آباء الروحانيّة الأرثوذكسيّة القدّيسون
الجزء الثالث: كيف لا ينبغي أن نقرأ الآباء القديسين
الأب المغبوط سيرافيم روز
تعريب: ماهر سلّوم
لقد قيل ما يكفي للدلالة على الجدّيّة والرَّصانة التي يجب أن يتحلّى بهما المرء عند دراسة الآباء القديسين. لكن عادةَ خِفّة العقل عند إنسان القرن العشرين، حيث لا تُؤخَذ المواضيع الشديدة الأهمّية على محمل الجد بل يتمّ التعاطي معها "باللعب مع الأفكار”، وهي ما يفعله الباحثون في الجامعات في هذه الأيام، تجعل الاطّلاع على بعض الأخطاء الشائعة التي وقع فيها مسيحيّون أرثوذكس بالإسم في دراستهم أو تعليمهم عن الآباء القديسين ضروريًّا. سيكون ضروريًّا أن نورد أسماء ومنشورات كي نعرف بالضّبط الأخطاء التي وقع فيها البعض. سوف يُتيح لنا هذا البحث أن نتعلّم بوضوح كيف لا يجب أن نُقارِب الآباء القديسين.
الخطأ الأول: قِلّة الخبرة
هذا الخطأ الذي يقع فيه عادةً خَفيفو العقل المولَعون باللاهوت الأرثوذكسي أو الرّوحانيّة الأرثوذكسية، يظهر جَلِيًّا في الاجتماعات المسكونيّة المتعدّدة الأشكال: المؤتمرات، "الخَلوات”، وما شابَه. هذه الاجتماعات هي من اختصاص أخويّة القديسَين ألبان (St. Alban) وسرجيوس، كما يظهر في مجلّتها سوبورنست (Sobornost). مثلاً، نقرأ في هذه المجلّة حديثًا لإكليريكي أرثوذكسي مُفتَرَض عن آباء الصحراء: “يمكن لآباء الصحراء أن يلعبوا دورًا مهمًّا جدًا لنا. يمكن أن يكونوا مَجالاً رائعًا للقاء مسكوني لنا جميعًا.”[1] هل يمكن للمتكلّم أن يكون ساذجًا لدرجة أنه لا يعلم أن الأب القديس الذي يقوم بدراسته، على غرار جميع الآباء القديسين، سوف يرتاع عندما يعلم أن كلماته تُستَخدَم لتعليم فن الصلاة لغير الأرثوذكس؟ إحدى قواعد اللياقة في هذه الاجتماعات "المسكونيّة” أن لا يُخبَر غير الأرثوذكس بأن الشرط الأساسي الأول لدراسة الآباء هو أن يقتني المرء الإيمان ذاته الذي لآباء الأرثوذكسية. من دون تَحَقُّق هذا الشرط الأساسي، تكون كل الإرشادات عن الصلاة والتعاليم الروحية مُجَرَّد خِداع ووسيلة لزيادة انغماس المُستَمِع غير الأرثوذكسي في أخطائه. هذا ليس مُنصِفًا للمُستَمِع وليس جَدّيًّا من قِبَل المتكلّم؛ هذا بالضبط كيف لا يجب أن نتناول دراسة أو تعليم الآباء القديسين.
يمكننا أن نقرأ في المجلّة ذاتها عن "رحلة حَج إلى بريطانيا” حيث حضرت مجموعة من البروتستانت خِدَمًا لطوائف عدّة، ومن ثم حضروا خدمة قدّاس إلهي أرثوذكسي حيث "تحدّث الكاهن بشكل لامِع وبوضوح عن موضوع الإفخارستيا.”[2] بالطبع، إستشهد الكاهن بالآباء القديسين في حديثه، لكنه لم يجلب فهمًا لِسامِعيه؛ لقد قام بتضليلهم أكثر إذ جَعَلَهُم يعتقدون أن الأرثوذكسية هي مُجَرَّد طائفة من بين التي يقومون بزيارتها، وأن عقيدة الإفخارستيا الأرثوذكسية يمكن أن تجعلهم يفهمون خِدَمَهم اللوثريّة والأنكليكانية بطريقة أفضل. بحسب رواية إحدى "الخلوات مسكونية” في النشرة ذاتها (صفحة 684)، نجد نتيجة البشارة ب"اللاهوت الأرثوذكسي” في ظُروفٍ كهذه. بعد حضور القداس الإلهي، حضر المشاركون بالخلوة "خدمة مناولة معمدانيّة” كانت بمثابة "نسمة هواء مُنعِش”. “والمُنعِش فيها هي العظة القصيرة عن فرح القيامة. الأشخاص فيما بيننا الذين يعرفون الكنيسة الأرثوذكسية، قد وَجدوا الحقيقة ذاتها التي عُبِّرَ عنها هناك وفرحوا أنهم وجدوها في الخدمة المعمدانيّة أيضًا.” لقد نسي الأرثوذكس الذين يُشَجِّعون ويمتَهِنون هواياتٍ كهذه الآيةً الكتابيّة: “لَا تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ ٱلْخَنَازِيرِ” (متى 6:7).
وَسَّعت هذه الأخويّة قِلّة خبرتها مُتَّبِعةً النهج العقلاني وأضافت محاضراتٍ عن الصّوفيّة والتقاليد الدينيّة غير المسيحيّة التي ربّما تُغني "روحانيّة" المُستَمِعين بالقدر الذي كانت الأرثوذكسية تُغنيهِم حتى هذه اللحظة.
يمكن مشاهدة هذا السلوك الفاسد ذاته على عدّة مستويات في "البيانات المشتركة” التي تصدر بين الحين والآخر من "استشارات لاهوتيين” أرثوذكس وكاثوليك، أو أرثوذكس وأنكليكان، أو ما شابَه. هذه "التصاريح المُتَّفَق عليها” لمواضيع مثل "الإفخارستيا” أو "طبيعة الكنيسة” هي أيضًا عمل لياقة "مسكونيّة”، وهي حتى لا تلمّح لغير الأرثوذكس (هذا إذا كان “اللاهوتيّون الأرثوذكس” الحاضرون يعرفون) أن أي تحديد يمكن الإتّفاق عليه لحقائق كهذه فهم (أي غير الأرثوذكس) يفتقرون لهذه الحقائق ذاتها فبما أنهم يفتقرون لخبرة الحياة في كنيسة المسيح. لا يتردّد “لاهوتيّون” كهؤلاء من السَّعي إلى "إتّفاق” على الرّوحانية بحد ذاتها، حيث يكون واضحًا جدًّا أن أي اتّفاق هو مستحيل. أولئك الذين يمكن أن يصدّقوا، كما تُعلِن "الرسالة” الرسميّة "للمؤتمر الأرثوذكسي-السّيسْتِرسي (Cistercian)[3]" (أوكسفورد 1973)، أن الرَّهبنات الكاثوليكية والأرثوذكسية والأنكليكانيّة لديها "وحدة عميقة فيما بيننا، كأعضاء في جماعات رهبانية آتية من تقاليد كنسيّة مختلفة”، يفكّرون طبعًا بحسب حكمة هذا العالم الفاسدة ووسائله "المسكونية”، وليس بحسب التقليد الرّهباني الروحاني الأرثوذكسي الصّارِم الذي يُصِرّ على نقاوة الإيمان. يتّضح القَصْد واللهجة العالميّة "لِحِواراتٍ” كهذه في بيانٍ للمؤتمر ذاته، يُشير أن هذا "الحوار” سوف يتوسّع ليشمل رهبنات غير مسيحية، وهذا سوف يُتيح "لِرَهبنتنا المسيحية المشترَكة… أن تُماثِلَ بشكلٍ حقيقيٍّ ما الرّهبنة البوذيّة والهندوسيّة”[4]. كيفما يتخايل المشاركون في هذا المؤتمر أنهم أذكياء، فَقِلّة خبرتهم ليست أبدًا أرفع شأنًا من هواية العلمانيّين البروتستانت المُنبَهِرون بخدمة المناولة المعمدانيّة كما هم مُنبَهِرون بالليتورجيا الأرثوذكسية.
يمكننا أن نقرأ أيضًا في نشرة "أرثوذكسية” فقرةً تتحدّث عن "مؤتمر مسكوني عن الروحانية" (كاثوليكي-بروتستانتي-أرثوذكسي) قد انعقد في معهد القديس فلاديمير في نيويورك سنة 1969، حيث تحدّث البروفسور الأرثوذكسي نيكولاس أرسانييف "المُتَحَرِّر” عن الروحانية المسيحية في الشرق والغرب. ينقل كاهنٌ أرثوذكسي هذا الحديث: “أن إحدى أبرَز تصريحات البروفسور هي أنه يوجد الآن وحدة مسيحية في قِدّيسي جميع التقاليد المسيحية. ومن الحَسَن أن تتم محاولة العمل بِمَضامين هذا الأمر من أجل معالجة الخِلافات العقائديّة والتأسيسيّة الموجودة”[5]. إن انحرافات المسكونيين "الأرثوذكس" هي سيّئة بما فيه الكفاية، لكن عندما يتعلّق الأمر بالروحانية، يبدو وكأنه لا توجد حدود لأي شيء يمكن أن يُقال أو يُعتَقَد، هذه إشارة إلى مدى غوغائيّة وابتعاد "اللاهوتيّين الأرثوذكس” في هذه الأيام عن تقليد وخبرة الروحانية الأرثوذكسية الأصيلة. يمكن بالتأكيد القيام بدراسة "مُقارَنة روحانية” حقيقية وجدّيّة، لكن لا يمكن أن لهذه الدراسة أن تُفضي ب"بيان مُشتَرَك”. كَمِثالٍ على هذا، بحسب الدكتور أرسانييف وجميع "اللاهوتيين” الآخرين تقريبًا، المَثَل الأول ل"الروحانية الغربية” هو فرنسيس الأسيزي الذي، بحسب مقياس الروحانية الأرثوذكسية، هو مَثَل كلاسيكي عن راهب قد ضَلَّ روحيًّا وسقط في الوَهم (prelest)، وقد كُرِّمَ كقديس فقط لأن الغرب كان قد ارتدّ عن مقياس الحياة الروحية الأرثوذكسية وسقط منها. من الضروري أن نُشير، في دراستنا[6] هذه عن التقليد الروحي الأرثوذكسي، إلى أين ضَلَّ فرنسيس و"قديسون" غربيّون آخرون أتوا من بعده؛ يكفي في الوقت الحاضر أن نُشير إلى أن السلوك الذي يؤدّي إلى إنشاء "معاهد مسكونيّة” و"بيانات مُتَّفَقة” هو نفسه سلوك الهواة قَليلي الخبرة الذي تطرّقنا له كما هو مُتَداوَل في أيّامنا.
على الأرجح، ليس السبب الأساسي لهذا السلوك الروحي المريض هو الموقف الفكري الخاطئ للنسبيّة اللاهوتيّة السائدة في الدوائر "المسكونية”، فهذا السلوك هو شيء أعمَق، مُتَعَلِّق بشخصيّة وطريقة حياة معظم "المسيحين” اليوم. يمكن مشاهدة لمحة عن هذا في تعليق طالب أرثوذكسي في "المعهد المسكوني” الذي أُقيم تحت رعاية مجلس الكنائس العالمي في بوسي (Bossey)، سويسرا. ففي حديثه عن قيمة "اللقاء الشخصي مع العديد من التوجّهات المختلفة التي لم يختبرها سابقًا”، يلاحظ أن أفضل النقاشات لم تحصل خلال الجلسات العموميّة بل عند الجلوس أمام الموقد واحتساء كأس من الخمر (كانت هذه النقاشات عن موضوع “البشارة”)[7]. تُظهِر هذه الملاحظة ما هو أبعد من الحياة "المُبتَذلة” المعاصرة؛ إنها تُشير إلى نظرة كاملة الحَداثة للكنيسة ولاهوتها وممارستها. وهذا ما يأتي بنا إلى الخطأ الثاني الذي يجب أن نتجنّبه في دراستنا للآباء القديسين.
الخطأ الثاني: اللاهوت مع سيجارة
ليست الإجتماعات المسكونية الطائشة والخفيفة العقل المكان الوحيد لهذا السلوك المريض، لكن يمكن ملاحظة اللهجة ذاتها في مؤتمرات وخلوات "أرثوذكسية” وفي اجتماعات "لاهوتيين أرثوذكس”. لا يُذكَر الآباء القديسون ولا يتمّ التَطَرُّق لهم دائمًا في اجتماعات كهذه، لكن الإطّلاع على روح هذه الإجتماعات تجعلنا نفهم الخلفيّة التي يأتي بها بعض المسيحيين الأرثوذكس عنما يبدأون بدراسة الروحانيّة واللاهوت.
إحدى أكبر المُنَظَّمات "الأرثوذكسية" في الولايات المتّحدة هي "إتّحاد النوادي الأرثوذكسية الروسية”، التي تضمّ بشكل أساسي أعضاء من الأبرشيّات الروسية-الأميركية سابقًا، والتي تنظّم مؤتمرًا سنويًّا يحوي نشاطات مِثاليّة ل"الأرثوذكسية" في أميركا. إن نشرة المجلّة الأرثوذكسية الروسية في تشرين الأول 1973 هي مُخَصَّصة لمؤتمر سنة 1973، حيث قال ديميتري مطران هارتفورد للمندوبين: “ما أراه هنا، وأقول هذا بِصِدق، أن اتّحاد النوادي الأرثوذكسية الروسية هو أعظم قوة روحية في سائر الأرثوذكسية الأميركية” (صفحة 18). صحيح أن عددًا من الإكليروس يحضرون المؤتمر، مع الميتروبوليت إيرينيي عادةً، ويكون هناك خِدَم كنسيّة يوميّة، وأن هناك دائمًا محاضرة عن موضوع ديني. في محاضرة السنة الماضية (التي كان عنوانها “ماذا؟ الصوم مُجَدَّدًا؟ بحسب الروح الأرثوذكسي الأميركي”)، يرد في النشرة أن "بعض الأسئلة قد طُرِحَت عن التَّقَيُّد بعشيّة السبت على أنها فترة تهيئة ليوم الأحد. برزت بعض الإشكاليّات لأن نمط الحياة الأميركي جعل من ليلة السبت ’ليلةَ الأسبوع الإجتماعيّة’.” قدّم أحد الكهنة الحاضرين إجابة أرثوذكسية لهذا السؤال فهو "يؤيّد حضور صلاة الغروب عشيّة السبت والإعتراف وتمضية عشيّة هادئة” (صفحة 28). لكن بالنسبة لِمُنَظِّمي المؤتمر لم يكن هناك أي إشكاليّة: فقد نظّموا (كما في كل مؤتمر) حفلة راقصة ليلة السبت على "الطِّراز الأميركي”، وحفلاتٍ مُماثِلة في ليالٍ أخرى تتضمّنت حفلة مَرَح للمراهقين مع فرقة روك إند رول مع كازينو قمار مُصطَنَع "مع جَوٍّ يُذَكِّر بلاس فيغاس” ومع بعض التوجيه للرجال حول "فن الرقص الشرقي" الحضاري (صفحة 24). تُظهِر الصور المُرافِقة لمقالات النشرة بعض هذه التهوُّرات مُختلطة مع صور من القداس الإلهي، ما يؤكّد لنا أن "الأرثوذكس" الأميركيّين ليسوا متأخِّرين أبدًا عن أترابَهم في اتّباع حياة اللهو العابِثة. هذا المَزج ما بين المقدَّس والمُشين يُعتَبر "أمرًا طبيعيًّا" في "الأرثوذكسية الأميركية" اليوم؛ هذه المُنَظَّمة هي (فلنكرّر كلام الأسقف): “أعظم قوة روحية في سائر الأرثوذكسية الأميركية”. لكن أي استعداد روحي يمكن للشخص أن يأتي به إلى القداس الإلهي بعد قضاء الليلة السابقة مُحتَفِلاً بروح هذه العالم، وقضاء ساعات طويلة خلال عطلة نهاية الأسبوع في مَلاهٍ عَبَثيّة؟ الإجابة اليَقِظة يمكن فقط أن تكون: أن هذا الشخص يأتي بروح العالم معه، العالَمِيّات هي الهواء الذي يتنشّق؛ وبالتالي، تدخل الأرثوذكسية، بالنسبة إليه، في "نهج" الحياة الأميركيّة "غير المُبالِية”. إذا ما أراد شخصٌ كهذا البدء بقراءة كتابات الآباء القديسين، التي تتحدّث عن نهج حياة مختلف كُلّيًّا، سوف يجدها إمّا غير مناسبة لنهج حياته أو أنه سيضطر لتشويه تعاليمهم كي يستطيع تطبيقها في حياته.
فلنطّلع الآن على اجتماع "ارثوذكسي” أكثر جّدِّيّة، حيث يتمّ ذكر الآباء القديسين: مؤتمر "اللجنة الإرثوذكسية للجامعات” السنوي. تحوي نشرة خريف 1975 من مجلة (Concern) صورًا من مؤتمر سنة 1975 الذي كان هدفه "روحيًّا” بالكامل. تُظهِر هذه الصور الروح "غير المُبالِية” ذاتها، مع شابّاتٍ ترتدين سراويل قصيرة (وهذا يجعل هذا المؤتمر أسوأ من مؤتمر إتّحاد النوادي الأرثوذكسية الروسية!)، أمّا الكاهن الذي يُلقي الحديث الأساسي في المؤتمر فهو يتكلّم واضِعًا يده في جيبه… وفي هذه الأجواء، يناقش بعض المسيحيين الأرثوذكس مواضيع مثل "الروح القدس في الكنيسة الأرثوذكسية”. تُقدّم لنا النشرةُ ذاتها من مجلّة (Concern) فكرةً عمّا يجري في أذهان هؤلاء الناس "السَّطحيّين”. تحوي النشرة خانة جديدة عن "تحرير النساء” (ذات عنوان بذيء لن نكرّره هنا) وتقوم بتحريرها مُهتَدية ذكيّة شابة فتكتب: “عندما اهتديتُ إلى الأرثوذكسية، شعرتُ أنني مُدرِكةٌ لأكثر المشاكل التي أواجه في الكنيسة. عرفتُ العِرقيّة الفاضِحة التي تقسم الكنيسة والخصومات والعَصَبيّات التي تغزو الرَّعايا والجهل في أمور الدّين…” ثم تنتقل الكاتبة لتأييد "إصلاح” فترة الأربعين يوم التقليدية المتعلّقة ب"إدخال” المرأة إلى الكنيسة بعد الولادة، بالإضافة إلى بعض سلوكيّات "العالم القديم” التي ترى هذه "المُستنيرة” الأميركيّة الحديثة بأنها "غير مُنصِفة”. ربما هي لم تلتقِ أبدًا بإكليركي أو عِلماني أرثوذكسي مستقيم يستطيع أن يشرح لها أو يوصل لها وتيرة نهج الحياة الأرثوذكسية الأصيلة؛ ربما لو التقت فعلاً بشخص كهذا، لن تكون لها الإرادة بأن تفهمه، أو أن تفهم أن أعظم "المشاكل" عند المُهتدين اليوم هي ليست موجودة أبدًا في الأُطُر الأرثوذكسية (التي يسهل انتقادها)، بل في أذهان وسلوكيّات المُهتَدين أنفسهم. إن نهج الحياة الموجود في مجلّة (Concern) هو ليس نهج الحياة الأرثوذكسي، ولهجته تجعل أي اقتراب من نهج الحياة الأرثوذكسي أمرًا مستحيلاً. تعكس هذه النشرات والمؤتمرات معظم شباب اليوم المُدَلَّلين والأنانيّين والمُتَهَوِّرين الذين يتوقّعون، عند اهتدائهم للدين، أن يجدوا "روحانيّة مُريحة”، شيئًا يتوافق مع أذهانهم غير الناضجة التي تخدّرت بواسطة "التعليم الحديث” الذي نالوه. إن الإكليريكيين الشباب، والعديد من الكِبار سِنًّا الذين تعرّضوا للأجواء العالميّة التي ينمو بها الشباب، ينحدرون أحيانًا إلى انتقاد شيوخهم و"الغيتو” الأرثوذكسي الذي يعيشون فيه، وبأفضل أحوالهم، يعطون محاضرات أكاديميّة هزيلة عن مواضيع فوق طاقتهم. ما الفائدة من الحديث مع شباب كهذا عن مفاهيم "التأليه” أو "طريق القديسين” (Concern, Fall, 1974) التي يمكن أن يفهمها شباب الجامعات اليوم، لكنهم غير مستعدّين لها روحيًّا وعاطفيًّا، إذ يجهلون معنى الجهاد في الحياة الأرثوذكسية ومعنى الابتعاد عن الأجواء العالميّة؟ لا يمكن لمحاضرات كهذه أن تعطي نتائج مُثمِرة روحيًّا بدون استعداد وتمرين في ألِفباء الحياة الروحية وبدون إدراك للفرق ما بين النهجَين العالمي والأرثوذكسي.
إذ نرى هذه الخلفيّة التي يأتي منها الشباب المسيحي الأرثوذكسي في أميركا (وفي سائر العالم الحر)، فلا نتفاجأ إذ نشاهد قِلّة الجَدِّيّة في معظم الأعمال: المحاضرات، المقالات والكتب عن اللاهوت الأرثوذكسي والروحانية اليوم؛ والفكرة التي يريد إيصالها حتى أفضل المُحاضِرين والكُتّاب في الأُطُر الأرثوذكسية تبدو شديدة الضعف، بلا قوة روحيّة. وعلى نطاق أوسَع، تأخذ الحياة في رعية أرثوذكسية عادية طابِع الرُّكود الروحي تشبه كثيرًا حياة "اللاهوتيين الأرثوذكسيين” اليوم. لماذا؟
إن ضعف الأرثوذكسية كما يُعَبَّر عنه وكما يُعاش اليوم هو من دون شك نتيجة قِلّة الجَدِّيّة في الحياة المعاصرة. لقد أصبحت الأرثوذكسية اليوم عالميّة، مع كهنتها ولاهوتيّيها ومؤمنيها. الشباب (سواء كانوا قد وُلِدوا في الأرثوذكسية أم اهتدوا إليها) الذين يأتون من بيوتٍ رَغيدة ويسعون إلى ديانة غير بعيدة من الحياة الهنيئة التي عرفوها؛ الأساتذة والمُحاضِرين الآتون من العالم الأكاديمي حيث لا يُقبَل أي شيء بِجَدِّيّة كمسألة حياة أو موت؛ الأجواء الأكاديمية ذاتها حيث تسود العالميّة المُكتَفية في جميع "الخلوات” و"المؤتمرات” و"المؤسسات”؛ كل هذه العوامل تجتمع لإنتاج جو إصطناعي لا يسمح للحقائق والخبرات الأرثوذكسية، بِغَضّ النظر عَمّا يُقال عنها، أن تلمس أعماق النفس وأن تكوّن الإلتزام العميق للمسيحيين الأرثوذكس، وذلك بسبب السِّياق الذي يُحيط بهذه الأجواء وبسبب التأهيل العالمي الذي حظي به المتكلّمون والمُستَمِعون. بعكس هذه الأجواء الدَّفيئة، يحصل التعليم الأرثوذكسي الطبيعي وتسليم الأرثوذكسية ذاتها في ما كان يُعتَبَر البيئة الأرثوذكسية الطبيعية: الأديار، حيث لا يأتي الرهبان المبتدئون ليتعلّموا فحسب، بل العلمانيّون الأتقياء أيضًا، في جو مقدَّس من خلال حديث مع شيخ جليل. وإذا كان كاهن إحدى الرَّعايا العادية صاحب ذهنيّة "قديمة” ومُلتَهِبًا بالأرثوذكسية من أجل خلاص رعيّته، فهو لن يَعذُر خطايا أبناء رعيّته وعاداتهم العالميّة لكنه سوف يُشَدِّدهم من أجل حياة روحية أسمى. حتى في معهد اللاهوت، إذا كان ذا طراز قديم وغير مُصَمَّم على غرار الجامعات في الغرب، فهناك فرصة بلقاء حي مع أساتذة أرثوذكس حقيقيين يعيشون إيمانهم ويفكّرون بحسب "المدرسة القديمة” للإيمان والتقوى. لكن كل هذا، ما كان يُنظَر إليه أنه البيئة الأرثوذكسية الطبيعية، هو مُزدَرى به من قِبَل المسيحيين الأرثوذكس المُتَجانِسين مع بيئة العالم الحديث الإصطناعيّة، وهو ليس جزءًا فيما بعد من خبرة الجيل الجديد. إن "لاهوتيّي” المدرسة الجديدة من بين المهاجرين الرّوس الذي يَتوقون للتآلف مع الطريقة العقلانيّة، وأن يستشهدوا بالدراسات الكاثوليكية والبروتستانتية، وأن يتّبعوا لهجة الحياة المُعاصِرة "غير المُبالية” خاصةً نهج العالم الأكاديمي، يُدعَون "لاهوتيين مع سيجارة”. وللسبب ذاته، يمكن دعوتهم أيضًا "لاهوتيين مع كأس من الخمر” أو دُعاة "اللاهوت المعدة الملآنة” أو دُعاة "الروحانية المُريحة”. لا يوجد قوة في رسالتهم، لأنهم ذاتهم من هذا العالم ويتحدّثون مع أناس عالميّين في جو عالميّ، فلا مَناقِب ارثوذكسية تأتي من كل هذا، بل مجرّد كلام فارغ وبَطّال وعبارات مُنَمَّقة.
يمكن العثور على تعبير دقيق لهذا الروح على صعيد شعبي في مقال مُقتَضَب كتبه علماني بارِز في الأبرشية اليونانية في أميركا منشور في جريدة الأبرشية الرسمية. يكتب هذا العلماني، وهو متأثِّر بوضوح ب"التَّجديد الآبائي” الذي أصاب الأبرشية اليونانية ومعهدها اللاهوتي منذ سنوات: “إن عبارة ’توقّفوا’[8] هي ضرورية جدًّا في أيامنا هذه. في الواقع، هي جزء مهم من تقليدنا الأرثوذكسي، لكن يبدو أن عالم السرعة الذي نعيش فيه يبعدها عن برنامجنا اليومي.” من أجل العثور على هذا السّكون، ينادي هذا العلماني بالفكرة التالية: “فلنبدأ حتى في بيوتنا… على الطاولة قبل تناول الطعام، عوضًا عن صلاة إستظهاريّة، لِمَ لا نقضي دقيقة صلاة صامتة، ثم نتلو معًا صلاة ’أبانا الذي في السموات’؟ يمكننا أن نجرّب هذه الطريقة في رعايانا خلال الخِدَم. لا يتوجّب أن نزيد أو ننقص أي شيء. في نهاية الخدمة، يمكننا التوقّف عن أي صلاة مسموعة وعن الترتيل والقيام بأي حركة، وأن نقف في صمت ويصلّي كل منّا لحضور الله في حياتنا. الصمت وضَبط الجسد هما جزء أساسي من تقليدنا الأرثوذكسي. كان يُدعى لِقُرون في الكنيسة الشرقية ’الحركة الهدوئية’… السكون. هذه هي البداية للتجديد الداخلي الذي نحتاجه كلنا ويجب أن نسعى له.”[9]
من البديهي أن الكاتب يملك نِيّة صالحة، لكن على غرار الكنائس الأرثوذكسية اليوم، فقد وقع في فخ التفكير العالميّ، فيستحيل عليه أن يرى الأمور بالطريقة الأرثوذكسية الطبيعية. غني عن القول، إذا ما أراد أحدهم قراءة الآباء القديسين والقيام ب"تجديد آبائي” فقط من أجل مراعاة البرنامج اليومي الآن مع لحظة من الصمت الخارجي وتضخيم هذا بإسم الهدوئية الجليل، فمن الأفضل عدم قراءة الآباء القديسين أساسًا، لأن هذه القراءة سوف تجعلنا ببساطة مُرائين ومُخادِعين، وعلى غرار المنظّمات الشبابية الأرثوذكسية، غير قادرين عن الفصل ما بين المقدَّس والعابِث. التعاطي مع الآباء القديسين يستلزم الخروج من الجو العالمي. إن الذي يعيش في جو "الخلوات والمؤتمرات والمُنَظَّمات" الأرثوذكسية المُعاصِرة لا يستطيع الدخول في الروحانية الأرثوذكسية الأصيلة التي تملك "لهجة" مختلفة كُلّيًّا عن تلك القائمة في هذه التَّعبيرات النموذجيّة العالميّة "الدّينية”. يجب علينا مواجهة حقيقة مؤلمة لكنها ضرورية: على الشخص الذي يقرأ الآباء القديسين بِجَدِّيّة ويجاهد (حتى على درجة إبتدائية) لِعَيش حياة روحية أرثوذكسية أن ينفصل عن هذا الزمن ويتغرّب عن جو الحركات والنقاشات "الدينية” المُعاصِرة، وعليه أن يسعى بِوَعي أن يعيش حياةً مختلفة عمّا تحويه معظم الكتب والمجلّات الأرثوذكسية اليوم. بالتأكيد، الكلام عن هذا أسهل من العمل به؛ لكن هناك أشياء تؤازرنا بشكل عام في هذا الجهاد. سوف نعود لهذا الموضوع بعد أن نتفحّص باختصار عن خطأ آخر علينا تَفاديه في دراستنا للآباء القديسين.
الخطأ الثالث: "الغيرة لكن ليس بحسب المعرفة" (رومية 2:10)
بوجود الضعف والتفاهة في "الأرثوذكسية” العالميّة اليوم، ليس مفاجئًا أن بعض الأشخاص، حتى داخل المؤسسات "الأرثوذكسية” العالمية، يلتقطون بعض شرارات من الأرثوذكسية الحقيقية الموجودة في الخِدَم الإلهية والكتابات الآبائية، وإذ يتمسّكون بها ضد المسرورين بديانة عالميّة، يصبحون غَيارى على الإيمان الأرثوذكسي الحقيقي. بِحَدِّ ذاته، هذا شيء ممدوح؛ لكن من حيث التطبيق، فالهروب من فِخاخ العالميّة ليس سهلاً، وكثيرًا ما يُبدي غَيارى كهؤلاء تصرُّفات من العالميّة التي يريدون الهروب منها؛ أكثر من هذا، يصبحون خارج عالم التقليد الأرثوذكسي ويتحوّلون إلى شيء أقرب إلى الطائفيّة المَحمومة.
أوضح مِثال عن "الغيرة لكن ليس بحسب المعرفة” موجود في حركة "المواهبيين” (charismatic) المعاصرة. لا ضرورة لتوصيف هذه الحركة[10]. كل نشرة من مجلة (The Logos) التي يُصدِرُها "الأرثوذكس المواهبيون” توضح أكثر فأكثر أن أولئك المسيحيين الأرثوذكس الذين انجذبوا إلى هذه الحركة لا يملكون أي خلفيّة صلبة في خبرة المسيحية الآبائية، وأن كتاباتهم هي بروتستانتية باللغة واللهجة بالكامل تقريبًا. لقد استشهدت مجلة (The Logos) بالقديسين سمعان اللاهوتي الجديد وسيرافيم ساروفسكي عن اقتناء الروح القدس؛ لكن التناقض واضح جَلِيًّا بين هذه التعاليم الأرثوذكسية الصحيحة والخبرات البروتستانتية الموصوفة في المجلّة ذاتها، فمن البديهيّ أن هناك عالَمان مختلفان بالكامل: في العالم الأول، هناك الروح القدس الذي يأتي فقط للمجاهدين في الحياة الأرثوذكسية الحقيقية وليس بطريقة إستعراضية (كما في هذه الأيام الأخيرة). العالم الثاني مختلف جدًّا، فهناك "روح الأزمنة” الديني المسكوني الذي يحوي بالضبط أولئك الذين يستسلمون من نهج الحياة الأرثوذكسي الصِّرف (أو أنهم لم يعرفوه البَتّة) وينفتحون لإعلانٍ جديد مُتَوَفِّر للجميع بِغَضّ النظر لأية طائفة ينتمون. إن الذي يدرس الآباء القديسين بِتَأنٍّ ويطبّق تعاليمهم في حياته يستطيع أن يكتشف في حركة كهذه علامات الخِداع الروحي (prelest) ويلاحظ أيضًا الممارسات غير الأرثوذكسية التي تتّصف بها.
يوجد أيضًا شكل من "الغيرة لكن ليس بحسب المعرفة” يمكن أن تكون خطرًا على المسيحي الأرثوذكسي الجَدّي لأنها يمكن أن تُضِلَّه في حياته الروحية الشخصية من دون أن تظهر أي علامات من الخِداع الروحي. هذا خطر خاصةً للمُهتَدين إلى الأرثوذكسية الجُدُد وللمبتدئين في الأديار وباختصار لكل مَن تكون غيرتهم يافِعة وليسوا مُمتَحَنين بالخبرة ولا يتصرّفون بِتَأنٍّ.
هذا النوع من الغيرة هو جَمعٌ بين سُلوكَين. أولاً، هناك مِثالِيّة عالية في حياة النُّسك والأعمال النُّسكيّة الشديدة والحالات الروحية الرَّفيعة. هذه المِثاليّة هي جيدة بِحَدّ ذاتها وهي صفة من صفات الغيرة الصالحة للحياة الروحية؛ لكن من أجل أن تُثمِر، يجب أن تتأنّى بخبرة صعوبات الجهاد الروحي وبالتواضع الآتية من هذا الجهاد إذا كان أصيلاً. بدون هذا التّأنّي، سوف تخسر الغيرة مع واقع الحياة الروحية وسوف تفقد ثمارها إذ يتبع صاحبها (بحسب القديس إغناطيوس برياتشانينوف) “حلمًا مستحيلاً بحياة كاملة ذات صورة جذّابة ومُتَّقِدة في مُخيّلته”. كي تصبح هذه المِثاليّة مُثمِرة، على الشخص أن يجد السبيل ليتبع نصيحة القديس إغناطيوس: ”لا تثق بأفكارك وآرائك وأحلامك واندفاعك وميولك رغم أنها تقدّم لك أو تظهر لك الحياة النسكيّة الأكثر قداسةً بقناعٍ جذّاب.”[11]
ثانيًا، يوجد بالإضافة إلى هذه المِثاليّة الخَدّاعة، خاصةً في زمننا العقلاني، سلوكًا شديد الإنتقاد يُطَبّقه المبتدئ على كل ما يناسب معاييره العالية. هذا هو السبب الرئيسي للخداع الذي يُصيب المُهتَدين إلى الأرثوذكسية والمبتدئين بعد أن تتضاءل شعلة حماسهم للأرثوذكسية أو الحياة النُّسكية. هذا الخِداع هو علامة أكيدة أن نَهجَهم في الحياة الروحية وقراءتهم للآباء القديسين قد كان أحادي الجانب، مع تركيز مُبالَغ على المعرفة التَّجريديّة التي تنفخ الشخص، وقِلّة تركيز أو جهل كامل بألم القلب الذي يجب أن يرافق الجهاد الروحي. هذه هي حال المبتدئ الذي يكتشف أن قانون الصوم في الدير الذي اختاره لا يطابق المعايير التي قرأها عند آباء الصحراء، أو أن تيبيكون الخدم الإلهية لا يُتبَع حرفيًّا، أو أن لأبيه الروحي ضعفات بشريّة كأي شخص وأنه في الوقع ليس "شيخًا متوشِّحًا بالله”؛ لكن هذا المبتدئ هو أول مَن يستسلم بعد وقت قصير أمام قانون صوم أو تيبيكون لا يناسب أيّامنا الواهِنة، وهو الذي يستحيل عليه أن يقدّم الثقة لأبيه الروحي التي لا يستطيع أن يتوجّه روحيًّا بدونها. يستطيع العائشون في العالم أن يجدوا حالات في الرَّعايا الأرثوذكسية اليوم موازية لهذه الحالة الرّهبانيّة.
التعليم الآبائي عن ألم القلب هو من أهم التعاليم لأيامنا حيث يتم التركيز على المعرفة على حساب النمو الصحيح للحياة الروحية. سوف نناقش هذه النقطة في فصول أخرى من هذه السلسلة الآبائية. إن الإفتقار لهذه الخبرة هي العامل الأول المُسَبِّب لقلّة الخبرة في الآباء القديسين والضَّحالة في التعامل مع كتاباتهم والحاجة إلى الجَدّيّة في دراستها. بدون هذه الخبرة، لا يستطيع الشخص أن يطبّق تعاليم الآباء القديسين في حياته. يمكنه أن يبلغ درجات عالية من فهم تعاليم الآباء القديسين، وأن يكون عنده أقوالاً "جاهزة” للآباء القديسين عن أي موضوع، وأن تكون له "خبرات روحية” مشابِهة لتلك الموصوفة في الكتب الآبائية، ويمكن أن يكون عَليمًا بجميع الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها في الحياة الروحية، ومع ذلك، بدون ألم القلب، يمكن للشخص أن يكون شجرة تين يابسة، "عالِمًا بكل شيء” ودائمًا "على حق” أو أنه ضليعٌ بالخبرات "المواهبيّة" ولكنه لا يستطيع نقل روح الآباء القديسين الحقيقي.
ما ذكرناه ليس لائحة كاملة بالطُّرُق التي لا يجب أن نتبع في قراءة أو دراسة الآباء القديسين. إنها فقط مجموعة من التَّلميحات التي يمكن التعاطي من خلالها بشكل خاطئ مع الآباء القديسين، وهكذا فالذي يتبعها لا يحصل على أيّة منفعة أو حتى أنه يمكن أن يتأذّى. هذا المقال هو محاولة لتحذير المسيحي الأرثوذكسي أن دراسة الآباء القديسين هي أمر جدّي ولا يجب أن يُؤخَذ بِخِفّة بحسب الأساليب العقلانيّة في أيّامنا. لكن هذا التحذير لا يجب أن يُخيف المسيحي الأرثوذكسي. قراءة الآباء القديسين هي بالفعل أمر ضروري للذي يُقَدِّر خلاصه ويبغي العمل في سبيله بخوف ورعدة؛ لكن عليه التعامل مع هذه القراءة بواقعيّة كي يحصل لأقصى فائدةٍ منها.
http://orthodoxinfo.com/phronema/rose_mind3.aspx
[1]. Archimandrite Demetrius Trakatellis, "St. Neilus on Prayer," Sobornost, 1966, Winter-Spring, page 84.
[2]. Sobornost, Summer, 1969, p. 680.
[3]. نسبةً للرّهبنة السّيسْتِرسِيّة (Ordo Cisterciensis) التي أسّسها برنارد من كليرفو في الغرب (المُعَرِّب).
[4]. Diakonia, 1974, no. 4, pages 380, 392.
[5]. Fr. Thomas Hopko, in St. Vladimir's Theological Quarterly, 1969, no. 4, p. 225, 231.
[6]. يبدو أن القَصْد من هذه السلسلة من المقالات كان أن تصبح كتابًا بعنوان "آباء الروحانية اللأرثوذكسية”، لكن السلسلة توقّفت في هذا الجزء الثالث.
[7]. St. Vladimir's Theological Quarterly, 1969, no. 3, p. 164.
[8]. أنظر مزمور 10:46 (المُعَرِّب)
[9]. The Orthodox Observer, Sept. 17, 1975, p. 7.
[10]. يمكن إيجاد شرح مُفَصَّل في كتاب "الأرثوذكسية وديانة المستقبل”، تعريب...
[11]. The Arena, ch. 10
آخر المواضيع
تيك توكر يونانية شهيرة تصبح راهبة أرثوذكسية
الفئة : مواضيع متفرقة
تَقريظٌ لقطع رأس النّبيّ السّابق المجيد يوحنّا المعمدان
الفئة : مواضيع متفرقة
مَحبَّةُ الذّات: هوى عصرِنا الحاضر
الفئة : مواضيع متفرقة
النشرات الإخبارية
اشترك الآن للحصول على كل المواد الجديدة الى بريدك الالكتروني