ميلاد السَّابق المجيد


ميلاد السَّابق المجيد

الأرشمندريت جاورجيوس كابسانيس - ٢٠٠۷

نقله إلى العربية: فريق القديس غريغوريوس بالاماس

 

إنَّ ذِكرى ميلاد السَّابق المجيد اليَوم هيَ مِن دواعي الفَرح والمسرَّة الرُّوحيَّة لكنيسة الله، كما اتَّضح مِن تسابيح الخِدمة الشَّريفة. لقد انحلَّت رُبُط عُقمِ القدِّيسةِ أليصابات والدته، كما انحلّ، في الوقت عينه، صمتُ لسانِ والدِه زكريَّا، فنطق فورَ إعلان اسم الصَّبيِّ، الاسم المُعطى مِن الملاك. برهَنَ هذان العجَبَان (الحلاّن) عن تدخُّل الله، لأنَّ أيّ شيء لا يمكن أن يحدث في العالم، خاصَّةً إن كان أمرًا عظيمًا جدًّا وخلاصيًّا، إن لم تُرسله السَّماء، وإن لم تمنحه نعمة الله، وإن لم يصنعهُ الله. لكنّ الله لا يصنع الخلاص، والأعمال الكُبرى المجيدة والأبديَّة إلاّ إذا توفّر تجاوُب الإنسان معه. لهذا، جرت أحداث عيد اليَوم مع شخصَين بارَّين يتّقِيان الله ويحفظان وصاياه المُقدَّسة بخوفٍ وورع. ولهذا، أهَّلَهُما الله لهذه الأحداث العجيبة. هكذا، نحنُ نتَّخذ نموذجًا مِنهما، إن كُنَّا نريد أن يعمل الله في حياتنا، فيلزمنا أوَّلاً أن نتعاون مع الله. لا يُمكن أن يعمل الله فينا أيّ أمرٍ إن كُنَّا لا نسلِّمه ذواتنا لأنَّه يحترم حريّتنا. ونحن أيضًا، لا نقدر أن نعمل أيّ شيءٍ عظيمٍ أو مهمٍّ أو خلاصيٍّ إن لم تُعطَ لنا أوّلاً نعمة الله. لهذا، يشدِّد آباء كنيستنا الأرثوذكسيّون كثيرًا على "سرِّ التَّعاون" بين الله والإنسان. إنَّ الله يعمل، لكن على الإنسان أن يتعاون معه. لا يقدر الله أن يعمل شيئًا رُغمًا عن إرادةِ الإنسان؛ ولا يقدر الإنسان أن يقوم بأيِّ عملٍ بدون الإرادة والنعمة الإلهيَّتَين.

لدينا اليَوم فرح لعيد السَّابق، إذ [بمدحِ الصدِّيقين تبتهجُ الشُّعوب]. فإنَّ مديحَ السَّابق هو مديحُ كنيسةِ الله، هُوَ مديحُ كلا العَهدين القديم والجديد، وبالمرتبة الأولى مديح "البقيَّة النبويَّة" المُختارَة مِن الأتقياء الَّذين حفِظَهم الله عبر تاريخ العَهد القديم. معروف أنَّ الله حفِظَ في كلِّ جيلٍ بقيَّة مختارة رغم ابتعاد البَشَر عن الله، أي حَفِظَ مجموعة صغيرة من المؤمنين المختارين الورعين. أمَّا مسك ختامِ هذه "النُخبة النبويَّة" فقد أفضى إلى السَّابق المجيد والسيِّدة والدة الإله.

نعدُّ السَّابق خاصًّا بنا، نحن الرُّهبان تحديدًا، لأنَّه، بحسب الآباء القدِّيسين، هو زعيمُ الإسكيم الرُّهبانيّ. يقولُ الآباء إنَّ الرُّهبان مدعوُّون ليعوِّضوا عن طغمة الملاك السَّاقط لوسيفر (أيوسفوروس) وأن يحلُّوا مكانها. يسعى الرَّاهب الَّذي يُسام إلى أن يحلَّ مكان ملاكٍ قد سقط فيصير هو ملاكًا عوضًا عنه، أي أنَّ عليه أن يحيا السِّيرة الملائكيَّة. لا نقول هذا كي نبجِّل إسكيمنا، بل كي نُدرِكَ حجمَ المسؤوليّة المُلقاة على عاتق الرَّاهب؛ لأنَّ وعد الراهب وعدٌ كبيرٌ وهبةٌ عظيمة فعلاً، لكن هناك، أيضًا، مسؤوليّة كُبرى على كلّ راهب؛ إذ يجب عليه، بنسكه وتواضعه وصلاته وطاعته، أن يعوِّض عن ملاكٍ واحدٍ من الساقطين (الصائرين أبالسة) كي تمتلأ السَّماوات بملائكةٍ جُدُد وقدِّيسين جُدُد بحسب مشيئة الله.



آخر المواضيع

ميلاد السَّابق المجيد
الفئة : مواضيع متفرقة

الأرشمندريت جاورجيوس كابسانيس 2025-06-23

عظة في عيد القدِّيس العظيم في الشهداء جاورجيوس
الفئة : مواضيع متفرقة

الأرشمندريت جاورجيوس كابسانيس 2025-04-22

القديس ديمتريوس التسالونيكيّ كراهب
الفئة : مواضيع متفرقة

إيروثاوس ميتروبوليت نفباكتوس 2024-10-25

النشرات الإخبارية

اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني

للإتصال بنا