عظة في إنجيل الإيوثينا الخامسة (لوقا 24: 13 - 35)

عظة في إنجيل الإيوثينا الخامسة (لوقا 24: 13 - 35)

الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس

نقلها إلى العربيَّة نديم سلُّوم

يشير الإنجيل الذي قرأناه اليوم خلال صلاة السحر إلى ظهور المسيح لتلميذَين، لَيْسا من دائرة الاثني عشر، بل من السبعين، إذ كانا في طريقهما إلى عمواس، وهي مدينة صغيرة بالقرب من أورشليم. أحد التلميذَين المذكورَين في الإنجيل هو كليوبا، والآخر بحسب التقليد المحفوظ لدينا هو لوقا الإنجيليّ نفسه الذي سجَّل الحدث.

بدايةً، ما يجده المرء عند قراءة الأناجيل التي تصف قيامة المسيح، هو أنَّ كلَّ التَّوصيفات للأحداث بسيطةٌ وواضحةٌ، ولا تعبِّر عن عواطف أو عقائد كبرى، بل حتى عن عدم إيمان التلاميذ. وهذا كلُّه يدلُّ على صدق التَّوصيف. لا يوجد شيء غير ضروريّ، مُفرِط، عاطفيّ. كل شيء طبيعيّ وصحيح.

حزن التلميذان للأحداث التي حصلت، وهي آلام المسيح وصلبه. يقترب منهما المسيح، ولا يكشف عن ألوهيَّته، بل يخفي وجهَه المُمجَّد، يحاورهم، يقبل ضعفهم، وينزع عنهم حزنَهم تدريجيًّا، ويقودهم إلى الإعلان العظيم، أنَّه المسيح القائم، كما تنبَّأت عنه الكتب. يعبِّر التلميذان عن شكوكهما قائلَين: "كنّا نرجو أنه هو المُزمِع أن يَفدي إسرائيل". وطبعًا قالوا هذا لأنَّ لديهم تَصَوُّرات أخرى عن المسيح (Messiah)، وهو أنه سيطرد المحتلِّين ويحرِّر إسرائيل. كانت هذه مفاهيم قوميَّة دنيويَّة. لكن المسيح لم يأتِ إلى العالم ليخلق وضعًا سياسيًّا دنيويًّا آخر أو أفضل، بل ليجدِّد العالم ويقيم البشريَّة، ليعطينا ما لا يستطيع أحدٌ أن يقدِّمَه لنا.

الأمر المهمّ أنَّ المسيح رفعَهُما تدريجيًّا إلى الكَشْف العظيم. في البداية، أشار إلى ما قاله الأنبياء وحلَّله، ثم عندما وصلوا إلى البيت، عندما بارك الخبزَ، انفتحت أعْيُنُهما وعَرَفاه. وفي تلك اللحظة اختفى المسيح عن أعْيُنِهِما. وعندما أظهر نفسه لهما، لم تَعُدْ هناك حاجة لحضوره، لأنَّه كان قد وَلَجَ فيهما للتو. هذا الكشف التدريجيّ، الذي حصل لتلميذَي عمواس، يُظهِر، إلى حدٍّ ما، سير القداس الإلهيّ. نسمع أولاً القراءتَين الرسوليَّة والإنجيليَّة، ثم العظة حول هاتَين القراءتَين، ثم ندخل القداس الإلهيّ حيث نستطيع، إذا كانت لدينا الشروط الكنسيَّة الأرثوذكسيَّة، تَذَوُّقَ جسد المسيح ودمه، ونكتسب شركة شخصيَّة ومعرفة بالله.

لكن هذا الإعلان التدريجيّ والتصاعديّ للمسيح ليس حدثًا خارجيًّا بل خبرةً داخليَّةً، فكما يقول الإنجيل، بينما كان يتكلّم وفتح قلوبَهم لكلام الله، شعروا داخليًّا بقوة الكلمات مثل اللهيب، ثم انفتحت أعينهم الروحيَّة وعرفوه. ولذلك فإنَّ كل الأحداث الروحيَّة والكنسيَّة تجري في القلب.

لقد مرَّ القدّيسون بمثل هذه الخبرات، حتى أنبياء العهد القديم مثل النبي إيليا. وكان نبيًّا قد رأى الله، لأنَّه استحقَّ أن يرى المسيح قبل التجسُّد، ولهذا السبب بالتَّحديد كان موجودًا في تجلِّي المسيح.

أيّها الأحِبّاء، يجب أن نعيش الحياة الكنسيَّة الأرثوذكسيَّة في قلوبنا، وخاصّةً بركة الإفخارستيا الإلهيَّة. كيف سيتمّ ذلك؟ سوف يظهره آباؤنا الروحيّون المُلهَمون.

 

https://www.johnsanidopoulos.com/2019/07/homily-on-fifth-eothinon-gospel-luke.html