في سرّ الشرطونيّة

في سرّ الشرطونيّة

القديس نيقولاي فيليميروفيتش

نقلها إلى العربيّة الشمّاس باييسيوس مخّول
 

«فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ» (أعمال الرسل 6: 6).

بِوَضعِ الأيدي على مؤمنين مختارين، كرّس الرّسلُ أساقفةً وكهنةً وشمامسة. يتّضح هنا أنّ الإيمان المسيحيّ ليس مجرّد تعليمٍ، بل هو قوة أيضًا. المعرفة وحدها لا تكفي، فامتلاك السُّلطة أمرٌ ضروريّ. اختيار الناس وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون موافَقًا عليه من الله. لو لم تكن حِيازة السُّلطة أساسيّ لموهبة الكهنوت، لَما كان وضع الأيدي ضروريًّا، هكذا يكون فقط التعليم المتناقل من الفم إلى الأذن ضروريًّا. يُشير وضعُ الأيدي إلى التّفويض وحلول القوة على المُختار. تكمن السُّلطة في نعمة الله التي تقوّي الإنسان وتقدّسه وتُنيره. بالحقيقة، إنّ نعمة الله هي التي تعلّم وتَقود وترعى، ومن خلال الأسرار، تُعطي قوّةً لقطيع المسيح. الكاهن هو إناء لقوّة النعمة المَرهوبة التي لا تنضب ويتعذّر وَصفُها. طوبى لذاك الكاهن الذي يُدركُ كم أصبح إناءً ثمينًا! طوبى له إن لم تُفارقْهُ مخافة الله نهارًا وليلًا، حتى الرَّمَق الأخير! ما من شرفٍ أسمى، ولا من مسؤوليّةٍ أعظم من الدعوة إلى الخدمة الكهنوتيّة. بوضع يد الأسقف، يصل الكاهن إلى معرفة مصدر النعمة الأزليّ، وإلى السلطان المُعطى للرسل. هكذا يصير الكاهن مُسارًّا بالنعمة وشَريكًا للكهنة الأرثوذكسيّين منذ عهد الرّسل إلى اليوم، ولكل الأساقفة، ولرهط القدّيسين والمعترفين وصانعي العجائب والنسّاك والشّهداء الذي لا يُحصى. يصير مزيَّنًا بجلالهم، لكنّه يحمل، في الوقت عينه، وزن فضيلتهم والتمثّل بهم.

يا إخوتي، عظيمةٌ هي خدمة راعي قطيع المسيح النّاطق. هو مسؤولٌ عن الصلاة إلى الله من أجل الجميع، وعلى جميع المؤمنين أن يصلّوا إلى الله من أجله.

يا ربّ، يا رئيس الكهنة العظيم، أيِّدْ الكهنة الأرثوذكسيّين بالقوّة والحكمة والطهارة والغيرة والوداعة وبكلّ فضيلةٍ رسوليّة بنعمة روحك القدّوس. لأنّه بك يليق المجد والتسبيح إلى الأبد. آمين.

المصدر: Prologue of Ochrid, May 30

https://goodguyswearblack.org/2018/06/12/st-nikolai-velimirovic-on-the-mystery-of-ordination/