النعمة عند الشيخ يوسف الهدوئي

الشيخ أفرام فيلوثيو

 

صفحة القدّيس غريغوريوس بالاماس

تعريب جولي سعد

 

 

 

لقد تاق الياروندا إلى النعمة وجاهد بحماس بكلّ قدرته لإقتنائها وهذا ما مَنَحَهُ الغنى الروحي.

عندما كان يُحَدِّثنا عن النعمة، كان يتكلّم بسهولة كبيرة عن أفعالِها ودَرَجاتِها، كما يتكلّم حِرَفيّ ماهر عن مهنته. وقد أدركْنا أنّ تعاليمه آتية من خبرته الشّخصية. لذلك فهو كان قادراً على ترسيخها بشدّةٍ في أعماقنا، وأن ينقل لنا الشعور الذي به إختبرنا، نحن أيضًا، مختلف أفعال ودرجات النعمة. لذلك هناك إختلاف هائل بين الشخص الذي يعلّم إستنادًا إلى القراءة والمعرفة وبين الشخص الذي يعلّم إستنادًا إلى خبرته الشخصيّة.

لقد ألهَمَنا أن نوجّه كلّ مَساعينا ورغباتنا وأفعالنا نحو هذا الهدف: أن نجلب النعمة إلى ذواتِنا وأن نحفظها في داخلنا. كان يركّز على النعمة وحدها إذ من خلالها نستطيع النجاح في التحرُّر من «الإنسان العتيق»، ولأننا، من دون النعمة، لن نكون قادرين أن نقوم بأي شيء. كما يقول الربّ: «من دوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئًا».

كذلك، علّمنا الياروندا أنّنا إذا لم نقتنِ النعمة، فيجب أن نعتبر أنّنا قد فشلنا كرهبان، لأنّ كّل باقي الأعمال الصالحة هي فقط شكليّات يقوم بها المسيحيّون العلمانيّون، «فإنّكم  إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّموَاتِ». ويَشرح الشيخ يوسف لنا أن بِرّ الفريسيّين والكتبة يشير ألى الأعمال الظاهريّة، وبغية أن نَفوقَهُم بِرًّا، علينا أن نوجِّه إنتباهنا إلى الدّاخل ونُنَمّي النعمة فيه.

قال لنا أيضًا «إنّ إكتساب نعمة الله ليس صعبًا بقدر إستعادتها بعد أن تنسحب منّا بسبب إهمالنا أو كبريائنا». لأجل ذلك، فإن مجاهدين كثر وجدوا النعمة و لكن قلّة فقط نجحوا في إستعادتها بعد خسارتها. «إنّ إنسحاب النعمة هو شيء مُخيف يُسَبَّب لي القشعريرة عندما أتكلم عنه. لقد مررت في تجارب شديدة لأن لم يكن لي مرشد ذو خبرة». إذا كنتم تعملون لإقتناء نعمة الله ومن ثم تخسرونها، فمن الأفضل لكم لو لم تقتنوها في بادئ الأمر. هذا هو مدى صعوبة الجهاد لإستعادة النعمة. لذلك أتمنى أن يمنحكم الله الخبرة عوضًا عن النعمة، لانّ الخبرة تأتيكم بنِعَم كثيرة وهي عطيّة دائمة من الله، بينما الحصول على النعمة باكرًا لا ينتج أي خبرة.

السبب الرئيس وراء تشديده على ضرورة إكتساب نعمة الله هو أن النعمة تجلب لنا محبّة الله التي هي هدفنا الحقيقيّ. كما أنّه أثبت لنا بتفسيراتٍ مُفَصَّلة أن ليس هناك أفضل من أن يشغل الإنسان نفسه بمحبة الله. كلّ شيء آخر، حتى الفضائل، هو باطل مقارنة مع محبة الله، فهي هدف الحياة المسيحيّة ومركزها.

https://thoughtsintrusive.wordpress.com/2017/12/24/teaching-about-grace-my-elder-joseph-the-hesychast/