتيّ. حينئذ، أضاف القدّيسُ صوتَهُ، مُصادِقًا على قراراتِهِم.

لقد كان حوارُهُم يدورُ حولَ العقائدِ التي علّمها الآباءُ القدّيسونَ في القرونِ الأولى للمسيحيّة، لِمَجدِ كنيسةِ المسيح. وباتّفاقٍ تامّ، أعلَنَ الجميعُ صحّةَ صياغةِ هذه العقائِد. من ثمّ أكّدوا بأنّ القدّيس غريغوريوس بالاماس، وبإلهامٍ من الروحِ القدس، قد جَمَعَ كِتاباتهم بِدأبٍ، ودَرَسَها ومن ثمَّ شَرَحَها بإتقانٍ، مُبطلاً وساحقاً الهرطقات الحديثةِ الظهور. من ثمَّ أسهبوا بالتّعبير عن إعجابِهِم به على الصعيدين الشخصيّ، والجماعيّ. أخيرًا، نهضَ الجميعُ واختُتِمَ المَجمَع.

 

لقد أجَزتَ في العالم الحياة المغبوطة والآن فتبتهِج مسرورًا مع محافِل المَغبوطين وتَسكُن في أرضِ الودعاء كوديع يا رئيس الكهنة غريغوريوس مُستَغنيًا بنعمة العجائب من لَدُن الله التي تهِبها للّذين يُكرّمونك.

[إينوس الأحد الثّاني من الصّوم الكبير ( اللّحن الأوّل)]

 

لقد انتصَبتَ ماثِلاً الآن لدى عرشِ الإله الكلّيّ الرأفة مشابهًا المتكلّمين في الإلهيّات ومماثلاً لهم في سجاياهم يا متقدِّم تصالونيكية وجمال رؤساء الكهنة المتلألئ في شرف رياسة الكهنوت بهاءًا خادمًا لله.

[الأودية الثامنة من قانون الأحد الثاني من الصّوم الكبير ( اللّحن الرابع)، للقدّيس غريغوريوس النيقوميدي]

 

 

Source: The Pillars of Orthodoxy, Holy Apostles Convent, pp. 579-581, 1997

http://www.johnsanidopoulos.com/2011/11/saint-gregory-palamas-and-heavenly.html