كيف يستطيعُ مسيحيّون غير أرثوذكسيّين اجتراحَ العجائبِ والتّنَبّؤ؟

القدّيس أنسطاسيوس السينائي - أسقف ثيوبوليوس

ترجمة فيرنا جدعون

 

كثيرًا ما تَتمُّ علاماتٌ وعجائبٌ ونبؤاتٌ مختلفة على أيادي أشخاصٍ غير مستحقّين، بسببِ حاجةٍ معيّنةٍ و سماحٍ منَ الله، كما حَدَثَ مع «برلعام» والمُشَعوذين. لقد حَدَثت عجائبُ مماثلة أمامَ التّلاميذِ أيضًا حينَ وجدوا واحدًا من غيرِ المؤمنين «يُخرج الشّياطينَ بإسم يسوع»، فمنعوهُ مُشتَكين ليسوع، فأجابَهُم: « لا تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا» (لوقا 9: 50)

إذًا، عندما ترى إنسانًا هرطوقيًّا أو غيرَ مؤمنٍ يصنعُ أعجوبةً ما، لا تُشكّك ولا تَبتعد عن إيمانِكَ الأرثوذكسيّ. إذ إنّهُ في الكثيرِ من الأحيانِ، تحصلُ الأعجوبةُ بِفَضلِ إيمانِ طالِبِها لا بِفضلِ استحقاقِ صانِعِها. بالإضافة إلى ذلك، إنّ يوحنّا المعمدان الذي هو الأعظمُ بينَ مواليدِ النّساء، لا يبدو أنّه قد اجترح أيّةَ أعجوبةٍ، بينما يهوذا الإسخريوطيّ قد فَعَلَ بما أنّه كان واحدًا من الذين أُرسِلوا لإقامةِ الموتى وشِفاءِ البُرص.

لذا لا تَعتَبِرِ الأمرَ ذا أهميّةٍ إذا ما رأيت إنسانًا غير مستحقٍّ أو هرطوقيٍّ يصنعُ أعجوبةً ما. لا يَصِحُّ أيضًا أن نحكمَ على إنسانٍ أرثوذكسيّ وِفقًا لِعجائبه ونبؤاتِهِ، أو وِفقًا لِكونِه قدّيسًا أم لا، بل وِفقًا لِسلوكِهِ. لأنّ أشخاصًا خطأةً من الأرثوذكسيّين، وأيضًا من المهرطقين ومن غير المؤمنين، قد قاموا بكثيرٍ من الأحيان بمعجزاتٍ وتنبّأوا، لكنّ في حالاتٍ خاصّة، بِسماحٍ من الربّ، كما حدَثَ مع برلعام، وشاول، ونبوخَذ نصر، وقيافا، حيثُ نرى أنّ الروحَ القُدُسَ قَد عَمِل من خلالِهِم على الرّغمِ من أنّهم كانوا غيرَ مُستحقّينَ ومُجدِّفين، وذلكَ لأسبابٍ مُبَرّرة.

إذًا كما أوضَحنا، تَتمُّ المعجزاتُ والنّبؤاتُ في كثيرٍ من الأحيانِ على أيدي خطأةٍ وغيرِ مؤمنينَ. لا يجدرُ بنا كما قُلت امتحانَ قداسةِ أحدِهِم حَسَبَ هذه الأشياء، بل يجدرُ بالحريّ امتحانُهُم حَسَبَ ثِمارِهِم  كما يقول ربّنا: «مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ» (متّى 7: 16). تَظهرُ ثِمارُ الأشخاصِ الروحانيّينَ الحقيقيّين كما قالَ بولس الرسول: «وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ» (غلاطية 5: 23-22). إن كانَ أَحَدُهُم يمتلك هذِهِ الفضائل، سواءَ اجترح معجزاتٍ أم لا، فَمِنَ الواضحِ أنّ هكذا إنسانٌ هو قدّيسٌ وصديقٌ لله. لأنّهُ لا توجدُ نِعمةٌ من دونِ موهِبةٍ روحيّةٍ لأصدقاءِ الله الحقيقيّين. فَهُم يَحصُلونَ إمّا على كلماتِ حكمةٍ، أو كلماتِ معرفةٍ، أو على الإيمان، أو على موهبةِ الشّفاءِ، أو على أيِّ شيءٍ آخرَ قد سبقَ و ذَكَرَهُ الرسولُ بولس حينَ تكلّمَ عن مواهِبِ الروح القدس. (1كورنثوس 12: 11-7). من دونِ هذِهِ الثّمار، ذاك الذي يصنعُ المُعجزاتِ ويتنبّأ، إنّما هو واحدٌ من أولئك الذينَ سيقولونَ في ذلِكَ اليوم: «يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!» (متّى 7: 23-22). وهذا بالطّبع يُقال للمسيحيّينَ الأرثوذكسيّينَ الذينَ يصنعونَ المُعجزات أيضًا.

غيرَ أنَّ الهرطوقيَّ الذي يصنعُ المعجزاتَ ويتنبّأ، هو من الواضحِ موضِعُ سخريةٍ للشّياطين، بالرغم من اعتقادِهِ بأنّ صانعَ هذه العجائب هو الله. إنَّ الشّياطين بالطّبع لا تمتلكُ معرفةً مُسبقةً لأيِّ شيءٍ سَيَحدُث أو لأيّ شيءٍ سرّيّ، وَحدَهُ الله يمتلكُ تلكَ المعرفة، وحدَهُ الذي يَعلم بكلِّ شيءٍ قبل حدوثِه، كما يقولُ عبر النبيِّ أشعياء: «وَمَنْ مِثْلِي؟ يُنَادِي، فَلْيُخْبِرْ بِهِ وَيَعْرِضْهُ لِي مُنْذُ وَضَعْتُ الشَّعْبَ الْقَدِيمَ. وَالْمُسْتَقْبِلاَتُ وَمَا سَيَأْتِي لِيُخْبِرُوهُمْ بِهَا» (أشعياء 44: 7). تُخبرُ الشّياطينُ النّاس بما تسمَعُهُ وتَراه، أو تَعرِض مُعظَمَ الأشياءِ كما «تُقَدِّر» من خلالِ بعضِ الرموزِ أو العلامات. مثلاً: إنّها تُوحي لِأحَدِهِم بحُضورِ مسافرٍ، لكنّ بعدَ أن تكون قد رأتهُ قادمًا على الطّريق، فتُعلن وصولَهُ قبل أن يَصِل. كما أنّها تَستَرقُ السّمعَ عندما يتكلّم النّاس، خاصّةً خلالَ نقاشاتهم، مِن ثَمّ تُفضي بالحديثِ لِمَن تشاء، وأشياءُ أخرى كهذه قد سَمِعَتها ورَأتها وأفضَت بها إلى النّاس، بما في ذلكَ خُصوبة ثِمار الأرض، العُقم، حركةُ الرياحِ والأمطارِ، مواعيدُ الأمطارِ الغزيرةِ، الجفافُ والشّتاءُ القاسي، وأشياءَ مماثلة تُخبرُ بها مُسبقَا مميّزةً إيّاها بعلاماتٍ معيّنةٍ، تمامًا كما يفعلُ النّاس. كما ويحدُث أن تعلمَ بأفكارِ وقراراتِ البعض، معتمدةً على بعضِ الكلماتِ والعلامات.

ليسَ هذا ما تُخبِر به الشّياطينُ النّجِسَة فَحَسب، بل إنّها تُخبِرُ أيضًا بِموت النّاس. بسببِ علاماتٍ معيّنة تضعُها العنايةِ الإلهيّة فوقَ أجساد النّاس، خاصّةً على وجوهِهِم، وهي عادةً ما تقوم بذلك قبل وقتٍ طويل، كما وأيضًا قبل الموتِ بفترةٍ قصيرة، كما يقول أولئك الذين يمارسون علم الطبّ بمهارةٍ ودِقّة.

حتّى إنّ البعضَ يؤكد على أنّ سكان الصحراء (العرب المشارقة) ذوي الخبرةِ والمعرفةِ، لديهِم تلك القُدرة على التكهّن بالموت، الذين في أوقاتِ الحروبِ يعلمون جيّدًا مَن الذي سيموت، من خلال علامةٍ مميّزة. هكذا تفعل الشّياطينُ أيضًا، كونها أكثرُ إدراكًا بطبيعَتِها من أولئكَ الذين يعيشونَ في أجسادٍ ماديّة، تُنبىء بموتِ النّاس. بما أنّها أرواحٌ غير متجسّمة، فإنّها تبحثُ وتُحقّقُ وتَعلَم أكثرَ من جميعِ ممارسي عِلم الطّبّ قوّة النّاسِ وحركاتِهم، وفائض وعجز وجودِهِم الحيويّ، وبالتّالي، بالرّغم من عدم دِقّتها، تستطيعُ أن تتكهّن بِمَوتِ النّاس.

نستطيعُ قولَ نفسِ الشّيءِ عن العرّافين والمُشَعوذين.

فعندما ترى الشّياطين السّارق وتَجدُ الغنيمة، تُفضي بالخَبَر. كما يحدثُ عند رؤيتِها للأمطارِ الغزيرة في "إثيوبيا" مثلاً، تستطيع التّكهّن بأنَّ مستوى المياه في نهر النّيل في مِصر سيرتفِع. لكن إن سألَها أحدُهُم بمقياسِ كَم ذراعٍ أو إصبعٍ سترتفعُ المياه، لن تستطيعَ الإجابة، ممّا يؤكدُ أنّها لا تعرفُ شيئًا.

كما وأنّها تُولّد انطباعًا عبرَ أنبياءَ كَذَبَة، لأولئكَ الذين يؤمنونَ بذلك، أنّ باستطاعتِهِم القيامَ بمعجزاتٍ وشِفاءَ أمراضٍ جسديّةٍ، لخداعِهِم هُم وغيرهم، فَيَعرُضونَ شخصًا ميتًا ويوهِمون النّاظرين بأنّهم يعيدونَ إحياءَهُ.

يَعرِضونَ كلّ ذلك لِمَن يعيشونَ في الأوهام. إنَّ ما يحصلُ حقيقةً هو أنّ شيطانًا يدخُلُ جَسَدَ الإنسانِ الميتِ، ويَهُزُّهُ، أو يومىء برأسِهِ، موحيًا بأنّ الميتَ قد بُعِثَ إلى الحياةِ مجددًا من خلالِ صلاةِ الدجّال العقيمة. حتّى أنّ الشيطانَ سيقولُ أشياءَ بالنّيابةِ عنِ الميتِ، عبرَ الشخصِ الذي يُجري الخُدعة، عمّا يريدُهُ وعن الأشياءِ المطلوبةِ، كاشفًا عن أشياءَ قد قيلَت أو صُنِعت سرًّا بين النّاس، لأنّ الشّياطين تَعلَمُ بالكلماتِ التي قيلَت بالضّبط إذ إنّها كانت موجودةً سريًّا بين النّاس خلال وقتِ المحادثةِ. لِيُنَجّنا الله من ضلالاتِ الأساقفةِ الهرطوقيّين!

وبالفعلِ قد التقينا بأسقفٍ هرطوقيّ في "كيزيكوس"، مدينةَ مناصري "مقدونيوس" عدوّ الروح القدس، الذي زعَمُ أنّه نَقَلَ شجرةَ زيتونٍ بِصلواتِهِ من مكانٍ إلى آخر، لأنّها كانت تَحجبُ النّور عن شبّاك بيتِ صلاتِهِ الملعون.

واطّلَعنا أيضًا على قصّةِ شخصٍ كان يُقرض النّاسَ المال، وكان يُعَنّفُ أرملةً بسببِ دَينِ زوجها المتوفّي، طالبًا منها دفعَ مبلغٍ أكبرَ من ذاك الذي أقرضَهُ لزوجِها. عندما عَلِمَ الأسقفُ الهرطوقيّ بذلك، وقبل دفنِ الزّوج، في طريقهِم إلى القبر، أوقَفَهُم الأسقفُ وجَعَلَ الميتَ يتكلّم ويُخبِره بمبلغِ الدَّينِ الذي كان مستوجبًا عليه.

حتّى عندما توفّيَ الهرطوقيّ، حدثت بعضُ الأشياءِ الغريبة والأعاجيب عندَ ضريحِهِ.

لهذا السّبب لا يجدر بنا اتّخاذ كلّ صانع عجائب قدّيسًا، بل علينا امتحانُهُ، كما قال التّلميذ يوحنّا: «أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَم» (1يوحنّا 4: 1).

وكما يقولُ بولس الرسول: «لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ» (2 كورنثوس 11: 13).

لا نتعجبنّ لهذا، «لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ» (2 كورنثوس 11: 14). هذا ليسَ بالأمرِ العظيمِ إذًا، إن كان خدّامه يحوّلون أنفسهُم إلى خدّامٍ للبِرّ، الذينَ نهايتُهُم ستكون حسبَ أعمالِهِم. إضافةً إلى ذلك، عندما سيأتي المسيحُ الدجّال، بِسماحٍ منَ الله وبمساعدةٍ منَ الشّياطين، سوف يقوم بعلاماتٍ كثيرَةٍ وعجائبَ كاذبة، حتّى يُضلَّ غيرَ المؤمنينَ ويَمتَحَنَ المؤمنين.

وما الغريبُ في ذلك إن كانَ سيصنعُ عجائبَ عظيمة بمساعدةِ الشّيطان؟ في حين أنّنا نعلمُ أنّ سحرةً ومشعوذينَ غيرهُ قد صنعوا عجائبَ عديدة سابقًا بقوّةِ الشّياطين، من بينِهم "يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ"، اللّذّان في أيام "موسى" استطاعا أن يحوّلا صولجانَيهما إلى حيّاتٍ، والماءَ إلى دمٍ، وأخرجا أعدادًا هائلةً من الضفادعِ من المياهِ حتّى غطّت أرضَ مِصر كلّها.

وَكَم منَ العجائبِ العظيمةِ قد صَنَعَ "سيمون السّاحر" الذي عاصَرَ التّلاميذ؟ فقد استطاع حقيقةً أن يجعل تماثيلاً تمشي، وأن يتدحرج في النّيران دونَ أن يحترقَ. كما استطاعَ أيضًا أن يطيرَ وأن يحوّل الحجارةَ إلى خبزٍ. حوّل نفسه إلى حيّةٍ وإلى حيواناتٍ أخرى. تحوّل إلى شخصَين، حوّل الأشياءَ إلى ذهبٍ، فَتَحَ أبوابًا مقفلةً، كَسَرَ قيودًا حديديّة، خلالَ حفلاتِ العشاء جعلَ هيئاتَ مشاهيرٍ مختلفة تظهرُ أمامَ الحاضرين، جَعَلَ أواني الطّعام تَحضُر وتَخدمُ بنَفسِها الضّيوف دونَ أن يرى أولئك من أحضرَها. جَعَلَ العديدَ من الظّلالِ تقودُ الطّريقَ أمامَهُ قائلاً أنّها أرواحُ الأموات. عَقَدَ الصُّلحَ مع من كانوا يدعونَهُ "وغد"، من ثمّ بِحُجّة الاحتفال بالمناسبة، ضحّى بِثَور وقدّمَهُ على الغداء لضيوفِهِ فأخضعَهُم لشياطينَ وأمراضَ مختلفةٍ. وعندما استدعاهُ الإمبرطور يومًا، خافَ وهربَ مُعطيًا وجهَهُ لشخصٍ آخر.

حتّى أن السَّحَرَة "جوليانوس، وأبولونيوس، وأبوليوس" خلالَ فترة حُكمِ الإمبرطورِ "دوميتيان"، قاموا بآياتٍ عظيمةٍ مختلفةٍ، واحدةٌ مِنها قصّة حافَظَ عليها كبارُ السّن. انتشر مرّةً مرضٌ قاتلٌ في روما تُوفِّيَ الكثيرُ من النّاسِ بسبَبِهِ. فطلبَ الإمبرطورُ والشّيوخُ من أولئك السّحرة مُساعَدَةَ المدينةِ التي كان المرضُ يفتُكُ بها.

قال أبوليوس آنذاك: « سأوقِفُ  الوباءِ الذي اجتاحَ ثلثَ المدينةِ خلالَ خمسةَ عشرَ يومًا».

من ثمّ قال أبولونيوس: «وأنا سأوقِفُهُ  في الّثلثِ الآخرِ خلالَ عشرةِ أيّامٍ».

فأجابَ الأكثرُ تميُّزًا بينَهُم، الذي كانَ الأقرب إلى الشّيطان في غرورِه، جوليانوس: «ستُدَمَّر المدينةُ كاملةً خلالَ خمسةَ عشرَ يومًا ولن تنتظر منّا المساعدة، لذلك في الّثلثِ الأخيرِ من المدينةِ الذي يَخصُّني أنا، سيتوقفُ الهلاكُ النّاتجُ عن الوباءِ ابتداءًا من هذه اللحظة». وبالفعلِ حدثَ ذلكَ.

وحين ترجّاه الامبرطور لإيقافِ الوباء الذي كان ينتشرُ بسرعةٍ في الجزئَينِ المتبقيَينِ، حقّق له مطلَبَهُ.

في بعضِ الأمكنةِ، لا تزالُ خِدَعُ شعائِر "أبولونيوس" تُجري العجائبَ حتّى اليوم، لكن بهدفِ إبعادِ الحيوانات ذاتِ القوائمِ الأربعةِ والطّيور التي تُشكّلُ خطرًا على النّاس، والبعضُ يستخدمُها للتحكّم بتيّارات مياهِ الأنهر المتدفّقة بغيرِ انتظام، والبعضُ الآخرُ يستخدمُها لتفادي حوادثَ ممكن أن تتسبّب بأذى أو ضرر للنّاس.

لكنّ الشّياطين لم تَقُم بكلّ ذلكَ من خلالِهِ عندما كان حيًّا فقط، بل حتّى بعد وفاتِه، على أيدي أولئكَ الذين إستمرّوا بصُنعِ عجائبَ مختلفة باسمِهِ عند قبرِه، لخداعِ الذين يتأثّرونَ بسهولةٍ بأشياءَ مماثلة من الشّيطان.

ماذا يُقال أيضًا عن أعمال سِحرِ "مانيثو"(Manetho) الذي اشتَهَرَ جدًّا بالخداعِ السّحريّ لدرجةِ أنّهُ لطالما سَخِرَ من "أبولونيوس" الذي من مدينة "تيانا"، « الذي ربّما لم يمتلك الخِبرةَ الدّقيقةَ لذلك الفنّ»، كما يقول مانيثو: « لأنّه كان يتوجّب عليهِ امتلاكها، مثلي، ليتمّمَ بكلمةٍ ما أراد ُصنعَهُ، بدلًا منَ اللّجوءِ للطّقوس التي كان يمارسُها».

 

المصدر:

http://www.johnsanidopoulos.com/2016/04/how-do-non-orthodox-christians-work.html