عظةٌ عن رسالة الأحد السّابع بعد العنصرة

الميتروبوليت إيروثاوس فلاخوس.

نقلها إلى العربيَّة: نديم سلُّوم.

 

رومية 4:15

(... لِيَكُونَ لَنَا الرَّجَاءُ بِالصَّبْرِ وَبِتَعْزِيَةِ الكُتُبِ)

 

يتميّز الإنسانُ بقدرته على التّغيير؛ لأنّ نظامه النّفسيّ-الجسديّ (psychosomatic) قد تغيَّر بالكامل، بسهولةٍ، بعد السّقوط. كما يمكن أن تتغيَّر حرارةُ الجسد،من باردةٍ إلى دافئةٍ، كذلك نفس الإنسان وذهنه. أحيانًا، يكون الإنسان سعيدًا، وأحيانًا أخرى حزينًا؛ أحيانًا، يكون مليئًا بالتّفاؤل، وأحيانًا أخرى يسوده اليأسُ والقنوط. الإيمانُ بالله وبعنايته، وحبُّ الله، ورجاءُ الاتِّحاد به، كلّها توازن الإنسان، وتقوّيه على مواجهة مشاكل حياته الصّعبة كلِّها.

 

في عصرنا، يوجد العديد من الأمور -الاجتماعيَّة والوطنيَّة والعائليَّة- الّتي توقِعُ الإنسانَ في اليأس، خاصةً عندما يكون إيمانُه بالله متراخيًا. في هذه الحال، يمكننا أن ننال الرّجاء، والصّبر، والتَّشجيع من الكتاب المقدّس.

 

العهدان، القديمُ والجديدُ، يؤلّفان الكتاب المقدّس. فيالوقت الّذي كتب فيه بولس الرّسول رسالتَه، إلى مسيحيّي روما، لم يكن العهدُ الجديدُ قد جُمِّعَ بعد، أي أنَّ الكتبَ السّبع والعشرين، الّتي يتألَّف منها العهد الجديد، لم تكن قد جُمِّعت. وعلَيه، فإنَّ الرّسول كان يقصد برسالتِه، العهدَ القديم.

 

وهكذا، عندما نقرأ الكتب المقدَّسة، فإنَّنا نبدِّد اليأسَ، وننال الرّجاء والإيمان بالله، عبرَ الصّبر والتَّشجيع. وهذا يعني، أنَّه عبرَ قراءة نصوص الأنبياء والرّسل، وكذلك كُتُب آباء الكنيسة، في وقتٍ لاحقٍ، يحصل المرء على الشّجاعة والأمل.

 

بالقراءة الرّوحيَّة، يدرس المرءُ حياةَ الآخرين وآراءَهم، ويفهم الطّريقة الّتي يتصرّفون، ويفكّرون بها، ويسلكونها، وغالبًا ما يغيِّر بدورِه طريقةَ تفكيره. وقراءتُنا للكتاب المقدّس، هي الأجدى نفعًا، لسببَين رئيسَين. أولاً، لأنَّنا نقرأ سيرَ أُناسٍ قدّيسين، نرى إيمانَهم بالله أمثال بطاركة العهد القديم وأنبيائِه، وصبر أيّوب، وغيرة الرّسل والقدّيسين، وصلاة الأبرار... وهذا يشدِّد إيمانَنا وصبرَنا. ثانيًا، لأنَّه عبرَ هذه النّصوص، وما تملكه من قوّةٍ خاصّةٍ، تتفعَّل نعمةُ الله فينا، وتتغيَّر حالتُنا الذّهنيَّة.

 

نصح بولسُ الرّسول تلميذَه تيموثاوس: «وَاظِبْ عَلَى القِرَاءَةِ إلَى حِينِ قُدُومِي، وَعَلَى الوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ».(1 تيموثاوس 4: 13). يقول القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم، إنَّ الكتابَ المقدّس هو مرجٌ روحيٌّ، وإنّ قراءتَه هي فردوسٌمن المسرّات، أفضلُ من الفردوس القديم، الّذي كان فيه آدم وحوّاء قبل السّقوط. وفي حديثٍ آخرَ، يقول إنّ من يجلس بجوار نبع الكتاب المقدّس، هو مثل الجالس بجوار عين ماءٍ، ويتمتَّع بهذا الجوِّ المُنعِش، الّذي لا يشفي غَليل العطش فحسب، بل يصدّ الحرارة أيضًا. وهكذا، فإنَّ أيّ شخصٍيهتمّ بقراءة الكتاب المقدّس، يتحرّر من اليأس، ويغرِسُ في نفسِه المسرَّة، فيزول الشّرّ، وتتأصَّل فيه الفضيلة، غير متزعزعةٍ من ضجيج الأهواء. ويشبِّه القدّيس أفرام السّريانيّ مَن يشرب من خاصّيَّة الكتاب المقدّس، بالرَّضيع الّذي يرضع من ثدي أمّه.

 

في عصرنا اليوم، العديد من الكتب، والصّحف، والمجلّات، وكذلك الصّحافة الإلكترونيّة المنتشرة في المنازل جميعِها، ويمكن للإنسان المعاصر أن يجد ما يبحث عنه، لاكتساب المعرفة البشريّة. لكن معظم الكتب، تنقل الأفكارَ العاطفيَّةَ لمؤلِّفيها وأوهامَهم.

 

في المحصّلة، يجب علينا، نحن المسيحيّين، أن ندرس الكتاب المقدّس، وأن نقرأ حياة الأنبياء والأبرار، في العهد القديم، وتعاليمَهم، وكذلك حياة المسيح والرّسل، وتعاليمهم. وأيضًا،   "سنكسار" القدّيسين، الذي يُعَدّ إنجيلاً مُعاشًا. وهكذا، يمكننا أن نجد الأمل من خلال الصّبر والتّشجيع من الكتاب المقدس.

 

 

https://www.johnsanidopoulos.com/2021/08/homily-for-epistle-reading-on-seventh.html